بحت الأصوات للاهتمام بالقصور والمساجد التاريخية والسدود التي تتمتع بها محافظة الطائف، إلا أن يد الإهمال طالت أجزاء غالية من كنوز التراث والتاريخ فطوت سجل عدد من أرصدتها الحضارية والسياحية والأثرية، ولم تفلح عمليات الإنعاش في الحفاظ على الهوية العمرانية للمنطقة المركزية. «قصر جبره» واحد من القصور التي عانت من غياب الاهتمام إذ كان في وقت من الأوقات يشع جمالا من شرفاته ذات الطابع العمراني النادر والطراز الآسر ما زاد من أهميته التاريخية، إلا أن الإهمال يجهز عليه شيئا فشيئا، ليفقد أجزاء منه وتلفه الحشائش والنفايات، ومن لا يعرفه جيدا يعتقد أنه منزل هجره ساكنوه وتركوه لتذروه الرياح من بعدهم. «عكاظ» انطلقت باتجاه القصر الذي يفتقد إلى اللوحات الإرشادية، ناهيك عن انهيار أجزاء منه، كما اعتلت الحشائش كل باحاته الخارجية واستوطن الصمت والوحشة في جدرانه، ووضع على جانبيه سياج حديدي، وأغلقت بوابته بأقفال ضخمة، أما في جهته الجنوبية فبدا السياج مطروحا على الأرض، فيما انبعثت روائح الركام والنفايات من كل مكان، إلا أن وجود عدد من سقالات البناء يشي إلى وجود مشروع ما لإعادة ترميمه دون وجود أيد عاملة أو إشارة لإنجاز ما يشفع لهوية القصر التارخية. وللحقيقة بدا الفرق شاسعا بين صورته الحالية بوضعه الراهن مقارنة مع ما كانت صوره القديمة التي تكتنز منها الذاكرة وتملأ ارشيفات الصور عند محبي وعشاق التاريخ حيث كشفت صوره القديمة ما يتميز به من نمط معماري فريد وتصميم هندسي لافت مزج بالطراز الروماني والاسلامي التي كانت تظهر في النقوش وأقواس البناء ورسومات السور. وأوضح ل«عكاظ» الكاتب والباحث حماد السالمي رئيس نادي الطائف السابق ان «قصر جبره» هو قصر ابن سليمان نسبة الى الوزير ابن سليمان الذي أنشأه في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله بطرف وادي وج وقد سكنه وزاره عدد من المشاهير الكبار في تلك الفترة وهو بلا شك واحد من المعالم التاريخية والاثرية الباقية للطائف وخاصة العمرانية منها مثل قصر شبرا وقصر الكاتب وقصر الكعكي، مشيرا إلى أن القصر يمتاز بطراز عمراني جميل وله اهمية تاريخية لا تقل عن غيره من القصور. وأوضح السالمي أن تعرض القصر للتهدم أمر مؤسف حقا وهو نتيجة إهمال الجهات المعنية، لافتا الى أنه ممن ينادون بحصر هذه المعالم والآثار وصيانتها ورعايتها والمحافظة عليها، ثم وضعها على خارطة الاستثمار السياحي والمعرفي، مبينا أن الهيئة العليا للسياحة منوط بها الحفاظ على كنوز الوطن الأثرية. مناشدا الجهات المختصة بعمل ما بوسعها للحفاظ على هذا التراث واستغلاله سياحيا بالشكل المأمول ليصبح أحد الموارد الوطنية في المستقبل القريب. وتذكر الروايات التاريخية أن القصر يتكون من طابقين وبوابه رئيسية وبه نافورة في محيطه الخارجي وقاعة في وسطه الداخلي بعمودين رومانيين ويعلوه قوس اسلامي به نقوش اسلامية والقاعة مفتوحة بالكامل على الساحة وبه عدد من الغرف ودورات المياه ويوجد بجانبيه من الخارج الى الداخل المطابخ والمستودعات فيما كانت ارضياته من الرخام وبه درج منقوش الى الطابق العلوي وتوجد شرفتان كبيرتان مطلتان على الساحة والبركة والوادي. يذكر أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أنهت قبل أربع سنوات المخططات والتصاميم للأجزاء المتهدمة من القصر في خطوة لإعادة ترميمه.