في وقت يتجه الكثير من مستخدمي الهواتف الذكية إلى تنزيل تطبيقات مجانية تتيح لهم الوصول إلى قائمة أرقام أسماء ربما لم يستطيعوا الوصول إليها عبر الطرق التقليدية، أو ربما تمنعهم الخصوصية في حجب الأرقام عنه، يؤكد الخبراء والمختصون أن من يستخدمون تلك التطبيقات سقطوا في فخ فضح بياناتهم بأنفسهم مما يعرضهم للسطو الإلكتروني، ويتيح لغيرهم الاستيلاء على كل المعلومات المخزنة على تلك الهواتف بسهولة. وينظر البعض إلى مساوئ تقنيات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بأنها أتت بسلسلة من تطبيقات برمجية انتهكت خصوصيات المستخدمين من حيث سرقة بيانات المستخدم وقوائم أرقام الهواتف المخزنة في جهازه وأسماء أصحابها، ومن ثم عرضها في قاعدة بيانات ضخمة يتاح التصفح من خلالها لكل من حمل التطبيق. وتحتوي هذه القاعدة على بيانات أرقام هواتف لملايين من الأشخاص يتم جلبها من ذاكرة أجهزة الهواتف الذكية للذين قاموا بتحميل هذه البرامج، وبالتالي يساهم هؤلاء في نشر كافة بيانات ومعلومات وجهات الاتصال لكل شخص مخزن في أجهزتهم، وبالتالي أصبح بالإمكان الوصول لأي شخصية بالبحث عن طريق اسم الشخص ودولته ورقم هاتفه. وللأسف باتت تلك التطبيقات معروضة مجاناً على متاجر «آبل» و «جوجل بلاي» و «أمازون» وغيرها من المتاجر الإلكترونية من دون أن توفر الحماية الكافية لبيانات المستخدمين وخصوصيتهم، ولذلك لم يسلم من هذه البرامج أي شخص كائناً من كان. ومن أشهر هذه التطبيقات التي تستعرض أرقام الهواتف وأسماء أصحابها هي ال «نمبر بوك» و «ريل كولر» و «ترو كولر» و «WhozCalling» وغيرها الكثير، وبمجرد تحميلها يمكنك من البحث عن أي شخص، والأدهى من ذلك أيضاً، أنك لو أدخلت رقمك أو أي رقم آخر لشخص تعرفه باستطاعتك معرفة كيف يخزن الآخرين اسمك في أجهزتهم، ومنها ما يخبرك باسم المتصل عليك وأي متصل لا تعرفه ولم يسبق لك تسجيل اسمه ورقمه في جهازك بحيث عند استقبالك أي مكالمة من أي رقم، يتم عرض معلومات واسم صاحب الرقم على شاشتك. وعلى الرغم من أن متاجر إلكترونية ناضجة مثل متجر «آبل» تدرك أهمية وقانونية المحافظة على خصوصية المستخدم، قامت بحظر بعض من هذه التطبيقات، وأجرت تعديلات هامة على البعض الآخر، حيث أخفت خاصية البحث عن اسم شخص والإتيان برقمه، والآن لا توجد إلا الخاصية الرئيسية وهي البحث عن اسم صاحب الرقم، إلا أنه للأسف لم تسلم من برامج تعرف باسم ال «جيل بريك» (JailBreak) التي أنشأها «الهاكرز» لكسر هذه القيود بشكل غير نظامي لإتاحة إمكانية التعديل على النظام وإضافة تطبيقات مرفوضة أو تم حظرها. الموافقة المسبقة وعن الجوانب الفنية، أوضح مستشار تقنية المعلومات المهندس ماجد قمقمجي ل«عكاظ» بأن غالبية هذه التطبيقات تضع اشتراطات قبل تحميل المستخدم للتطبيق وتشير فيها بضرورة الموافقة المسبقة على استخدام بيانات وأرقام المستخدم في قاعدة بياناتها، وللأسف أن الكثيرين لا يقرؤون هذه الاشتراطات، مبينا أن متجر تطبيقات «آبل» الخاصة بالآيفون ونظام التشغيل (ios) تحافظ على سرية بيانات المستخدم ولا تفشي أسرار دليل الهاتف المخزنة في جهازه عند تحميل تطبيقات مثل ال «نمبر بوك» أو «ترو كولر» وما شابهها، ولكنها تسمح فقط بتصفح قاعدة البيانات الخاصة بأسماء وأرقام المستخدمين الذين سرقت بياناتهم من الأنظمة الأخرى وباتت متاحة، أما بالنسبة لأنظمة أندرويد والمتاحة تطبيقاتها على عدة متاجر، فإن تحميل هذه التطبيقات عليها والموافقة على شروط التحميل يتسبب في سرقة بيانات المستخدم واستعراض دليل أرقام الهاتف وأسماء الأشخاص المخزنين في الجوال على قاعدة بيانات عامة ومتاحة لكل من حمل التطبيق. المستخدم مسؤول واعتبر المهندس هاني ساعد رئيس قطاع تقنية المعلومات بجامعة طيبة أن المستخدم لهذه التطبيقات هو من يسمح بتعرض بيانات دليل هاتفه للسرقة وذلك بالموافقة على شروط تحميل التطبيق دون قراءة الشروط، ولكن أيضاً هناك طرق أخرى قد تتسبب في سرقة بيانات الهواتف الذكية دون موافقة المستخدم، ومن ضمن هذه الحالات، على سبيل المثال، شحن الهاتف الجوال على أجهزة حاسوب يوجد بداخلها برامج تسرق هذه البيانات دون معرفة المستخدم، وأحياناً فتح إعداد البلوتوث والربط مع هواتف خلوية لديها تطبيقات برمجية تجلب بيانات الجهاز الخلوي، وأساليب أخرى متعددة قد لا يكفي طرحها في حيز هذا الموضوع. وأشار إلى أنه يوجد سلسلة من الحلول للتخلص من تبعيات تحميل التطبيقات التي تسرق وتنشر بيانات وأرقام دليل المستخدم مثل «النمبر بوك» وغيرها، حيث يوجد في متاجر «آبل» و «جوجل» تطبيقات برمجية توفر هذه الحلول مقابل مبالغ مالية زهيدة، وعلى المستخدم استقصاء هذه التطبيقات من حين إلى آخر نظراً لسرعة التحديث وصدور آلاف التطبيقات باستمرار، حيث بلغ عدد تطبيقات «آبل» وحدها أكثر من 300 ألف تطبيق، وبالتالي يجب تثقيف المستخدم على أساليب البحث والاستقصاء بشكل دوري. لا حذف وحول طرق حذف أرقام هواتف المستخدم من قاعدة البيانات ومحركات البحث الخاصة بهذه التطبيقات، أوضح المستشار التقني ماجد قمقمجي بأنه لا يوجد حل تقني سحري لإزالة أسماء الأشخاص وأرقام هواتفهم، وحتى وإن وجدت بعض الطرق المعروضة على شبكة الإنترنت فإنها حلول مؤقتة لأن معلومات الاسم ورقم الهاتف قد تسرق مرة أخرى وباستمرار في حال قام أحد الأصدقاء أو المعارف المخزنين لرقم الشخص المعني ومعلوماته بتخزين هذه التطبيقات في أجهزتهم، والحل الأمثل، هو مراسلة الشركات المصدرة لهذه التطبيقات ومطالبتها بحذف بيانات اسم الشخص ورقم الهاتف، فهي باستطاعتها تخزين الرقم والمعلومات بقاعدة بيانات خاصة بعزل الرقم والاسم من إعادة نشره مرة أخرى، في حال قيام أي شخص قام بتحميل التطبيق ولديه مسبقاً رقم هذا المستخدم. المقاضاة ممكنة على الصعيد القانوني اعتبر المستشار القانوني أمين طاهر البديوي ل«عكاظ» التطبيقات التي تنشر المحتويات والبيانات الخاصة بالمستخدم سواء قائمة دليل أرقام الهاتف المخزنة في جهازه أو غيرها من بيانات تخص المستخدم فيه انتهاك لقوانين الخصوصية، مؤكدا أنه بإمكان المتضرر مقاضاة هذه التطبيقات التي أفشت بياناته الخاصة دون موافقته وكسب تعويضات مالية حسب حجم الضرر. وأوضح أنه نظراً لأن غالبية هذه التطبيقات البرمجية تعود مصادرها لشركات أجنبية، فأفضل طريقة هي مخاطبة وزارة الخارجية وتعيين محام عن طريق السفارة السعودية في الدولة الصادر عنها التطبيق. وأضاف: الكثير من الشركات والمتاجر المصدرة لهذه التطبيقات البرمجية قد لا تكون ضالعة في إفشاء معلومات خاصة بالمستخدم وتدرك خصوصية بياناته الشخصية، حيث قد تتعرض بيانات المستخدم للسرقة عن طريق برامج «الجيل بريك» غير النظامية التي تكسر شفرة التطبيق وتصل لبيانات المستخدم، والتي للأسف يحملها المستخدم بنفسه في جهازه الشخصي، وفي هذه الحالة لن تكون الشركة المصدرة للتطبيق مسؤولة عن انتهاك الخصوصية وبيانات المستخدم.