المحتوى المحلي والمشتريات تعلن إضافة 122 منتجاً في القائمة الإلزامية    هل تعود موسكو لنشر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى؟    تجمع الرياض الصحي الأول ينظم ماراثون "عائلتي تمشي"    الرياض تحتضن بطولة دواثلون الخليج 2024 وتُتوَّج بإنجاز سعودي مميز    "أمير الرياض" يطلع على جهود وأعمال الجمعية السعودية لحكام كرة القدم    "تعليم الطائف" يستعرض نظام الدعم الموحد لتحسين مستوى الخدمات بالمدارس    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحي الفاروق    أمير حائل يشهد حفل جائزة "بصمة" في نسختها السابعة    من أعلام جازان.. الدكتورة بدرية بنت محمد أحمد البهكلي    المملكة تعزي جمهورية كوريا إثر حادث تحطم طائرة ركاب في مطار موان الدولي    الحقيل يزور ركن نادي جازان الأدبي ويشيد بجهوده في مسيرة الحركة الثقافية    مستشفى أحد رفيدة ينفّذ حملة "لقاح الانفلونزا الموسمية"    "الهيئة العامة للإحصاء" تنشر إحصاءات الأمن الغذائي لعام 2023م    فنٌّ ينبض بالهوية.. ماجد حملي رحلة الإبداع بين التراث والحداث    179 قتيلا في تحطم طائرة كوريا الجنوبية    الجامعة الأهلية بالبحرين: إطلاق منتدى الدكتوراه الاول للاعلام الرقمي في البحرين    شرطة الرياض تضبط شخصين عبثا بوسائل السلامة في محطة انتظار نقل عام    "الأرصاد": التوقع بهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    الأزهر يدين حرق الكيان الإرهابي لمستشفى كمال عدوان في قطاع غزة    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من بوتين    في المرحلة ال 19 من الدوري الإنجليزي.. ليفربول في اختبار وست هام.. وسيتي لإيقاف نزيف النقاط أمام ليستر    الصين: اتجاه لخفض الرسوم الجمركية على مواد معاد تدويرها    أحلام عام 2025    خادم الحرمين يتلقى رسالة من الرئيس الروسي.. القيادة تعزي رئيس أذربيجان في ضحايا حادث الطائرة    وزير الدفاع يلتقي قائد الجيش اللبناني    "روشن" تضع حجر الأساس لمجتمع "المنار" في مكة المكرمة    مبادرات تطوعية    واتساب تختبر مزايا ذكاء اصطناعي جديدة    المملكة تعزز الأمان النووي والإشعاعي    أسعار النفط ترتفع.. برنت فوق 74 دولاراً    تغلب على المنتخب العراقي بثلاثية.. الأخضر يواجه نظيره العماني في نصف نهائي خليجي«26»    في إطار الجهود المبذولة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.. إطلاق فعالية «ليالي الفيلم الصيني»    «عزف بين التراث والمستقبل».. متحف طارق عبدالحكيم يحتفي بذكراه السنوية الأولى    "الرياض آرت" يُعلن مشاركة 30 فنانًا من 23 دولة في ملتقى طويق الدولي للنحت    من دفتر الأيام: مشوار في قصرغرناطة بأسبانيا    السعودية تحصد ثمار إصلاحاتها ورؤيتها الإستراتيجية    ضيوف "برنامج خادم الحرمين" يزورون مصنع الكسوة    تقدير دعم المملكة لقيم الاعتدال حول العالم    الجماهير السعودية تحتفل بتأهل الأخضر لنصف نهائي «خليجي 26»    طريقة عمل شيش طاووق مشوي بالفرن    أحد رفيدة وزحام العيادات.. مطالبات بمركز متخصص للأسنان    5 سمات شخصية تميز المتزوجين    5 آلاف خطوة يوميا تكافح الاكتئاب    «الفنيلة والسروال» والذوق العام    المطار.. عودة الكدادة !    قائد "الأخضر" سالم الدوسري يحصل على جائزة رجل مباراة السعودية والعراق    من الشهرة إلى الثروة: هل نحتاج إلى رقابة مالية على المؤثرين؟    القيادة تعزي رئيسة الهند    منصة X: الطريق إلى القمة أو للقاع    ماسك يؤكد دعمه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف    شولتس: لا أنام إلا قليلاً رغم أني من محبي النوم لفترة طويلة    المنتدى السعودي للإعلام يطلق معسكرًا لتطوير الإعلام السعودي بالذكاء الاصطناعي    «حمام الحرم» يستوقف المعتمرين    "الإسلامية" تؤهل الأئمة والخطباء والدعاة في تايلند    إسرائيل تتمسك باستهداف المستشفيات    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراتب.. مفقود يا ولدي مفقود!!
نشر في عكاظ يوم 29 - 12 - 2013

لعل أكثر مولود يحتفى به في بلادنا وهو يوم صرف الراتب في 25 من كل شهر هجري، حتى أصبح هذا اليوم يوما ينتظره الآلاف من الموظفين وذووهم، فهو لقمة العيش التي تسد جوعهم، وهو إيجار منزل يؤويهم، وهو ثمن علاج قد لا يجدونه في المستشفيات الحكومية، وهو ثمن أقساط لا يعلمون من أين هطلت عليهم، وهو ثمن ساهر الذي يسهر على استنزاف جيوبهم، وهو ثمن ثرثرة عابرة على الجوال، وهو ثمن كل شيء إلا راحة البال. فلا يكاد يمضي هذا اليوم المنتظر إلا وقد رحل الراتب إلى جيوب غير جيوب أصحابها، فالبقال أخذ نصيبه، وصاحب البيت أخذ إيجاره، وفواتير الكهرباء، وشركات الاتصالات لم تستأذن أحدا، بل أخذت حقها بالتهديد المباشر بقطع الخدمة إن لم تسدد الفواتير، ومزحات ساهر ثقيلة الدم. كلها بالمرصاد في هذا اليوم الاستثنائي.
هناك دائما حوار صامت بين المواطن الموظف والراتب، حوار أشبه بالعتاب الحاد. المواطن يلوم راتبه إذ لم يسعفه في تلبية مطالبه، بينما الراتب يرد: أنت تعلم ضعفي، فلماذا تحملني ما لا أطيق. رفقا بي، أكن لك ملبيا. لكن المواطن لا يرضى بحجة الراتب هذه ويسميه ناكر جميل. فلسان حال المواطن يقول: ألست أنا الذي أكرمتك فور وقوعك في يدي، حيث وضعتك في قطعة قماش مخملية، وغلفتها بكيس يقيك من البلل، ووضعتك في محفظة محكمة، ووضعتك في جيبي، وأسرعت بك إلى بيتي كي أحميك من أعين الفضوليين في طريقي، وما ذلك إلا لأمنحك قسطا من الراحة في بيتي، لكنك تأبى إلا أن تهرول إلى جيوب أنت تعرفها، وخزانات يسرك أن تسكن فيها، فمن هو العاق إذن؟!
في المرة الأخيرة التي رأيتك فيها كنت -يا راتبي- فضا أكثر من كل مرة، إذ لم ترفع من قيمتي أمام زوجتي التي وعدت أن أكسوها كسوة العيد، وهي الصابرة علي طوال أيام السنة، لم ترحم ضعفي أمام أعين أطفالي الذين ينتظرون فرحة العيد لأكسوهم، ولأثبت لهم أن غيابي عن بيتي سعيا لرزق وفير يحمي عيونهم من الانكسار. أنت تعرف أنني لم استطع أن أهدي أمي شيئا يسرها في عيدها. لقد أبيت، أيها الراتب، إلا أن تذهب إلى جيوب تجاهر بوطنيتها، تجاهر بدعمها لاقتصاد البلاد. نحن لا نعرف الاقتصاد إلا بقدر ما نراه من ضيق وعسر في الحياة.
اعترف لك، يا سيدي، يا أيها الراتب المبجل، أنني أحس أنك لا تحترم آدميتي، ولا يهمك شقائي، أو بؤس أبنائي، أنت لست إلا مالا لغيري، فليس من حقى أن استمتع ببعضك، وليس من حقى أن أتباهى ببعضك أمام أولادي. ودائما أقول لنفسي وأصبرها غدا سيكون راتبي وحبيبي أفضل، أقول لنفسي بما أن كل شيء يكبر، فمن الضروري أن راتبي سيستحي ويكبر وينتفض من رقدته، من سباته العميق. لقد تجاوزته الحياة، لكنه بقي على حاله يسير ببطء، أجره جرا، أحاول أن أضعه أمامي، أن يتصدر المواجهة. لكن المفاجأة، يا راتبي، أن غيرك يكبر، وأنت تصغر، غيرك يكبر بفواتيره، وأنت تصغر بوفائك بالتزاماتي. ألا تستحي، ألا تستأسد ولو لمرة واحدة؟! وتقول سأكبر مثل غيري، بل أبزهم كبرا وتيها. ألا تقول كفى يا صاحبي ضعفا، وذلة؟! أنا قادم لأعيد لك إنسانيتك المفقودة، أحميك من جبروت غيرك.
سمعتك، يا راتبي، مرة تقول لي إنك ستكبر، لكنني لم أعد أصدق وعودك، ولم أعد أقدر على بيان حالي أكثر مما تعرف، أنت تعرف البئر وما يناسبه من غطاء. بالأمس رأيت في ما يرى النائم، أنني أكفن بقاياك، قطعة القماش المخملية، وكيس الحماية ومحفظتي الخاوية، وضعتها في قطعة قماش بيضاء ناصعة البياض، كومتها وهممت أن أواريها تراب الشارع حول بيتي، فجأة استيقظت مفزوعا، تعوذت بالله من الشيطان الرجيم. إنه الكابوس بعينه. فضيع أن تقلب بقايا من تحب ولا تجد من تحب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.