ما أطيب الحياة حين تتوج بالأخلاق الفاضلة وتتوشح بالسلوك الحسن، إن أجمل ما في الحياة القيم الرفيعة النبيلة التي يتحلى بها الإنسان، لقد أوجد الله في مدارك الإنسان وفي مشاعر وجدانه ما تدرك به فضائل الأخلاق، وهذا يعني أن الأخلاق فطرية وهو مشاهد، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس (إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة) قال يا رسول الله، أهما خلقان تخلقت بهما، أم جبلني الله عليهما، قال (بل جبلك الله عليهما). فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما ورسوله. فالناس يشعرون بقبح العمل القبيح وينفرون منه، وبحسن العمل الحسن فيميلون إليه، لذلك هم يمدحون بفطرتهم فاعل الخير ويذمون فاعل الشر.. فالإنسان لديه بصيرة من فطرته يحاسب بها نفسه محاسبة أخلاقية على أعماله ومقاصده ولو حاول الدفاع عن نفسه وإلقاء المعاذير على غيره. ورغم ذلك، فالإنسان بإمكانه أن يكون أخلاقيا من دون أن يشعر بالنقص والحرمان إذا ضبط شهواته وحركها ضمن القيم المثلى في الحياة. ففي الإنسان طبع وفيه فطرة، الطبع مرتبط بجسده وبشهواته ومطالبه وميوله ونوازعه، والفطرة مرتبطة بنفسه، بقيمها، بمبادئها، طموحاتها سعادتها، الكمال البشري يتناقض مع الطبع ويتوافق مع الفطرة، فالجسد يميل إلى الراحة وهذا يقتضي أن يأخذ لا أن يعطي، أن يستهلك جهد الآخرين لا أن يبذل الجهد لهم، والخلق الكريم يقتضي أن يدع الراحة والاسترخاء وأن يبتعد عن المتع التي لا تحل له، وأن يعطي من وقته وجهده وماله للآخرين، فمثلا جسده مجبول على قبض المال، ونفسه ترتاح لإنفاق المال وإلى إسعاد الآخرين فالأخلاق الكريمة هي المفتاح الذهبي لقلوب الآخرين وللنفس البشرية والتي حث الشرع على الاستمساك بها، تلك الأخلاق العظيمة التي تعلي من شان العدل والإحسان والمساواة والرحمة وكل القيم الفاضلة. جواهر العنقاوي (مكةالمكرمة)