طالبت الأرامل والمطلقات وبعض نزيلات دور الأيتام في عدد من المدن، بتوفير أبسط المقومات لهن للارتقاء بمهاراتهن، والعمل على تحفيزهن وصولا إلى الإبداع، والعمل على تمكينهن من القدرة على توفير احتياجاتهن بأياديهن، وبعرق جبينهن، بدلا من الاتكالية على الإعانات التي لازالت الكثيرات ينظرن إليها على أنها أقل من المأمول وأدنى من المتوقع وأبخس من المقدر. اعتبرن أن الكثيرات منهن يعانين شظف العيش؛ نظرا لغلاء المعيشة، وجشع التجار، فيما تتبدد أحلامهن في التعرف على داعم لمشاريعهن الإنتاجية الصغيرة، مشيرات إلى أن مفهوم المشاريع المتوسطة يبتعد عنهن كثيرا، كما ليست هناك أكثرية يمكنها أن تتحول إلى أسر منتجة بما ينفعها ويفيد غيرها، وذلك بسبب عملية ما تشبه العزلة لمشاريع الأيتام واليتيمات. وأكدن أن غلاء المعيشة في المواد الغذائية والحاجات الأساسية كالملابس مقارنة مع ما يتقاضونه من الضمان الاجتماعي والمقدر 62 ريالا مخصصة للمواد الغذائية إضافة إلى الإعانة المقدرة 800 ريال، ولا تكفي حتى لتلبية بعض من حاجاتهن، وهو أمر مرهق للغاية فالجشع الموجود في السوق في كل مرة يزداد ولا يثبت مقارنة مع المبلغ الذي يقدمه الضمان الاجتماعي والذي يعد ثابتا، مبينات أن الخدمات المقدمة لهن من الجمعيات الخيرية الدوائية والغذائية لا تشمل الجميع، وهناك فئات لا تحصل على خدماتها، بالإضافة إلى أن ما يتم الحصول عليه لا يأتي إلا بعد طول انتظار، وبعد أن يتسرب اليأس إلي قلوبهن، ومن بعد هذا تكون الخدمات أقل من المستوى المأمول، ولا بقدر حجم الإعلانات التي يروجها المسؤولون عن دعم هذه الفئة، والتي تؤكد أن الأيتام هم أهم فئة مستفيدة من خدماتهم. وأوضحن أن من بين المشكلات التي تعيق قضاء مشاوريهن الهامة المواصلات العامة سيارات الأجرة، حيث يفرض أصحاب السيارات رسوم توصيل عالية الأجرة ولا يوجد هناك من يضبط ثمن الخدمة المستحق دون المبالغة المفروضة، وتمنين أن تكون هناك معايير وأسعار محددة ومعروفة للتوصيل حتى لا يقعن في خداع بعض المبالغين وفي نفس الوقت تناسب إمكانياتهن المادية. وفي ظل الأزمة السكنية، بينت العديد من الأرامل والمطلقات أن إيجارات الشقق دائما في ارتفاع مهول، وأصبح الموظف والموظفة يعانون منها ولا مقارنة بيننا نحن نعيل أسرنا من إعانة قد تنتهي في أقل من أسبوع، وأصبحنا لا نقدر على تحمل تكاليف الإيجار مع تكاليف الحياة وانعدام وقلة الفرص الوظيفية، وقد تلجأ البعض من الأرامل والمطلقات واليتيمات إلى البحث عن فاعلي خير يخففون عليهن عبء التكاليف. وأشرن إلى أن حاجتهن للدعم في مشاريعهن الصغيرة حاجة ملحة يغفل عنها الكثير من فاعلي الخير والتجار، بسبب قلة المردود المالي وضعفه، وهي مشاريع تبدأ من المنزل كالخياطة والطبخ وعمل تنسيقات متنوعة وأعمال يدوية ربحها المادي بسيط لذلك لا يوجد من يدعمها ويقف بجانبها. كما تأمل العديد من نزيلات دور الأيتام أن يتم العمل على توفير المزيد من فرص الدراسة لهن في الجامعات، مراعاة لظروفهن التي ربما تحرمهن من الحصول على درجات عليا في بعض السنوات، مقترحات أن يتم التفكير في وضع ما يسمى بتوفير مقعد جامعي لكل يتيمة، وهذا الأمر للأسف لا تلتزم به الجامعات، وبعضها لا تنظر لمصلحة اليتيمة التي لا تملك في الوجود سوى شهادة تبني بها مستقبلها. من ناحية آخرى، تؤكد الدكتورة عهود الرحيلي المحاضرة في جامعة طيبة بقسم علم النفس أن الأيتام يصنفون من ضمن الفئات الخاصة في المجتمع والتي تحتاج إلى تقديم العديد من الخدمات التعليمية والتأهيلية الخاصة التي تراعي حاجاتهم النفسية والاجتماعية ومن أهمها الحاجة إلى الشعور بالحب والتقدير الاجتماعي والشعور بالأمن النفسي، وبإشباع تلك الحاجات يتحقق لليتيم الشعور بالثقة بالنفس والرضا عن الذات وينشأ فردا سويا ومواطنا صالحا، وبالتالي فإن معظم المشكلات السلوكية التي يعاني منها الأيتام كالجنوح والشذوذ والانحراف هي نتيجة الشعور بالنبذ والإهمال والقسوة في المعاملة فينشأ اليتيم عدوانيا وقد يوجه عدوانه ضد ذاته أو ضد المجتمع، وانتشار التدخين بين يتيمات قرية الأيتام هي دليل على ذلك، فالتدخين في مثل تلك الحالة قد يكون عبارة عن رد فعل عدواني ضد الدار كصورة من صور الاحتجاج والمعارضة على حبسهن داخل الدار لفترات طويلة وعلى سوء المعاملة، لذلك كان لا بد من المسؤولين على دار رعاية الفتيات مراعاة احتياجاتهن النفسية والاجتماعية ودمجهن في المجتمع مع وجود جهة إشرافية عليهن، من خلال المشاركة في الأعمال المجتمعية التطوعية إن أمكن وحضور حفلات الزفاف وزيارة الحدائق والأماكن الترفيهية وإن تعذر عليهن الخروج لأسباب خاصة فبالإمكان إشباع حاجاتهن لتحقيق الذات داخل الدار عن طريق تقديم دورات تدريبية كدورات الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية ومهارات توكيد الذات وغير ذلك مما يرفع من مستوى الرضا عن الذات ويحقق التوافق النفسي والاجتماعي وتنشأ فتاة الدار تنشئة سليمة وسوية بعيدة عن السلوكيات والظواهر الشاذة. من جهة ثانية، نفى المتحدث الرسمي للشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة فهد العيسى كل ما يثار حول عدم دعم اليتيمات واحتضانهن بعد الطلاق، وقال: لا يوجد تقصير لا من الوزارة ولا من منسوبات الدور فحينما تتزوج الفتاة تسلم مبلغ وقدره ستون ألف ريال إضافة إلى تأمين عش الزوجية من قبل الوزارة وتتكفل بدفع الإيجار ومساندة كلا الطرفين خاصة إذا كانا يتيمين إضافة إلى أن الدار تحتضن أي فتاة انفصلت عن زوجها ولم توفق في إكمال مسيرتها الزوجية وتعود معززة مكرمة وهناك دار للضيافة أنشأتها الوزارة للحالات الاستثنائية. وما أشيع في عدم احتضانهن لا صحة فيه خصوصا أنهن فتيات ليس لهن بعد الله سوانا. وطالب العيسى بتكاتف المجتمع مع الأيتام ومساندتهم وكشف أن الوزارة تسعى في إيصال صوت اليتيم سواء بالشعر أو الفن التشكيلي أو الفن التمثيلي أو فن الرياضة ليظهر للعالم، داعيا إلى ضرورة استقطابهم كمواهب متعددة وضرورة تكثيف الدورات لتطوير تلك المواهب التي لا بد أن ترى النور، موضحا أن بعض الأندية الرياضية تدعم المواهب ولكن هناك قصور من بعض الجهات الراعية للفن التشكيلي ولا بد أن يكون هناك لفتة للمبدعين. كما نفت مديرة عام الإشراف الاجتماعي في منطقة مكةالمكرمة غادة عبدالغفار ما يطال من اتهامات للدار من أي تقصير، واصفة إياها بأنه غير صحيحة، مشيرة إلى أنه على من لم يصدق أن يأتي للدور ويتحقق بنفسه ويعيش على مدار أيام كي يتحقق كيف تحتضن فتياتها اليتيمات ولا تتخلى عنهن حتى بعد حالات الطلاق.