الوسائط التكنولوجية المتسارعة أحدثت نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم التواصل الاجتماعي، فمهدت الطريق لكافة الطبقات للتقارب والتعارف وتبادل الآراء والأفكار والاستفادة من معلومات الآخرين، وفي الآونة الأخيرة ومن خلال قراءة نقاشات ومحاورات وتعليقات الناس مع بعضهم البعض لا أكف عن ترديد المثل القائل (الملافظ سعد) لكثرة ما أرى من عبارات و ألفاظ وتعليقات في تويتر والفيسبوك والتي تظهر كمية مخيفة من انعدام ثقافة الحوار و تقبل الآراء من الآخرين. و ما هو أكثر رعبا هو التطاول وعدم احترام من هم أكبر سنا وأكثر خبرة في مجال النقاش فأحد أهم أهداف هذه المواقع هو تشجيع أصحاب الآراء على البوح بآرائهم ومشاركتهم والاختلاف فيما بينها في حدود تقبل آراء الآخر وهو ما آراه يتلاشى، ولكن ما هو أشد رعبا (وآسف على جو أفلام الرعب) هو أن تجد هذه التصرفات من أصحاب الخبرة والعلم والثقافة، فلم يعد لديهم القدرة أو الرغبة في تقبل آراء بعض متابعيهم الذين يتحدثون بالعقل والبرهان بحجة أنهم أقل منهم علما وفي الحقيقة قد يكون لأنهم أقل منهم شهرة. إن ثقافة التعبير عن الرأي أمر ليس بالسهل فكل منا قد وضع في أحد المواقف التي واجه من خلالها رأيا مخالفا له ومستصغرا لكل ما هو عكسه، ومتطاولا على من لم يتبنه، فتحاول كبح جماح الغضب وعدم الرد بالمثل وهذا أمر ليس بالسهل فقد قال سيد الخلق «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب». ولأخرج من جو الرعب وأذكر بالوجه المشرق في هذه الوسائل من حيث الاستخدام والتوظيف فيما يعود على الجميع بالنفع فهي تثري الحس النقدي، والحس التحليلي للتميز بين الصالح والطالح، والبحث وفلترة الأفكار المتلقاة دون تمييز، فيمعن ويتدبر ويحس؛ حتى يأخذ ما تقبله وما هو أهل للأخذ. وأخيرا لابد أن لا نغفل عن مسؤولية الكلمة، فلنفكر ونعيد التفكير والتقييم قبل أن نعبر عن ما يدور في أفكارنا فليس بعد حديث الرسول الكريم الواصف لهذا الحال أي كلام «رب كلمة لا يلقي لها الرجل بالا تهوي به في النار سبعين خريفا».