أنهت سوق الأسهم السعودية تداولاتها لعام 2013 باستقرار فوق مستويات 8500 نقطة، والتي تعتبر أفضل مستوى تصل إليه منذ أكثر من خمس سنوات حينما كانت برحلة هبوط قاسية هوى فيها المؤشر العام للسوق من مستويات 21000 نقطة حتى وصل إلى أدنى مستوياته عند نقطة 4100 نقطة تقريبا عام 2009م. رحلة الهبوط التي بدأت بأوائل 2006 م، كانت قاسية واستمرت لسنوات عديدة، وتناقصت السيولة المتداولة بشكل يعبر بصورة واضحة عن خيبة أمل الكثير من المتداولين بما حدث للسوق، وانهيار أسعار الشركات التي تملكوها للاستثمار أو المضاربة. وتخللت هذه الفترة تغييرات هيكلية كثيرة، سواء في إدارة هيئة السوق المالية أو في السوق المالية نفسها، وتعاقبت عدة إدارات على هيئة السوق المالية، والتي اتفقت بشكل كبير على أهمية إصلاح الخلل الرئيسي المتمثل في نقاط ضعف متعددة، منها عمق السوق من الشركات وعدد الأسهم المكونة للمؤشر العام وبما يضمن قدرة الكميات التي يجب ضخها للسوق من استيعاب فوائض السيولة أيضا إلى تعميق مفاهيم الاستثمار ونشر وترسيخ ثقافته، معززة بتعليمات وأنظمة صارمة لتعزيز الشفافية والإفصاح وترسيخ مبادئ حوكمة الشركات المتداولة. ومع نهاية عام 2013م، أصبح عدد الشركات المتداولة بالسوق 161 شركة، تم إيقاف ثلاث شركات وهي المعجل والباحة لتراكم الخسائر التشغيلية لها والاتصالات المتكاملة لأسباب تتعلق بعدم وفاء مؤسسي الشركة بالتزاماتهم المالية وضخ رأس المال المطلوب. فيما يهدد الإيقاف عددا من الشركات التي تجاوزت خسائرها التشغيلية نسبة 50% من رأس المال، حيث قامت الهيئة بوضع ضوابط جديدة لمعالجة خسائر هذه الشركات وبما يضمن تمكينها من تخفيض هذه الخسائر، إضافة إلى إحاطة المتعاملين بها بمخاطرها أولا بأول. الجدير بالذكر، أن الهيئة منذ أن تأسست وتعاقب على إدارتها عدد من الرؤساء قاموا جميعا بجهود مشكورة نحو إصلاح مشاكل السوق وتنظيم التعامل وبسط النظام على الجميع. وبتقييم تعاملات السوق من الناحية المالية، يلاحظ تحسن أداء كثير من الشركات بصورة جيدة، أعادت الوهج إليها، وبالتالي أعادت ثقة المتعاملين، إلا أن الحذر لا يزال مسيطرا بدليل أن السيولة المتداولة لا زالت ضمن متوسط الخمسة مليارات ريال، الأمر الذي ضمن للتعاملات الكثير من الهدوء سواء في الارتفاع أو الانخفاض إلا في حالات قليلة، حينما حاولت بعض المجموعات من المتداولين إعادة سلوكيات المضاربات العشوائية والتي تؤدي إلى ارتفاعات حادة غير مبررة، يتلوها انهيار بأسعار أسهم الشركات التي يتداولون بها. كذلك أصبح عدد أسهم الشركات المدرجة 48 مليارا ومئتين وخمسين مليون سهم، تشكل الأسهم المتاحة للتداول منها أو ما تعرف بالأسهم الحرة نسبة 45% تقريبا. كذلك أنهت السوق تعاملاتها لهذا العام بمكرر 15 مرة، وهو يعد من أقل مكررات الأسواق، الأمر الذي يجعلها سوق جاذبة للاستثمار. ومن المحتمل أن تتأكد هذه الصورة بظهور نتائج الشركات للربع الرابع من عام 2013م. خلاصة القول، أن إقفال السوق بنهاية عام 2013 فوق مستويات 8500 نقطة يعد إشارة قوية لعام جديد يبشر بتداولات متفائلة، خاصة في ظل استقرار الأوضاع السياسية والإقليمية وانخفاض مؤشرات التضخم وارتفاع نسب التوظيف مع تقلص نسب البطالة عالميا، ولذا فمن المرجح أن يواصل المؤشر العام استمرار المسار الصاعد وتجاوز مستويات 9230 نقطة، خصوصا إذا لم يتعرض لهزات قوية عند 8890 نقطة. ومن غير المستبعد أن نشاهد انطلاقة للمؤشر بنهاية هذا العام أو خلاله إلى مستويات 10245 نقطة.