في أحايين نادرة كان يصف بعض العقول بأنها «أشبه بكرة صوف لفت على عجل»، وكان الآخر وبسبب انغلاقه على قريته وثقافته، غير قادر على فك طلاسم هذه الجملة، فظن أنها مصطلح ثقافي، حين بحث في معجم المصطلحات، ولم يجد الجملة اعتقد أن القائل؛ يلعب على العامة ويؤلف من رأسه مصطلحات. ذات مرة قرر الجاهل بجملة «أشبه بكرة صوف لفت على عجل»، أن يسأل ذاك الذي يردد الجملة، ليفضح هذا المتذاكي، ويخبره أنه يعرف حقيقة اختراعه للمصطلحات. بعد أن طرح السؤال، قال له الغريب: هل شاهدت يوما امرأة تجلس على مقعد في حديقة، تغزل «بسناتريها كنزة صوف أو شال»؟ مط شفتيه ببراءة قائلا: أنا لم أر العالم، وأخاف الاقتراب من ثقافات الآخرين فأفسد. راح «الغريب» يشرح له كيف هي كرة الصوف حين تشتريها المرأة تكون سهلة الاستعمال وتدور بسهولة كلما بدأت المرأة تغزل «شال الصوف»، لكن الأطفال أحيانا يحولونها لكرة للعب فيها، فيعاودون لفها على عجل فتتشربك، وتصبح معقدة وغير قابلة للاستعمال، فترميها الأم وتشتري غيرها. والعقل حين ترمي فيه الشيء ونقيضه وكل التراث دون أن تعيد فرزه، لتبعد ما كان يظنه القدماء أنه صواب، لكن تطور المعرفة كشف لنا أنه خطأ، يصبح العقل «ككرة صوف لفت على عجل». خذ على سبيل المثال: حين يمتنع لاعب محترف عن المشاركة في المباراة، ما لم يستلم رواتبه المتأخرة، إن كان عقل المتلقي «أشبه بكرة صوف لفت على عجل»، سيكون متناقضا كل مرة، إن أحب اللاعب قال «هذه حقوقه»، وإن أحب ناديه أكثر قال «إنه يلوي ذراع النادي». بيد أن العقل السلس في التفكير «ككرة الصوف قبل أن يلعب بها الأطفال»، لن يتناقض وستجد مبدأه واضحا، فحين تطرح قضية الحقوق، سيطرح العقل تاريخ الاستحقاق كمقياس له، إن لم يستلم اللاعب رواتبه، فمن حقه أن يطالب بحقوقه، إن لم يأت تاريخ الاستحقاق لا يحق له، ولن يكترث عقلك بمشاعرك ومن تحب ومن تكره، وهذه حكاية «كرة صوف لفت على عجل». رد المنغلق عن كل الثقافات: «يا أخي ليه ما تشرحها طيب». قال له : كنت أختصر، لأني لا أعرف أنك جاهل.