ماذا تعني مساحة 551 مليون متر مربع من الأرض؟؟ إنها تعني نسبة 0.03% من مساحة المملكة تقريبا، ولو أردنا الاستفادة من هذه المساحة، فإنها كافية لتوزيعها على 1.377.500 (مليون وثلاثمائة وسبعة وسبعين ألف وخمسمائة) مواطن كأراضٍ سكنية بمساحة 400 متر مربع لكل أرض. أما لو أردنا استثمارها لإنشاء مرافق عامة، فإنها تكفي لإنشاء (55100) مدرسة بمساحة 100×100م، أو (13775) مركزا صحيا نموذجيا بمساحة 200×200م، أو (2204) مستشفيات عامة بمساحة 500×500م، أو (551) حديقة شاسعة بمساحة مليون متر مربع للواحدة. إنها مساحة تكفي لأشياء كثيرة لو كانت تحت يد الدولة، لكنها للأسف كانت منهوبة بالتزوير والاحتيال إلى أن تم تحريرها مؤخرا واستعادتها من ناهبيها. لقد قامت لجان التدقيق التي شكلتها وزارة العدل في بداية عملها باكتشاف هذا التزوير التاريخي والنهب العظيم لتلك المساحة الشاسعة الموزعة في أكثر من منطقة، ثم اكتشفت أيضا وجود نحو 18 صكا مشتبها به على مساحات لا تقل عن المساحة السابقة، وجارٍ العمل على إنهاء إجراءاتها، وتؤكد اللجان أن كل هذه الجرائم تمت عن طريق التحايل بين كتاب عدل في عدد من المحاكم قاموا بإصدار الصكوك بطرق غير شرعية، ولم تكتمل مسوغات استخراجها، إضافة إلى اختفاء أصول بعضها عمدا من المحاكم التي استخرجت منها. أي أنها جريمة منظمة ارتكبها بعض رجال القضاء لصالح القادرين على الاستحواذ ودفع الثمن الذي حتما سيكون كبيرا مقابل تزوير كبير، وتقول لجان التدقيق إنها حصرت أسماء كل المتورطين تمهيدا لإحالتهم إلى الجهات المختصة لمحاسبتهم. من هذه الفضيحة نستشف واحدا من أهم أسباب شح الأراضي لإنشاء المشاريع الحيوية، وانتظار المواطن سنوات طوالا للحصول على منحة الأرض التي كفلتها له الدولة، ونشوء مافيا مضاربات العقار واحتكار سوقه. ولكن إذا كنا اكتشفنا الأطراف المنفذة للخطوة الأخيرة في استخراج الصكوك المزورة، فإنه من المهم جدا كشف كل أطراف سلسلة الفساد الهائل الذي استطاع تجهيز وتمرير هذه العمليات الضخمة، ولا بد من فضح المتورطين أمام المواطنين وإعلان العقوبات التي توقع عليهم، والأهم من ذلك كله أن يتم اتخاذ التدابير الكفيلة بعدم تكرار ما حدث. إنها فضيحة كبرى بكل المقاييس أن تتحالف البعض مع اللصوص لنهب الوطن.