يلوح بخاطري البيت الشعري العظيم لأبي الطيب المتنبي إن صحت نسبته إليه مع الحديث عن زلزال جازان قبل أسبوعين، ولعل الذي يحمل على تذكر ذلك البيت الشعري الأنموذجي في حسن التعليل بل قبحه الفاضح هو ذلك الصمت الرهيب الذي قوبلت به تلك الزلازل والهزات من قبل بعض المسؤولين في أكثر الجهات المعنية بحدث مروع كهذا. إذ لم يجد المواطنون في جازان أكثر من بضعة تطمينات رسمية عن أن الوضع تحت السيطرة وأن الوضع غير مخيف، وقد أخذت الجهات المعنية كافة التدابير والاحتياطات اللازمة في حال حدثت هزات مماثلة، مع إصرار كبير على أن ما حصل إنما هو بضع هزات وليست زلازل!! بعض المسؤولين في المؤسسات المعنية بمثل هذا الحدث التزموا الصمت، في حين تحرك بعض المختصين تجاه الإعلام محذرين من كارثة قد تحل بجازان، استنادا إلى طبيعة أرضها وتربتها وتاريخها الجيولوجي! وهنا يأتي الهلع ويتزايد.. إذ إن مرحلة البين بين هذه هي أكثر ما يثير الخوف ويشيع الذعر، بين مختص يحذر، وإشاعات تخلط الصدق بالأكاذيب.. لنحمد الله على أن هذه (الهزات) المتوالية مرت بسلام ولم تسجل فيها إصابات ولا خسائر، لكن ماذا عن القادم؟ لنعتبر أن هذا الزلزال هو زلزال تجريبي، فهل استفاد منه مسؤولونا؟ هل استفاد منه المواطن وعرف كيف يتقي الكارثة التي قد تحل في أي وقت؟ أم أن الجهات المعنية ومسؤوليها ينتظرون قصائد الشعراء، وبراعة «طبولهم» في تعليل الكارثة وتحسين صورتها وتهوينها على الناس؟ أو يكتفون بحلقة من برنامج داود الشريان (على طريقة الاستعانة بصديق!) ليسمع فيها الناس تطمينات مواربة وتهدئة تناقض ما صرح به بعض المختصين أنفسهم قبل ذلك! لا أعتقد أن المشكلة تكمن في أرض جازان وطبيعتها الملحية أو البركانية، أو وقوعها على أذرع زلزالية كما يقال، مشكلتنا ليست في الأرض، بل في بعض المسؤولين الذين لا يتفاعلون مع الواقع جيدا..! ولا أزيد!. [email protected]