ولعل هذا ما يجيش في صدر كل عربي مخلص ووطني حريص على مصالح عالمنا العربي والحق يقال، ان موقف المملكة العربية السعودية، بعيد 25 من يونيو الماضي مباشرة وتحركها السياسي في اوروبا والبيانات القوية المؤثرة والفاعلة هي التي نأت بمصر العزيزة عما كان يحاك ضدها ويراد اظهارها بمظهر يخالف لواقع الامور فيها. إن ما قام به الشعب هو إرادة شعبية واسعة منقطعة النظير لتغير النظام الذي كان في طريقه لعواقب وخيمة ليس في مصر بل والمنطقة بأسرها.. وكذلك تحرك السعودية الإقتصادي تجاه دعم مصر كان ايضا عامل استقرار مهما وحاسما. ومرة ثانية فإن البيان الذي صدر عن الديوان الملكي مؤخرا يوضح مدى حرص وبعد إدراك وثاقب بصيرة القيادة السعودية تجاه ما يحدث في مصر ومكانتها وأهميتها في المنطقة لا جدال. وفي إطار الأحداث الراهنة في مصر قد يقول قائل لماذا لا يتدخل الجيش ويحسم الامر.. إن المتربصين بمصر وشعبها في الداخل والخارج مع الاسف كثر وسوف يسارعون في بدء حملات إعلامية عن «ردة الفعل الشرسة» أو قصد «حقوق الانسان» في مصر كذريعة لزيادة الضغوط السياسية على مصر وأن ما يحدث في مصر كما يقول البعض هو انقلاب وليس ارادة شعبية قوية كاسحة غير مسبوقة في تاريخ مصر لاسترداد البلاد على الصراط صراط الحق والوطنية والحماية والامان والاستقرار لمصر وشعبها. ويتوقع البعض -والعلم عند الخبير العليم- أن العنف سوف يستمر ويتصاعد لأن صراع الاخوان هو صراع على السلطة وصراع للبقاء والذي لن تقوم لهم قائمة بعده. وكذلك يمكن أن نلحظ أن ما يحدث في مصر من عنف غير مألوف ومنهجية جديدة بعد تفجير مقر الأمن في المنصورة ومنذ محاولة اغتيال وزير الداخلية عن طريق التفجير من ان هنالك «رابطا افغانيا» (الآلية والوسيلة) وبالذات ما يحدث في سيناء كما اعلن اكثر من مرة في وسائل الاعلام عن وجود خلايا للقاعدة هناك وبالطبع معلوم مقر تلك القاعدة الرئيس والتدريبات التي تتم هناك ثم تصدر شهريا بهدف نشرها في الخارج. ولذا فإن سرعة إنهاء النشاطات الارهابية في سيناء والقضاء عليها واستئصالها سيساعد الحكومة المصرية كثيرا لاسترداد زمام المبادرة بقوة وحزم في كافة انحاء البلاد. وفي الحقيقة كان يقال عن السياسة إنها فن الممكن.. ولكنها في السنوات الاخيرة بالذات اصبحت فن الخداع والتحايل وعدم المنطقية في تسلسل الاحداث والمواقف السياسية. ولعل مواقف بعض الدول مما يحدث في مصر من قبل الاخوان من ارهاب وتدمير وقتل وترويع، لا ترى في تلك الافعال، لا ترى تلك الدول ان هذه افعال ارهابية بكل معنى الكلمة بينما لو قتل فرد واحد في شوارعهم فهذا الارهاب بعينه. ولعل العديد منا يدرك ان وراء الامور ما وراءها... ولماذا هذا الإصرار على دعم حركة الاخوان في مصر وغيرها من الدول وكما يتذكر البعض منا من الذين درسوا في الخارج في حقبة الستينيات وما بعدها من ان حركة الاخوان تلك تدرس على انها احدى الجمعيات الخارجة على القانون!!! واستطرادا لموضوع مقال اليوم، عن مصر العزيزة، أود أن اشير الى أنني قضيت عدة سنوات في القاهرة وعندما كان والدي -رحمه الله- يعمل في سفارة المملكة بالقاهرة. وخلال سنين الدراسة وحتى حصولي على الثانوية والحق يقال، لم ألحظ على الاطلاق على اي فرد من تعاملت معهم اي حقد او نزعة طائفية أو كراهية للأفراد أو تطرف سياسي مذهبي ديني كالذي نشاهده اليوم!؟ وكان اهم ما يميز المواطن المصري في داخل وخارج بلده هي وطنية وغيرته وحبه اللامحدود ل«مصر» لدرجة انه كان يتسامح من يريد الإساءة له ولكنه كان لا يمكن أن يتسامح لمن يتعرض لبلده ومصريته.. ولعل تاريخ رحيل الرئيس السابق مبارك من الرئاسة المصرية يعد تاريخ بدء الاستقطاب والاستقطاب المضاد نحو الصراع الحزبي القائم على التطرف الديني البغيض وألا صوت يعلو على صوت الاخوان... وإنني اتذكر ولعل الجميع يتذكر، ان شعب مصر ومنذ ثورة 1952 وحقبة الرئيس عبدالناصر ثم حقبة الرئيس السادات وهي فترة ممتدة من حقبة الرئيس السابق مبارك، لم تعرف مصر وتعاصر ما يحدث الآن من تطرف واقتتال واغتيالات وتفجيرات هي حتما من صنع واستيراد الخارج، ومن الجدير ذكره هنا انني قرأت عرضا لكتاب في جريدة الاهرام القاهرة من اعداد أ. سارة عبدالعليم في 6 ديسمبر 2013 تحت عنوان SECRETAFFAIRSBRITANCOLLUSION WITH RADICALISLAM للمؤلف MARK CURTIS تستعرض فيه الباحثة هذا الكتاب عن الاخوان وتاريخهم الحافل بالصفقات ويقول مؤلف الكتاب «مارك كيرتس» في كتابه «العلاقات السرية تآمر بريطانيا مع الاسلام المتطرف» يستعرض الكاتب وبحسب ما ورد في عدد الاهرام السالف ذكره في مؤلفه «ما دام الوصول إلى السلطة هو غايتهم الوحيدة (الاخوان) فمن الطبيعي ان يكون التآمر والتخابر السري منهجهم.. وما دامت سياسة الاغتيال واردة لمواجهة الخصوم أو مواجهة من يقف امام مصالحهم، والتجسس وإبرام صفقات خارجية نتيجة طبيعية كي تحقق اهدافهم ومصالحهم وكل هذه الخطايا والسيئات للاسف هي باسم وتحقق شعار المخادعة والتلبيس لمصلحة الدعوة فكل شيء وارد عند الاخوان ان خالفوا صريح الشريعة التي يتسترون خلفها». ولعل الكتاب وكذلك لمن يريد الاختصار فإن ما نشر في الاهرام عن هذا الكتاب يجد فيه المرء الكثير من الاجوبة عن اسئلة كثيرة، فمن استغلالهم من قبل بريطانيا التي دعمت الاخوان في 1942 إلى دعم الملك فاروق واستغلاله لهم، وفي أوائل الخمسينيات اشار تقرير بريطاني إلى مشكلة «القومية» في ذلك الوقت والتي كانت تشكل خطرا كبيرا على مصالح بريطانيا العظمى.. ثم تعاون ثورة 1952 من الاخوان في بدايتها وما حدث بعد ذلك حتى الوقت الراهن، فإن هنالك أدلة تؤكد وتفسر ما يدور الان في مصر على الساحة كما يقول الكاتب، فإن بريطانيا حرصت على استمرار علاقتها مع الاخوان لان ذلك من منظورها هو افضل وسيلة لدحر حركة «القومية العربية» والآن في حقبة ما بعد القومية العربية فإن بريطانيا تبحث عن حلفاء جدد وبالتالي فإن العلاقة، علاقة بريطانيا مع الاخوان هي امتداد لحرصها على استخدام المتشددين كأداة مباشرة في سياستها الخارجية الساعية لصنع تحالف تواجه اعداء محتملين. ولا بد أن أشير هنا الى أنني اقتبست عددا من الفقرات في عرض هذا الكتاب من جريدة الاهرام ولأمانة الباحث، لأنني على يقين من ان هذا العرض الموجز سيعطي الاجابة على العديد من التساؤلات عن موقف حلفاء الغرب من مصر وما يحدث فيها على وجهه الحقيقي منذ وبعد 25 يونيو الماضي. وفي الختام، لا يزال يحدوني الامل والرجاء في أن تسود الحكمة والحق والعدل الساحة المصرية ويرى المصري ان قتل وتفجير المصري لاخيه وتدمير الممتلكات هو امر جد غريب ولا يستوي مع تاريخ شعب مصر ووطنيته وأولا قبل كل شيء دينه. وما زلت اشعر أن هذا الصراع لن ينتهي بشكل سريع وفي وقت قصير ولكن الاعتماد -بعد الله- على عقلانية وحكمة العقلاء في مصر وهم كثرة في عودة الاستقرار والامن والامان لمصر التي هي في خاطر الجميع.