موضوع سورية أصبح مؤلما، ومربكا، وغامضا. الحالة السياسية متشعبة، وليست مثيرة للحديث أو الكتابة، لكن ربما كان من الواجب الحديث عن الموضوعات الإنسانية. سعدنا بنجوم من أنحاء العالم، وسفراء للنوايا الحسنة يتجولون في أماكن اللاجئين السوريين، يخدمونهم ويتبرعون لهم. البرد القارس والعاصفة الثلجية جعلت الوضع السوري أسوأ. ملايين اللاجئين من الأطفال، والنساء، والمشردين يلتحفون الثلج، والبرد، والصقيع. الأممالمتحدة اعتبرت الحالة السورية أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، هذا الواقع يبدو مؤلما وشرسا، ويتحدى مشاعرنا الإنسانية وضمائرنا التي توخز مع كل ألمٍ يصيب إنسانا، فضلا عن طفل أو امرأة، أو أبٍ يراه أبناؤه وهو عاجز عن إعالتهم، وحالته حال الشاعر الحطيئة الذي قال شاكيا جوع أبنائه وحاجتهم: ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ ** حمر الحواصل لا ماء ولا شجر! المدير التنفيذي لليونيسيف أنتوني ليك قال: «إن وصول عدد الأطفال اللاجئين إلى المليون ليس مجرد رقم آخر، بل إن هؤلاء هم أطفال حقيقيون انتزِعوا من ديارهم، وربما من أسرهم، ويواجهون أهوالا لا بد من إدراكها». وتشير أحدث الأرقام إلى أن أكثر من 740 ألف طفل من اللاجئين السوريين هم دون سن الحادية عشرة. وفي سورية وفقا لما أوردته المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد قتل ما يقرب من 7.000 طفل أثناء الصراع. مؤلمة هذه الأخبار، ومؤلم سماع صياح أطفالٍ براعم بسن الزهور، ومهول هذا الكم من الأشلاء والدمار. هذا التعقيد العالمي، والتشابك السياسي، لا يعفيان الأممالمتحدة والدول الغنية من مساعدة هؤلاء اللاجئين، وإمدادهم باللباس والغذاء والدواء، فالصراع الدائر هو صراع سياسي لا يجب أن يخدش قدسية الطفولة التي كانت هي المتضرر الأكبر من الصراع الخطير. لئلا يموت الأمل، علينا أن لا نزهق براءة الطفولة! ليت أن كل السياسيين والمتحاربين ينحون الطفولة عن القاموس الانتقامي، لكن قدر الحروب الأهلية أن تستهدف الأطفال بغية الانتقام الأعمى والمجنون، كما في الحرب الأهلية اللبنانية حيث مجزرة «إهدن»، والتي قتل فيها الأطفال والرضع. مؤلم هذا الذي يجري، ومؤلمة هي المعلومات، ومؤلم أن تكتب أيضا عن هذا الضياع!.