إن الحالة الاقتصادية للدول ليست كل شيء ولا تدل بأي حال على استمرارية الأمم في التواكب والازدهار كما يفهمه أغلب الناس فهناك أركان أخرى مثل الحالة الاجتماعية والبيئية تعد مقايس هامة للمنافسة. وعندما نجد أن دولة مثل سويسرا تحتل المركز الأول في المنافسة الدائمة حسب التصنيف العالمي لمعدل الاستدامة ولأكثر من عشر سنوات.. يتبين لنا مدى وأهمية الأداء الجيد في جميع جوانب القدرة التنافسية المستدامة وخاصة أنها «مستدامة بيئيا واجتماعيا» بالاضافة للوضع الاقتصادي.. يليها في ذلك الشأن بلدان الشمال الأوروبي أو ما تسمى «دول النوردك» وهي: آيسلندا والدنمارك والسويدوفنلنداوالنرويج، فنجد فنلندا الرائدة في المجموعة وفقا لأعلى درجة لمعدل الاستدامة الاجتماعية، وتأتي السويد بأداء أضعف نظرا لنسب معدل بطالة الشباب لديها، فيما تبرز النرويج لتحقيقها أفضل درجة في مؤشر «جيني الدخل» ضمن أفضل 10 مؤشرات للاستدامة الاجتماعية. وتتلقى اليابان تقييما إيجابيا نسبيا بوجه عام في تحليل التنافسية المستدامة، إذ يعد الأفضل في انخفاض معدل البطالة بين الشباب، وعلى الجانب البيئي فإنه يقوم بشكل جيد من حيث السياسات البيئية المرتكزة على الالتزام الجيد بالتنظيمات والمعايير العالمية، إلا أنه لايزال اليابان يواجه انبعاثات عالية جراء التصنيع. فيما تظهر الولاياتالمتحدة بنتائج معتدلة في الاستدامة الاجتماعية والبيئية على حد سواء، مما يؤدي لانخفاض طفيف في نتيجة معادلة الاستدامة، حيث تتأثر النتيجة في البلاد ذات الاستدامة الاجتماعية من خلال زيادة عدم المساواة والبطالة بين الشباب، لذا تعد الاستدامة البيئية هي مصدر قلق لتحقيق الازدهار المستدام في البلاد، ونجد أن الولاياتالمتحدة هي من بين البلدان التي صدقت على أقل عدد من المعاهدات البيئية. وهنا نذكر، أن الالتزام بالاستدامة الاجتماعية يشتمل على الجهود المبذولة من أجل تحسين مستوى معيشة السكان ورفع مستوى المعيشة للأجيال المستقبلية وتقوية روح المواطنة والإدارة وتشجيع تعليم الأطفال والشباب وصياغة سمات الشخصية المهنية للكبار وتشجيع المبادرات المثمرة التي من شأنها خلق فرص عمل وزيادة الدخل. ومن أجل استدامة بيئية ناجحة، وجب علينا ترشيد استخدام الموارد الطبيعية، واستخدام التكنولوجيا النظيفة والمواد المعاد تدويرها، والمحافظة على التنوع البيولوجي، وإعادة تدوير المخلفات. ونشير هنا يا سادة، إلى أن الزيادة في العائدات الاقتصادية للسكان تعد أساسا لسياسة الاستدامة الاقتصادية، إذ تنتج من خلال توفير الخدمات وتطوير المنتجات اللازمة للمجتمعات وتقدمها وتوفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وفتح آفاق تجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، فضلا عن اختراع ابتكارات تكنولوجية وتطويرها للوقوف في وجه التحديات، وكذلك البحث عن مواد خام جديدة.. وكل ذلك، يساهم بشكل مباشر في التطور المستدام للمجتمعات. ولكن ما نود أن نقوله ونخلص به أن الاعتماد على الحالة الاقتصادية الجيدة فقط لا يعد قوة، أو بالأحرى لا يمكن من الاستمرارية بشكل جيد للدول في حال اهمال الجوانب البيئية والاجتماعية، ولكي نتمكن من القدرة على التنافس على صعيد عالمي وجب علينا تفعيل شتى المحاور التي ترتكز عليها معايير التنمية التنافسية المستدامة، ووضع الأطر البيئية والاجتماعية التي تكفل لنا معادلة ناجحة تتوافق والقدرة الاقتصادية.