هاتفته مساء كالعادة، ألقيت عليه تحية رائعة «السلام عليكم ورحمة الله»، فردها في برود شديد وتثاقل أشد «وعليكم السلام»، حاولت أن أتجاذب معه أطراف الحديث كعادتنا في أي شأن من شؤون الحياة، لم أفلح في محاولتي مرارا أن أستخرج منه تلك الضحكات التي كان يشنف (يطرب) أذني بها، بادرته بسؤال مباشر: ما بك أحس وكأنك مهموم؟، فأجاب بحزن: «خليها على الله»، أدركت تماما أن صاحبي يحمل هما ثقيلا قد يكون هما يتعلق بعمله أو أسرته أو المستقبل، أيا كان همه فالحاصل أنه مهموم، عدت لتوجيه أسئلة إليه بقصد تسليته والتخفيف عنه، هل ستتوقف الحياة الجميلة عن سيرها؟، هل ستصمت الطيور والبلابل عن تغريدها؟، هل ستتوقف الأنهار الرقراقة عن جريانها؟، والينابيع المعطاءة عن فورانها؟، هل ستتوقف العقول الحية عن إبداعها ومخترعاتها؟ أو هل ستتوقف القلوب العظيمة عن عطفها وحنانها ورحمتها؟، إذا ما الجدوى من حمل الهم والعيش داخل كهوف الغم، فهيا معا من هذه اللحظة نبدأ بأمل جديد، ووعي سديد، لنتقدم في دروب الحياة التي لا تنتظر مهموما، بل ولا ترحب به، ولنحسن الظن بمن وهب لنا هذه الحياة الجميلة جاء في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما شاء).