درجت العادة على أن الرقم مفيد بكونه يوثق، فهو أساس الوثائق، لكنه بنفس الوقت يمكن أن يستخدم للتهميش، «فلان مجرد رقم»! هذا الذي جرى في بدء تعليم البنات، إذ سرعان ما تورطت الجهات الرسمية بالمدارس، أيوضع لها اسم؟! أم ترقم بأي رقم كان. في الواقع دمرت المسميات الرقمية لمدارس البنات هيبة التعليم، ذلك أن رمزية هذا الاستخدام الرقمي تدل على أننا نشارف على الخجل من أسماء النساء. مع أن التاريخ كله، بما فيه التاريخ الإسلامي، هو تاريخ شاركت في صناعته نساء نعرف أسماءهن، ولم يكن اسم المرأة عيبا إلا في هذه المرحلة العجيبة. كان اسم المرأة ينتخى به لدى العرب، ويفتخرون به، والملك عبدالعزيز كان ينتخي بأخته الأميرة نورة، وأبو متعب وضع اسم «نورة» على جامعة للفتيات. الآن استيقظت وزارة التربية والتعليم لهذا الخلل، حيث صرح مصدر في الوزارة ل«عكاظ» بصدور الموافقة على تسمية مدارس البنات الجديدة بأسماء أمهات المؤمنين والصحابيات رضوان الله عليهن أسوة بمدارس البنين، ولتعريف الأجيال بما قدمته الصحابيات خدمة للإسلام ولمجتمعهن!. هذا القرار مهم، لكن لا يقل عنه أهمية تطوير مباني المدارس لتتواءم مع احتياجات الفتيات! لقد عانت المرأة من ويلات التعليم، ثم جاء حريق مدرسة مكة الذي على أثره دمجت رئاسة تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم، وهي إلى اليوم تعاني من القسوة الثقافية التي جعلتهن محصورات بمبانٍ رخوة، وبنوافذ ذات قضبان حديدية، وإذا مررت بجوار مدرسة بنات تظن أنك قد مررت بإصلاحية «أو «سجن»! أجزم أن الوزير خالد الفيصل لديه رؤية حول المباني، ولو شكل فريقا لدارسة أوضاعها، وأخطارها، والنوافذ الحديدية، والفلل التي تشبه القلاع، سيعثر على مآس كبرى هي أهم بكثير من تغيير أسماء المدارس أو تجديدها.