أكد سبعة شعراء شاركوا في أمسية الجنادرية الأولى أن الشعر عصي على التعريف، وأعصى منه اعتقاله أو اختزاله، ويتعذر على المتابع أحيانا المفاضلة بين مهرة في استيعاب اللغة وتكثيفها وتوظيفها للتعبير عن قضية إنسان أحب أو تغرب أو تعذب، إضافة إلى معاناته من أسئلته القلقة في ظل قاطرة عابرة الحياة. كانت البداية مع الشاعر فواز اللعبون الذي استهل الأمسية بقصيدة «عشرين عاما» اشتغل فيها على تعالق الصور وتقابل المفردات، ما أوحى باستخدام واعٍ للغة، فيما أطلقت الشاعرة العمانية خاطرة بن سعيد صرخة الرفض تبنت صوت بنات جنسها في نص «عبس تطارد فتاها»، مؤكدة أنها لم تكن ذنبا ولن تطلب المغفرة، وتجلت خبرة الشعراء في نص الشاعر محمد جبر الحربي الفارس «المطعون»، إذ عبر بوعي عن أزمة الشاعر مع نفسه وبيئته وأدواته وكرر في نهاية كل مقطع «وددت تقبيل السيوف لأنها لمعت ولم يحضر أحد»، فيما نجح الشاعر المصري هشام الجخ في إغراء عائلات بكامل أفرادها لحضور أمسيته، إذ اكتظت القاعة بجمهور يحفظ نصوصه ويرددها معه، وبرغم أن الجخ قال «جاءتني نصائح أن أحترم نفسي وأغفل بعض النصوص»، إلا أنه بدأ بنص «التأشيرة» ليشرح فيه واقع العالم العربي المؤسف بجغرافيتها والمؤمل بتاريخها وبنزعات الخير في شعوبه، وحضر الشاعر السوري وليد قصاب بنص «من حكايات جدتي» بلغة بسيطة، ولكنها عميقة أحالت إلى سياقات ومناسبات وصور معاناة تبدأ ولا تنتهي، فيما نجح الشاعر زايد حاشد في حضوره ربما لأول مرة في امتلاك زمام اللغة والتعبير عن ذاته في نص «مس ونبذ حصى»، ليجمع الشاعر جاسم الصحيح في عباءة شعريته المتجاوزة مرونة اللغة وتطويعها لتعبر عن هم ما ورمزية تميل أحيانا إلى النقد الساخر، كما قال في نص «سأشيخ كي تبقى الحياة صبية»، «نار المحبة تستحق ضحية»، وجاءت مشاركة الشاعر العراقي عبدالرزاق الربيعي من خلال نص «أعيدوا إلي يدي لأمسك ما راح من ريح عمري» المضمخة بشعرية التناوب بين الدال والمدلول، فيما اختتمت الأمسية بحضور مائز للشاعر العراقي عدنان الصائغ بقصيدة «العراق والحلاج العراق الذي يبتعد»، والتي قال فيها: كلما اتسعت في المنافي خطاه والعراق الذي يتئد كلما انفتحت نافذة.. قلت آه والعراق الذي يرتعد كلما مر ظل تخيلت فوهة تترصدني، أو متاه والعراق الذي نفتقد نصف تاريخه أغان وكحل ونصف طغاة. فيما أدار الأمسية الإعلامي الدكتور غنام المريخي.