لا يمكن فصل موضوع إنشاء «الهاشتاق» وثقافة «الهشتقة» عن سلوكيات اجتماعية «مرفوضة» تعتمد النميمة والغيبة في المجالس، حيث هناك هاشتاقات شكلت مركز عمليات رائع لمتابعة حالات إنسانية في طلب فصائل دم نادرة وعمليات إنقاذ، فيما شكلت في الناحية الأخرى واقعا مؤسفا في التناول السلبي لبعض الشخصيات، أو بعض الموضوعات دون التأكد من مصداقيتها. «الهاشتاق» هي كلمة تأتي بعد علامة (#) الفائدة منها حصر جميع المشاركات التي تتحدث بموضوع ما بصفحة واحدة، وهي الطريقة المتبعة من قبل المغردين للتنبيه لموضوع ما، واستغله البعض لترويج شائعة أو فتح النار على شخصية لا تعجبه أو يريد التشهير بها فيجمع كل من له رأي في تلك الشخصية تحت «هاشتاق» واحد. وأوضح الدكتور علي شويل القرني رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال أن أهم ما رسمه تويتر على خارطة المغردين هو تكبير الصغير وتصغير الكبير، كبار حط من قدرهم وصغار رفع من شأنهم، وهذا ما يمكن أن نسميه «مقرطة» الاتصال الجديد أو الإعلام الجديد التي انتزع القيادة التقليدية من كبار القوم وسلمها لصغار القوم، وصغار القوم هم منا وفينا، ولكنهم قفزوا على سلالم المجد وترقوا على أكتاف الغير، وهذه حقائق جديدة يجب ان تكون امام أنظار كل من تشارك في «لقمة» الإعلام الجديد. وأضاف القرني الكثير من كبار القوم من مختلف شرائح النخب والانتلجنسيا كانوا يتوقعون أن احتفالات الصحافة والإعلام التقليدي ومجالس الأربعاء والخميس والاثنينيات والثلوثيات والاحديات سترفعهم أمام الملأ وستضيف إليهم نجومية على نجوميتهم، ولكنهم بعد فترة قصيرة انتبهوا إلى ان السقوط ممكن والهاوية قد تتلقف نجوميتهم، والبعض منهم أدرك ذلك ولكن متأخرا بعد أن نال منهم الصغير والكبير والقاصي والداني. وأشار إلى أن «الهاشتاق» قصة صغيرة داخل قصة كبيرة، ولكنها أثبتت انها «وكالة الأنباء الذاتية» إذ تتلقف كل شاردة وواردة وتقذف بها إلى غياهب الانترنت دون فحص أو تمحيص، وأصبح في داخلنا قمقم اسمه «هاشتاق»، وإذا نظرنا بموضوعية سنجد أن الغث والسمين موجود في «هاشتاقات» الأسماء التي تحمل عناوين وتحمل موضوعات، وهي نافذة تنويرية بانورامية نتفقد من خلالها ما يدور في عالمنا الكبير ومحيطنا الاجتماعي، ولكنها تظل ذاتية العرض أحادية التفكير نمطية الاتجاه، وتنال هذه المشاركات من كل شي قامات ومؤسسات وقيم وتاريخ دون ترو أو تفكير. وبين أن «الهاشتاق» أصبح وكالة أنباء يكتبها الناس لأجل الناس ولأجل المؤسسات، وفيها تصفية حسابات شخصية، وفيها مصادرة آراء وفيها تعد على القيم والممتلكات والأعراض أحيانا، وعلى الرغم من ذلك فسيظل «الهاشتاق» موجودا مستمرا ومتناميا، وسنظل نبحث عنه ونفتش عن محتوياته ومضامينه ومناخاته نحاول أن نقف على أسراره وتأثيره، «الهاشتاق» أصبح علامة فارقة في نجومية الإعلام الجديد، وأصبح واسطة العقد بين منظومة الإعلام الجديد شئنا أم أبينا. إيجابيات واضحة ويضيف الدكتور فايز بن عبد الله الشهري كاتب وباحث في الإعلام: أولا «الهشتقة» أو ما سمي باللغة العربية (الوسم) هي من الأفكار الذكية للتركيز حول موضوع أو قضية أو حتى شخص ما وجذب مستخدمي «تويتر» للتعليق والمشاركة في القضية المثارة. وفي المملكة تعد «الهشتقة» أو الوسوم في الفترة الحالية نشاطا يوميا حيويا في كثير من القضايا العامة والخاصة، ومن يرصد مثل هذا الحراك اليومي مع «تويتر» سيجد أن الإيجابيات واضحة في توظيف مثل هذه الوسائل من قبل مؤسسات وجمعيات وأشخاص جعلوا من هذه الوسائل أدوات لخير الإنسان وتنمية المجتمع، أما الجوانب السلبية فهي أيضا بكل أسف ظاهرة ولكنها في النهاية ستظل سلوكيات مرفوضة على الانترنت كما هي في الواقع ولذلك نجد أن الإساءات يكثر فيها استخدام الأسماء المستعارة. وأضاف: أما من الجانب السلبي فلا يمكن فصل موضوع إنشاء «الهاشتاق» وثقافة «الهشتقة» عن سلوكيات اجتماعية «مرفوضة» تعتمد النميمة والغيبة في المجالس والصالونات. في عصر التقنية ظهرت الأدوات الجديدة كبديل مزعج من خلال الشاشة كوسيلة. الجديد في موضوع الإساءات الالكترونية أو نسميه «الهشتقة» السلبية هنا هو توثيق هذه السلوكيات على مرأى من الناس، وبالتالي الخشية أن تشكل هذه السلوكيات قوالب ثقافية تسهم في تعليم النشء الجديد من مستخدمي هذه الشبكات الكثير من السلوكيات الخاطئة. وقال: هناك جانب ايجابي وهو أن هناك مؤسسات وأشخاصا يوظفون هذه الخدمة الإلكترونية لنشر المبادئ الخيرة ومكافأة أصحاب المبادرات الإبداعية و الإنسانية. وقد نجحت هذه «الهشتقة» الإيجابية الجماهيرية في المكافأة المعنوية لمن أغلفتهم المؤسسات وصارت الإشادة الجماهيرية التي يشترك فيها كل المهتمين بمثابة مكافأة فورية لمن قام بعمل خير. وبين أن هناك «هاشتاقات» شكلت مركز عمليات رائعا لمتابعة حالات إنسانية في طلب فصائل دم نادرة وعمليات إنقاذ، وكذلك مساعدة محتاجين وبالطبع كان هناك حالات احتيال استغلت النوايا الخيرة للناس، وفي النهاية الوسائل الحديثة تعبر عن قيم اجتماعية وسلوكيات فردية تسهل للمعنيين بعلاج الظواهر الاجتماعية تمييزها وتشخيصها ومن ثم دراستها ومعالجتها.