طالب رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الرئيسين ميشال سليمان، وتمام سلام، بسرعة تشكيل حكومة حيادية تدير شؤون الناس، وقال في حوار ل«عكاظ»، إن الدستور اللبناني يضمن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مؤكدا أنه ليس مرشحا للرئاسة. وأكد جعجع أن تورط حزب الله في المأساة السورية حوله إلى عدو للشعوب العربية والإسلامية. وأضاف أن السعودية تشكل في الوقت الحاضر قلب السياسة العربية والإقليمية. • اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي والحكومة لم تشكل بعد، إلى أين نحن ذاهبون؟ نحن كقوات لبنانية وكقوى 14 آذار لدينا كل النية أن ندخل في هذا الاستحقاق الرئاسي بشكل جدي، وهذا يعني أن ندخل إلى الانتخابات الرئاسية بكل قوة ولا نترك أي مجال لتمييع هذا الاستحقاق أي عدم تكرار تجربة الانتخابات السابقة، بمعنى أن تنتهي ولاية الرئيس ميشال سليمان ولا نكون قد تمكنا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بخاصة أن الدستور اللبناني يقول إنه في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد قبل 10 أيام من انتهاء ولاية الرئيس الحالي يلتئم مجلس النواب حكما لينتخب رئيسا جديدا للجمهورية، فالدستور اللبناني قد احتوى هذه المادة نظرا لأهمية موقع رئاسة الجمهورية ولضرورة عدم الوصول إلى الفراغ فيها. أما يتعلق بالاستحقاق الحكومي، فنحن ومنذ اللحظة الأولى للتكليف رأينا أنه لا يمكن إلا لحكومة واحدة أن تصلح لهذه الفترة الحرجة وهي حكومة تتشكل من خارج 8 و14 آذار، حكومة موثوق بها ويطغى عليها الطابع التقني الفعال، تهتم بأمور الناس. للأسف حاليا الرؤساء المعنيون بتشكيل الحكومة نراهم لا يقدمون على تشكيلها متخوفين من ردة فعل بعض الأطراف، وهنا لا أشاركهم الرأي بذلك، لا بل أقول لهم وتحديدا لرئيسي الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف شكلوا الحكومة وليعترض من يعترض، ومن يقم بردة فعل على هذه التشكيلة فليتحمل مسؤوليتها، فلتقدم هذه التشكيلة للمجلس النيابي وهناك فليقبل المجلس هذه التشكيلة أو يرفضها، فهناك تصبح مسؤولية الكتل النيابية، من هنا أؤكد على الرئيسين سليمان وسلام ضرورة تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن. صفقة مجهولة • الرئيس سليمان صرح بأنه لا يعارض وصول عسكري إلى السلطة، فيما أكد ميقاتي أنه لا يعارض التمديد للرئيس سليمان، فهل تتوجس من تسوية ما أو من صفقة مجهولة حول الاستحقاقات الداهمة وأبرزها الاستحقاق الرئاسي؟ أنا لا أتوجس من أي صفقة في هذا المجال، فأمر الانتخابات الرئاسية بيد مجلس النواب والكتل السياسية التي تشكل هذا المجلس، وكتلة 14 آذار أهم كتلة نيابية في المجلس، فهي وحدها مع بعض الأصدقاء تشكل نصف مجلس النواب، من هنا لا نخاف صفقة تدبر، لا بل أكثر من ذلك نحن نرى أن الحياة السياسية يجب أن تسير وفقا للأصول الموضوعة وطبيعة مسار الأمور، وأن لا نقفز إلى الاستثناءات التي بظروف استثنائية وأمنية صعبة جدا ذهبنا إليها. لست مرشحاً • هل أنت مرشح لرئاسة الجمهورية؟ في الوقت الحاضر لست مرشحا، وعندما أريد أن أترشح لرئاسة الجمهورية سأقول ذلك بالفم الملآن، هذا الأمر فخر كبير، وطبعا ترشيحي في حينه سيكون مقرونا بمشروع وبرنامج واضح، لأن الترشح لرئاسة الجمهورية ليس هواية ولا نزهة، يجب أن يكون هذا الترشح مقرونا بمشروع عملي وليس خطوطا عريضة. عدو الشعوب • تحدث نصر الله في خطابه الأخير بلغة المنتصر وخاطبكم كقوى 14 آذار بأنكم مهزومون، ألا ترون أنكم قد فقدتم المبادرة السياسية؟ وكيف ترد على نصر الله؟ لا أوافق مطلقا على هذا التفصيل، وإذا كنا كقوى 14 آذار غير قادرين على المبادرة السياسية، فدعني أتساءل: من هو القادر في لبنان حاليا على المبادرة السياسية؟! قوى الثامن من آذار كان لديها حكومة كاملة، حكومة يمكننا أن نقول عنها كاملة الأوصاف بالنسبة لهم ولم تتمكن من المحافظة عليها، وحاليا هذه القوى لديها تشكيلة حكومية وفقا لمخططها تستند إلى (9-9-6)، نصر الله وكل مزامير قوى 8 آذار تحدثت عن هذه التشكيلة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يجسدوها على أرض الواقع، وبالتالي لا قوى 14 آذار ولا قوى 8 آذار قادرة في الوقت الحالي أن تفرض أجندتها وأن تأخذ المبادرة على عاتقها. أما فيما يتعلق بكلام نصر الله بلغة المنتصر فمنذ أن سمعته وحتى الآن وأنا أتساءل: على من انتصر نصر الله؟! وأين انتصر؟ وبماذا انتصر؟ باعتقادي أن ما قام به حزب الله منذ 13 سنة حتى الآن بكل أوضاعه وتحديدا منذ انسحاب إسرائيل من جنوبلبنان كانت هزائم متتالية للحزب على عكس ما كان يصورها أنها انتصارات، وتحديدا الهزيمة الأخيرة المتمثلة بتورطه في القتال في سوريا ضد الشعب السوري. فكلنا كنا نعلم موقع حزب الله ونصر الله في العالم العربي قبل هذا التورط، ولنستعرض هذا الموقع بعد هذا التورط، فبكل صراحة وبكل وضوح انتقل الحزب ونصر الله إلى موقع العدو للشعوب العربية والإسلامية، فهل هذا هو الانتصار؟ أم أنه انتصار مع النظام السوري ضد أكثرية الشعب السوري؟ نظام تخلى عنه كل العالم حتى أصدقاؤه رغم كل ما يقال، وهذا ما سوف يظهر تباعا في الوقت المناسب، فهل هو انتصار أن ننتصر لنظام يستعمل الكيمائي ضد شعبه؟ بتقديري أن هناك ما لا يقل عن 150 ألف قتيل سوري سقطوا بسبب هذا النظام، وإسرائيل لو شنت حربا على العرب لن تستطيع أن تسقط مثل هذا العدد أو نصفه في سوريا أو غير سوريا، فيما هذا النظام وبمعاونة حزب الله حقق ما لم تستطع إسرائيل أن تحققه، وبالتالي لا أعلم عن أي انتصار يتكلم! فالبعض كما يبدو عندما يكون داخل حفرة يعتقد أنه في أعلى الجبل وهذه ذروة المأساة. مرجعية خارجية • ما هي الكلمة التي توجهها لنصر الله بعد كل هذه التطورات؟ من العام 2005 حتى العام 2010 كنت دائما أوجه كلاما لنصر الله ودائما كنت أفترض أن على الإنسان أن يحاول بشكل متواصل ولكن في العامين الأخيرين، فقدت الأمل بالتوجه إليه، وقد ترجم ذلك بعدم اقتناعنا بجدوى الذهاب إلى طاولة الحوار الوطني، وسبب ذلك أن نصر الله مأخوذ كليا بأيديولوجية أخرى وعقيدة أخرى مرجعيتها خارج لبنان، لها علاقة بإطار آخر لا صلة بلبنان ومصالحه لا بل تتضارب في كثير من الأوقات مع المصالح اللبنانية. هزيمة نظام الأسد • هناك كلام عن صفقات كثيرة، وهناك من يتحدث بلغة المنتصر، هل أنت قلق؟ لا يساورني القلق لحظة، لسبب بسيط أن التاريخ له اتجاهات لا يمكن أن يحيد عنها، تكون هناك بعض الانحناءات ثم الصعود لكن المسار واضح وثابت، فالاتجاه العام للتاريخ واضح نحو مزيد من التقدم والرقي، مزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، أما من الجهة السياسية فإن شعور البعض بالانتصار بخاصة النظام السوري فهو في غير محله، فهذا النظام الذي يجيد الدعاية كما حزب الله، أقول له إن الإجادة في الدعاية الإعلامية لا تغير شيئا على أرض الواقع، فهذا النظام قد تخلى مؤخرا عن أهم سلاح يمتلكه وهو السلاح الكيماوي وهذه أكبر هزيمة، فكان يقاتل على أساس أنه يمتلك سلاحا إستراتيجيا وهاهو الآن قد تخلى عن هذا السلاح الإستراتيجي، بل استعمله في الغوطة، ولماذا استعمله هناك؟ لأنه أراد أن يوقف دخول الثوار والجيش الحر إلى العاصمة دمشق، فالحديث عن استرداده لشارع أو لقرية هو حديث غير مفيد، فكما يقال «فالزهر قد رمي» حول مصير هذا النظام، ومن هنا فأنا واثق من الغد وواثق بأن مسار التاريخ لن يحيد أبدا. قلب السياسة العربية • ما هو تقييمك لزيارة الرئيس سليمان إلى المملكة؟ بداية أهنئ الرئيس سليمان على هذه الزيارة لأسباب عديدة، أهمها بكل وضوح أن المملكة تشكل قلب السياسة العربية والإقليمية، فمن يراقب الأحداث الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط إن أحب المملكة أم كرهها لا بد أن يقر بأن المملكة هي قلب الحدث وقلب الحركة السياسية في هذه الظروف الصعبة والمتحركة، ومن جهة أخرى فالمملكة لطالما كانت دائما إلى جانب لبنان في السراء والضراء، منذ أيام الاستقلال وحتى هذا اليوم، فالمملكة وقادتها ومنذ استقلال لبنان لم يقوموا بأي عمل بقصد أو عن غير قصد يسيء إلى لبنان وشعبه ومصالحه، لا بل كانت السباقة والرائدة في مساعدة لبنان واللبنانيين، فالرئيس سليمان وفي هذه الظروف الصعبة من الجيد أن يزور المملكة صاحبة الدور المحوري والتي تتعرض حاليا لضغوط عديدة من جهات دولية وإقليمية وبالتالي فإن هذه الزيارة كانت في مكانها الطبيعي والجيد. محور الشر • هناك بعض الأطراف في لبنان تتهجم على المملكة ودورها، كيف ترون الرد على هذه التهجمات؟ إن هذه القوى التي تتهجم على المملكة إنما تتهجم عليها بسبب ارتهانها وارتباطها بالمحور الآخر أي المحور الذي يمتد من طهران وينتهي عند النظام السوري، وما تهجمهم على المملكة إلا بسبب الدور الضامن والحاسم الذي تقوم به بوجه هذا المحور الذي لا يريد الخير للمنطقة العربية وشعوبها، ونحن كقوى 14 آذار لطالما وقفنا بوجه هذا المحور وهذه التهجمات غير المحقة، وكنا واضحين تجاه الافتراء الذي يقومون به.