كثيرة هي التشبيهات والتمثيلات التي أطلقت لوصف وجه العلاقة بين العرب والغرب، سواء فكريا أو ماديا.. لكن من أجمل ما قرأت ومن أقرب ما رأيت لحقيقة الحال هذا الوصف الذي ذكره الأستاذ أحمد بهجت في كتابه «تأملات في الحب والحياة»، يقول «إن لعبة الطاولة لعبة شرقية، بمعنى أن مجال الفكر والتدبير فيها محدود.. أما مجال الحظ والصدفة فمفتوحان إلى النهاية.. وفي الشرق.. حيث تشيع فكرة الجبر بين الناس.. ويؤمن كثير من الناس بأن الأقدار توجه خطاهم في الحياة.. وسط هذا الجو الذي يعبق ببخور الاستسلام والاعتماد على الحظ، يصير لعب الطاولة وشد أنفاس الأرجيلة عملين قوميين، وعادة من عادات الحياة.. إذا كانت الطاولة رمزا من رموز اللعب في الشرق، فإن الشطرنج رمز من رموز اللعب في الغرب.. والفرق بين الشرق والغرب، هو الفرق بين الطاولة والشطرنج. إن الطاولة تعتمد على الحظ، أما الشطرنج فمباراة تعتمد على التدبير والحسابات الدقيقة.. وكل حركة يتحركها اللاعب في الشطرنج تعني أن على اللاعب الآخر أن يحسب مجموعة من الاحتمالات لحركة منافسه لكي يرد عليها بما يفسدها...». ومن هنا نرى أن الفعل اليومي ورد الفعل هو معيار يصف حالة أمة بعينها، فإذا أردت أن تعرف حال أكبر الأمم فراقب أفرادها ماذا يفعلون ليقضوا وقت فراغهم... ولنتأكد أن الفكرة المركزية لأمة معينة تتشعب لتصل إلى أبسط الأفعال اليومية حتى اللعب.. فكل شيء حولنا هو أفكار مجسدة.. ومن هذا المعيار نستطيع أن نرى بعين أخرى بعضا من الحقيقة.