لا نستطيع أن نتحدث عن تاريخ سياحي أو ترفيهي لمنطقة جازان بالمعنى الحديث لمفردتي السياحة والترفيه قبل تعيين محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أميرا للمنطقة منذ أكثر من عقد من السنوات، ولم يبدأ المد السياحي لجازان بالظهور للعيان بشكل واضح إلا بعد الزيارة التاريخية لعبدالله بن عبدالعزيز للمنطقة في العام 2006م؛ ذلك أن المنطقة كانت تفتقد لأهم مقومات البنية التحتية الأساسية التي تكفل تيسير نمط المعيشة، فضلا عن اقتراح برامج للسياحة أو الترفيه لأبناء المنطقة أنفسهم، قبل زوارها وروادها من بقية مناطق المملكة، أو حتى من خارج المملكة! كنا قديما لا نعرف التنزه البحري إلا من خلال شاطئ يمتد لبضع عشرات من المترات، نسميه (بحر غوار)، وإن كنت لا أعلم مرجعية هذه التسمية، إلا أنني أعرف أن لجازان الآن أكثر من واجهة بحرية رائعة، وأن المنتزهات البحرية تستوعب مئات الآلاف من الرواد، مزودة بمناطق للألعاب، والمسطحات الخضراء الواسعة، في منجز يكاد يقترب من المعجزة، لمن يعرف جازان قبل خمسة عشر عاما فقط! تجد الآن الحدائق والمنتزهات المتنوعة في معظم محافظات المنطقة ومدنها ومراكزها، ولكن المؤسف غاية الأسف أن أكثر تلك المنتزهات والحدائق تتعرض للتصحر واليباس والتلف التام بعد أقل من عام على إنشائها وافتتاحها؛ بسبب إهمال الجهة المسؤولة وتقصيرها في الصيانة والري والتعهد والاهتمام، وكم ترى من حديقة وقد أصبحت خبتا أجرد، لا ماء فيه ولا خضرة ولا لعبة صالحة للاستخدام! أما واجهاتنا البحرية في جازان، فقد أصبحت ميدانا لأصحاب الدراجات النارية المجهولة الهوية، التي لا يعلم أحد من أين تأتي، ومن يملكها ويؤجرها على المتنزهين وأبنائهم، هذه الدراجات تسبب إزعاجا كبيرا لمن يقصد شاطئ البحر للاسترخاء وقضاء لحظات هادئة مع نفسه أو عائلته أو أصدقائه، أصوات مزعجة ومناظر مخلة بالآداب العامة، وخطر شديد يهدد الأطفال المتواجدين في المكان، جراء التفحيط والسرعة الجنونية للدراجات النارية! وكما تقضي تلك الدراجات على هدوء رواد تلك الأمكنة، فإنها قد قضت على المساحات الخضراء وأحرقتها تماما، وهي لم تخضر إلا من مدة أشهر قليلة، في غياب للدوريات التي تراقب أولئك المجهولين ومركباتهم المجهولة، وكنت قد تحدثت إلى أفراد دورية من حرس الحدود تواجدوا بأحد المنتزهات البحرية، فرد علي قائلا بأنه ليس من صلاحياتهم، بل من صلاحيات المرور، ولكن نظرة شاملة على المكان تؤكد خلوه من الدريات برغم اتساع الموقع، وكثافة الموجودين، وشغب الدبابات النارية المحتدمة!.