لا شيء يسمع الآن في مجالس الشباب غير صوت مفاتيح (الكيبورد) في أجهزتهم الإلكترونية المحمولة، فساد صمت عجيب بين أصواتهم، أراه ولا يراني، ومع ذلك فإن الحديث لا ينقطع فقط عبر الواتس آب ومواقع الدردشة الإلكترونية، حتى تحول الشبان إلى كائنات صامتة بفضل النقلة الإلكترونية الهائلة التي فرضت سيطرتها على الجميع بلا استثناء، فتحولت برامج الدردشة على الهواتف الذكية إلى إدمان وباتت تهدد استقرار الأسر، فأحالت البيوت إلى ثلاجات باردة لا مجال فيها لتبادل الحديث. فقد جمدت تقنية الواتس آب الكلام على الشفاه، فتعطلت لغة الكلام وسادت لغة المفاتيح، وانطلق عنان الأنامل لتحكي وتضحك وتخاصم وتصالح مع الآخرين، فالكل منشغل والمحصلة أن وسيلة التواصل الاجتماعي امتد تأثيرها على الجانب الصحي والفكري والبدني. في حدود المعقول حوار هادف تابعته «عكاظ» في إحدى الاستراحات الشبابية، حيث تداول الجميع في الدردشة، الواتس آب ومثيلاتها، فيقول فهد المعيقلي، إن استخدام الهواتف الذكية يجب أن يكون في حدود المعقول، لكن الغالبية ينجرفون مع الأجهزة التي تفرض على مستخدمها أسلوبا معينا في التفاعل، فهي هواتف تتحدث معك ولا تتحدث أنت معها، بمعنى أن الهواتف الذكية تتيح لك تطبيقات برامجية متعددة تناديك من خلال رسائل الأصدقاء للاشتراك معهم في المحادثات والتعليقات على الأحداث والأخبار التي تجري لحظة بلحظة. أما إياد المطلق، فيعتقد أن لكل وسائل الاتصالات التكنولوجية عيوبا ومزايا، والذكي اجتماعيا هو من يعرف كيف ومتى يستخدمها وكيف يستفيد من مزاياها ويتجنب بقدر الإمكان عيوبها. وأقصد بالذكاء، القدرة على التواصل مع الآخرين بصورة صحيحة مبنية على الاحترام. معاهدة مع الزوجة الشاب خالد الأميلس متزوج حديثا، ويدرك مدى تأثير برامج الهواتف الذكية على المسؤوليات الملقاة على عاتق الزوجة، ولذلك اتفق مع زوجته على أهمية تقنين استخدام البرنامج وغيره، فهو يشغل الزوجة عن أداء عملها في المنزل. مشيرا إلى أن انشغال المرأة عن مسؤولياتها ينعكس سلبا على الزوج وبالتالي لا يمكن أن تنجح الأسرة. في حين يرى محمد الدغريري أن الأجهزة الذكية للاتصالات أفسدت الذوق في المنازل وفي المجالس، إذ يخيم الصمت فالكل مشغول. ويضيف، رأيت في أحد المجالس تجربة جميلة، فمن يريد الدخول إلى المجلس ويشارك في الحوار، لا بد من وضع هاتفه المحمول خارج المجلس حتى يستفيد الجميع من ما يطرح من أحاديث وحوارات، بعيدا عن التواصل الاجتماعي عن طريق هذه الأجهزة. وجدان التكنولوجيا ويشير الشاب مبارك أبو ذراع، إلى أن الزوج قد يهمل واجباته المنزلية ويترك كل الحمل على الزوجة وقد يتأثر هو نفسه في عمله بسبب سهره حتى ساعات متأخرة من الليل مع برامج الأجهزة الذكية، ما يؤدي إلى الغياب عن العمل. ويتأثر الأبناء بدرجة أو بأخرى بسبب تأخرهم في التحصيل الدراسي لانشغالهم بالإنترنت. وأصبحت بعض الأسر غير قادرة على تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي وحاجاتها الإنسانية والاجتماعية، فحاجة الإنسان إلى التواصل موجودة في داخله أما الآن فالجميع يبحث عن علاقات عبر الإنترنت مع أشخاص افتراضيين وهذا لا يحقق المشاركة الوجدانية. من جانب آخر، يرى الشاب حسين العنزي أن ظهور الكمبيوتر وبرامجه كان ثورة في التواصل والاتصال، ما ساعد على ظهور أجيال جديدة من البرامج ساهمت في انتشار الدردشة، فأصبحت متاحة بين أيدينا ولا تحتاج إلى مجهود أو كلمة، وتقوم بنفس فعل المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة الأمر الذي جعل التواصل بين الجميع أمرا يسيرا، ولهذا نجد أن نسبة استخدام الهواتف مرتفعة بين الرجال والنساء بشكل كبير. ويؤكد الجميع في ختام حديثهم، على أن برامج التواصل الاجتماعي إذا أدمنها الشخص، فإنه يصبح عرضة للأمراض وخاصة ضعف النظر، إضافة إلى الإجهاد وقلة التركيز. وأكدوا على أهمية التوسط في التعامل مع مثل هذه البرامج وغيرها، فمتى ما طغت تنعكس عليه بالضرر من كافة النواحي.