يصبح الإنسان صغيرا إن هو صغر نفسه وحقرها، ويكون كذلك إن ربط رزقه وحياته بمخلوق بدل أن يربطهما بالخالق الرازق الوهاب ويقوده ذلك الربط إلى إطاعة المخلوق حتى لو دعاه إلى تصرف أو عمل يكون فيه معصية للخالق عندها تسهل في عينيه الصغائر فيأتيها بجميع أنواعها عندما يدعى إلى إتيانها من قبل ولي نعمته من الناس ويعتذر بأنه مرغم على ارتكاب تلك الصغائر لأن امتناعه عن القيام بها سوف يقطع رزقه ويتوقع أن المجتمع سوف يعذره ويلتمس له المبررات وصنع له مخارج نجاة تقيه لوم اللوام إن هم أرادوا إدانة ما قام به من صغائر وإطاعة لمخلوق في معصية خالقه بما قد تؤدي إلى إلحاق الأذى بطرف آخر في قضية قد تكون مبنية على بهتان عظيم !. ويقف الذين ينالهم أذى صغائره مواقف مختلفة منه حسب ما تمليه عليهم أخلاقهم ونظرتهم إلى الحياة والأحياء، فإن كانوا صغارا مثله تأذوا من جريمته ورفعوا عقيرتهم بالشكوى منه ومن فعائله ضدهم، أما إن كانوا كبارا فإنهم لا يلتفتون إليه ولا يطالبونه بالخروج من قوقعته التي وضع نفسه فيها ومن صغره الذي ارتضاه ومن صغائره التي مارسها، لأنه لا يستطيع أن يكون أكبر من الحجم الذي تعود عليه. ولذلك فإنهم يدعونه للمجتمع لكي يخوض في سيرته والتنديد بما قام به من صغائر إن كان في المجتمع من يقيم الأفعال والأقوال ويميز الخبيث منها عن الطيب، أما إن كان المجتمع نفسه يعاني من خلل في التقييم وضبابية في الرؤية وشعور بالدونية وجاهزية للسقوط وممارسة الانتهازية، فإن بعض أفراده قد يلتمسون لأخيهم العذر ويقول لمن يلومه : تريدون منه أن يقطع رزقه بيده ألا تعلمون أن البيضة لا تستطيع الصمود أمام الحجر ؟!، أو العبارة الشعبية «بيضة ما تداقش حجر !». والحاصل والفاصل أن الصغير يظل صغيرا في سلوكه ونفسه وحياته وعلاقاته، وأن من العبث وإضاعة الوقت دعوته إلى الرجولة لأنه لا يستطيع الخروج من بوتقة الصِغر والصغائر!!.