يعتبر حي الخميس أو (سوق خميس مشيط) من أقدم أسواق المنطقة ويشهد إقبالا كبيرا من المواطنين والمقيمين والزوار من جنسيات مختلفة، وبالرغم من شهرته الواسعة إلا أنه يتسم بالعشوائية وعدم التنظيم إلى جانب معروضاته التي تضم الخردوات، الملابس المستعملة، الأشرطة الممنوعة الشمة والقات، فيما تغمر مياه الصرف الصحي أزقة السوق الضيقة. من تقوده قدماه إلى أزقة سوق الخميس الشعبي للمرة الأولى ينتابه الخوف والرهبة، فالباعة جلهم من العمالة الوافدة .. يتحدثون بلغة لا تفهمها تقترب منهم فيلزمون الصمت أو يغيرون أمكنتهم حاملين بضاعتهم الرخيصة وجلها من السلع المستعملة والمقلدة، همهم الكسب المادي السريع. «عكاظ الأسبوعية» زارت السوق والتقت عددا من الباعة والمتسوقين الذين أبدوا استياءهم من الوضع المزري الذي يعيشه «سوق الخميس» العتيق. أزقة موبوءة في البداية قال المواطن سعيد سعد القحطاني من سكان خميس مشيط: إن السوق أنشئ منذ 60 عاما دون أن يطرأ عليه أي تطوير أو إعادة تأهيل، حتى أصبح في السنوات الأخيرة وكرا ومنفذا لبيع المواد الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام، ولها آثار ضارة على صحة الإنسان بعيدا عن أعين الرقيب» . ويضيف: «هناك بعض المطاعم داخل السوق تستخدم مواد غذائية غير صالحة للاستخدام الآدمي ومنها أسماك تنبعث منها رائحة كريهة وبما يؤثر سلبا على صحة المستهلكين، إلى جانب ترويج سلع ممنوعة» ، وأردف القحطاني متحدثا: «تغمر مياه الصرف والنفايات أزقة السوق حتى ابتعد عنه المواطنون وجل مرتاديه حاليا هم من المقيمين من مختلف الجنسيات». وزاد بالقول: إن «معاول المخالفات تهدم تراث الماضي». من جهته، أشار علي بن سعد آل مشبب، إلى أن أزقة سوق الخميس الشعبي تحولت إلى ملاذ آمن للمخالفين من مختلف الجنسيات الذين يروجون سلع مخالفة ممنوع تداولها كالأقراص الممغنطة، ومزاولة لعبة القمار وكافة المخالفات. بيع الممنوع بدوره حمل المواطن أحمد هملان، عددا من القطاعات مسؤولية انتشار الأعمال المخالفة في سوق خميس مشيط، وقال: «السوق يعج بمجهولي الهوية وأرباب السوابق من مختلف الجنسيات، وهناك عشرات الأسر التي لا يحمل أفرادها هوية رسمية ومع هذا يعيشون في بين أزقة السوق منذ سنوات دون أن تتحرك الجهات ذات العلاقة لوضع حد لهذه المخالفات». لعبة الديوك وأوضح المواطن سعد بن سعيد، أنه رأى في إحدى زياراته للسوق مصارعة بين ستة «ديوك» في زقاق مظلم في فترة ما قبل صلاة المغرب بقليل، حيث تتقاتل هذه الطيور حتى النفس الأخير في معركة مصيرية، والديك الذي يبقى على قيد الحياة يحوز مالكه مبلغا ماليا قدره ألف ريال، وهذه الظاهرة منتشرة في الدول الآسيوية وبعض البلدان الأجنبية على حد قوله. البيع السري وللغش التجاري وجود قوي في سوق الخميس.. «عكاظ الأسبوعية» كشفت عن تحايل بالاتفاق مع أحد المتعاملين وهو من جنسية أفريقية حيث تطوع للكشف عن ألاعيب الباعة مقابل مبلغ مادي، وقال: «هناك شاحنة ستأتي خلال الربع ساعة المقبلة إلى السوق محملة بأجهزة وسلع مقلدة، وطلب منا التخلي عن الغترة والعقال وزودني ب «شال» لأجل التخفي، وذهبنا إلى مكان الشاحنة وبعد لحظات من الانتظار وصلت إلى الموقع شاحنة يقودها سائق آسيوي، وهنا تم إفراغ البضاعة وتحميلها من جديد عبر شاحنات صغيرة إلى إحدى الشقق السكنية لتغيير العلامات التجارية بأخرى عالمية ومن ثم طرحها في السوق بأسعار وبمبالغ عالية كما علمنا من دليلنا الخاص.. ليس هذا فقط فالعمالة الوافدة تروج لمواد ممنوعة ك «الشمة» وغيرها دون رقيب. أطفال التسول وذكر أحد سكان الحي المجاور لسوق الخميس، أن هناك مجموعة من الأطفال مجهولي الهوية يتم استخدامهم في التسول واستدرار عطف المواطنين، منوها أن الأعداد الكبيرة من المجهولين يتخذون من المنازل الآيلة للسقوط مأوى لهم بعيدا عن أعين الجهات المعنية، فيما بين أحد هؤلاء الأطفال أنه بلا والدين ويعيش في منزل من غرفتين مع 12 طفلا وطفلة لا يعرفهم أصلا. المجاري والقاذورات وخلال جولتنا الميدانية، تبين أن هناك أكثر من (10) آلاف نسمة يقطنون في السوق والحي المجاور له، وهم محاطون بمياه الصرف الصحي وروائحها الكريهة، ويقضون جل وقتهم بين القاذورات والنفايات.. وبسؤال العم محمد علي (يمني الجنسية) أفاد أنه يعمل في المملكة منذ 22 عاما بطريقة نظامية، ويعيش في الحي المجاور للسوق، وقال: «لم يتحسن وضع السوق منذ سنوات ولم يشهد أي تطوير يذكر وتسيطر عليه العمالة الآسيوية إلى جانب بعض الجنسيات الأخرى» ، مشيرا إلى وجود سوق سوداء لكافة البضائع والمقتنيات وبعض السلع الشتوية، حيث يوجد في الحي مستودعات ملابس وعطور وبعض المستلزمات الرجالية والنسائية وإن جزءا كبيرا منها مقلد، وفي الفترة الأخيرة شهد السوق البيع بالمضاربة المحرمة وتحويل الأموال للخارج بطرق غير شرعية، في ظل غياب رقابة الجهات المعنية. الرأي الأمني إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي لشرطة عسير المقدم عبدالله شعثان دور الحملات الأمنية لتعقب مخالفي نظام الإقامة والعمل الأخيرة، في تضييق الخناق على بعض الأعمال المخالفة وغير النظامية، ووعد بتعقب المخالفين في كافة محافظات المنطقة بصفة مستمرة.. يذكر هنا، أن سوق الخميس الشعبي يعد بازارا مفتوحا يضم الأدوات الزراعية والصناعات المحلية وكذلك منتجات السمن والعسل الطبيعي والمواشي والخضروات والفاكهة من جميع الأصناف، إلى جانب الخناجر والسيوف والبنادق الشعبية والأدوات المنزلية والأواني الفخارية.