تنظر باريس باهتمام الى الانتخابات التشريعية في لبنان. ويرى مصدر فرنسي مطلع على الوضع في لبنان والشرق الأوسط أن نتائج هذه الانتخابات يجب ألا تعيق مسيرة استقرار لبنان التي بدأت منذ سنة وينبغي أن تستمر الى ما بعد الانتخابات من دون أن يعني ذلك استمرار تبني اتفاق الدوحة كما هو، فهذا موضوع يعود للقرار اللبناني وماذا يريده اللبنانيون. وأشار المصدر الى رهانين يتعلقان بمسيرة استقرار لبنان بالنسبة الى نتائج الانتخابات: الرهان الأول وهو داخلي، ترى باريس أن للرئيس اللبناني ميشال سليمان دوراً كبيراً وأساسياً فيه، والرهان الآخر مرتبط بالخارج وضرورة تحييد لبنان عن أن يكون ساحة حرب للآخرين وللصراعات الإقليمية بين سورية وإسرائيل أو إيران وإسرائيل أو السعودية وسورية، ولهذا قال المصدر: «ينبغي أن تكون هناك ضمانات دولية وبيئة دولية تستمر في التأكيد، بعد 7 حزيران (يونيو) أن لبنان محيّد عن الصراعات الإقليمية على أرضه وهذا ما تريد باريس وأوروبا والولايات المتحدة بذل الجهود من أجله». وقال المصدر، إن على الصعيد الداخلي في لبنان، المخاطر أقل بالنسبة الى نتائج الانتخابات منها على الصعيد الخارجي بعد الانتخابات، فبالنسبة الى الوضع الداخلي من شأن التعايش القائم اليوم في لبنان أن يستمر. وقد يكون هناك غالب ومغلوب ولكن الحكومة المقبلة ستعمل في شكل أو في آخر على أساس روح اتفاق الدوحة، حتى لو لم يكن ذلك تنفيذاً للاتفاق بحذافيره. ولن يكون هناك قرار استراتيجي يتم اتخاذه من فريق ضد الآخر. لكن المصدر اعتبر أن انتصار أي من الفريقين ستكون له نتائج على اللاعبين في المنطقة وعلى الصعيد الدولي. فإذا انتصر فريق 8 آذار فهناك احتمال أن يستعمل الاسرائيليون هذا الانتصار للادعاء بأن لبنان أصبح دولة «حزب الله»، وبأن سورية وإيران ستعتبران أنهما انتصرتا ويعود لبنان الى المحور الاستراتيجي السوري الإيراني وهذا يشكل خطر أن يعود لبنان ساحة لتنافس القوى الإقليمية على أرضه ما قد يدفع الأوروبيين والاميركيين الى القيام بدور كبير مع الدول العربية النافذة وخصوصاً مصر والسعودية وقطر لحماية لبنان من أن يكون ساحة للتنافس الإقليمي. ورأى المصدر أن هذه الجهود الدولية يجب أن تواكبها جهود لبنانية داخلية عبر الاستمرار في الحوار الوطني وتحييد مسألة سلاح «حزب الله» نظراً الى عدم إمكان نزعه بالقوة، مع أو من دون غالبية برلمانية ل «حزب الله». وقال المصدر: «إذا حصل حزب الله (مع حلفائه) على الغالبية البرلمانية ستكون مسؤوليته أكبر إزاء الشعب اللبناني علماً ان ذلك لن يعطيه بالضرورة هامش تحرك أكبر وإذا خسر مع استمرارية ما يحدث اليوم أي الحوار الوطني فهذا أيضاً يكون نوعاً من ادخال حزب الله في نهج سياسي لبناني. ولكن الأهم ان يستمر المسار وبالتوازي ان يكون هناك بعض التقدم في تنفيذ القرار 1701 مع التنسيق بين الجيش اللبناني وقوات الأممالمتحدة لحفظ السلام وكذلك في مسألة ممارسة ضغوط دولية على إسرائيل لوقف خرقها للأجواء اللبنانية وهذا منوط بالدول الأوروبية والولايات المتحدة». واعتبر المصدر أن الاختبار الأكبر سيكون في حال التصعيد حول الأزمة الإيرانية أو تدهور الوضع، فالبعض يتوقع ان أي قنبلة إسرائيلية على إيران ستؤدي الى رد من «حزب الله» باتجاه إسرائيل. ومثل هذا غير واضح ولكن باريس تبذل كل الجهود للعمل على جميع الصعد لتحييد لبنان عن صراعات الآخرين على أرضه. والعرض الأميركي الى إيران سيكون أيضاً بعد الانتخابات في إيران التي هي في موعد قريب من الانتخابات اللبنانية. وقال المصدر ان على اللبنانيين أن يكونوا مسؤولين لحماية استقرار بلدهم. أما إذا انتصرت «14 آذار» في الانتخابات فقال المصدر ان ليس أمامها إلا الخيار بالحكم مع الفريق الآخر حتى لو لم يكن ذلك في إطار القوانين الديموقراطية حيث الغالبية تحكم. ولكن لبنان في مرحلة انتقالية ولا يمكن لفريق 14 آذار ان يعود الى ما حصل في 2006 و 2007 ولو أن ذلك غير محبذ، من جانبهم، ولكن الأولوية هي لعودة السلم الأهلي واستمراره.