كنتُ قطرة لا.. تخيلتُ أني قطرة ماء ملتصقة بزجاج شفاف. لا أعرف كيف تكونت، ولا من أين سقطت. ليس مهماً.. فهذا الأمر لا يشغل بالي كثيرا كانشغاله بما يدور خلف اللوح الشفاف. منظر الغيمة التي حجبت استدارة الشمس والزحام والأحاديث المحفورة على شفاه الأطفال وتمايل السيدات وهن يعبرن الطريق مسرعات. كل شيء كان مدهشاً. ولكن الأشياء الجميلة لا تدوم طويلاً، تأكدتُ من ذلك عندما شاهدتُ الأفق يرتفع ببطء. عرفتُ حينها أني أنزلق نحو الأسفل. انزلاق لا صوت له.. لا يشعر به غير الزجاج الذي يقف عاجزاً وأنا أرسم فوق جسده خطاً بارداً كأثر دودة فوق رمل الصحراء. ليس صعباً أن نعرف نهاياتنا.. كل ما علينا فعله هو أن نراقب الأفق وهو يرتفع. لا أحد ينتبه لبقايا أجسادنا فوق الزجاج الأملس. وحده ذلك الرجل المسن الذي يأتي كل صباح ليزيلنا بقطعة قماش جافة ويمضي. - من مجموعة (رقصة الغجر) قيد الطباعة.