كسرت أولى الأمسيات الشعرية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة مساء الخميس الماضي في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات كل التوقعات بأن تكون أمسية عادية قليلة الحضور، مثلما حدث للندوة الأولى ظهر اليوم نفسه التي كانت حول المملكة والأمن القومي العربي، إذ لم يحضر سوى المشاركين وبعض ضيوف المهرجان. جاءت الأمسية صاخبة ومتنوعة وكثيفة الحضور بشكل لم يسبق له الحدوث، وصفق الحضور الذي غلب عليه الطابع المصري في طريقة تلقي الشعر طويلاً. غلبة الحضور المصري، الذي كان نجم الأمسية بلا منازع، وكثافة الحضور سببهما مشاركة الشاعر هشام الجخ، الذي قدم استعراضاً وليس مجرد قراءة قصائد. ما إن أطل الشاعر الجخ حتى علا تصفيق حار من الجمهور المصري، كانت لحظة أشبه بدخول لاعب كرة قدم أو نجم رياضي حلبة مباراة، إذ هتف الحضور باسمه. وبخلاف ما هو مجدول في البرنامج، إذ كان يفترض أن يكون عدد الشعراء ستة، تحولوا إلى سبعة، وبدلاً من أن يديرها الشاعر جاسم الصحيح تحول الصحيح إلى مشارك في الأمسية، فيما أدراها الإعلامي غنام المريخي. بدأ الأمسية الدكتور فواز اللعبون بقصيدة «عشرون عاماً»، وقصيدة «أنثى السراب»، ثم تبعته الشاعرة العمانية سعيدة خاطر بقصيدة «عبس تطارد فتاها»، وتلاها الشاعر محمد الحربي بقصيدته «لم يسمع أحد». بعد ذلك جاء دور الشاعر المصري هشام الجخ الذي قال إنه لم يعتد أن يلقي قصائده جالساً، فسمح له أن يلقي قصائده واقفاً في مكان بعيد عن المنصة على العكس من الشعراء، بعد أن قال إنه لن يلتزم بالتعليمات في مثل هذه الأمسيات، إذ أفصح الجخ أن هناك من صب في أذنيه العديد من النصائح بأن «يحترم نفسه» وألا يلقي قصائد معينة، عندها تعالت صيحات الحضور مطالبة بقصيدته الشهيرة «التأشيرة» والتي يوجه فيها رسائل إلى الحكام للعرب ويرثى حال الأمة العربية من التفرق والتشرذم، ساخراً من مقولة «بلاد العرب أوطاني» وردد الجمهور أبيات القصيدة مع الشاعر. وعلى رغم التصفيق الحار والصخب الذي أثاره الجخ، فإن بعض الحضور علق على هامش الأمسية بأن تلك الحركات الاستعراضية التي قدمها الجخ خلال قراءته الشعر تعوض عن فقدانه الشاعرية الحقيقية، مؤكدين أن قصائده ركيكة. فيما ألقى الشاعر السوري وليد قصاب قصيدة «من حكايا جدتي»، قوبلت بالتصفيق. ثم ألقى الشاعر زايد الكناني قصيدة «مس» وبعده قرأ جاسم الصحيح قصيدته «سأشيخ». وقبل أن تنتهي الأمسية صعد الشاعران العراقيان عبدالرزاق الربيعي وعدنان الصائغ المنصبة وقرآ بعض شعرهما، وجاءت القراءة كتعويض لهما عن الأمسية التي يفترض أن يشاركا فيها في جدة، لكن وقتهما حينها لم يسمح، فتم إشراكهما في الأمسية الأولى.