الحديث عن فشل الربيع العربي أو نجاحه قد يكون من المبكر الحديث عنه، بخاصة أن الزلزال الذي ضرب العالم العربي بداية من تونس وصولا إلى سوريا لم تنته تردداته بعد، لكن ما يمكن التوقف عنده هو البحث في المصطلح بحد ذاته وهنا يرتسم التساؤل التالي هل حقا نحن شهدنا ربيعا عربيا؟ ومن أطلق هذا المصطلح؟. بداية الغرب وتحديدا الإعلام الأمريكي هو أول من أطلق مصطلح «الربيع العربي» فألبس الحراك الشعبي في عدد من الدول العربية لباس الربيع وكأن ما يحصل هو حركة واحدة لهدف واحد وفي سياق واحد، فيما لا يمكن بمكان تشبيه ما حصل في تونس بما حصل في مصر وليبيا وسوريا واليمن. فإن كان ما حصل في تونس ومصر هو حركة شعبية مطالبية أسقطت رؤساء فإن ما حصل في ليبيا وسوريا حرب إبادة من قبل نظامين ديكتاتوريين ضد الشعبين، وبالتالي فإن مصطلح الربيع ساقط إن كان يحاكي «ربيع براغ» الذي اعتمد على التظاهر الشعبي بوجه السلطة. على خلفية كل ذلك فإن الحديث عن فشل الربيع العربي أو نجاحه ينقسم إلى قسمين، هو فشل على صعيد المصطلح لكنه حراك مازال يتفاعل على صعيد المضمون، فما يحصل في سوريا مازال يرخي بظلاله ليس على المنطقة العربية وحسب بل على العالم كافة وبالتالي فإن ما يتم التحضير له عبر «جنيف 2» ليس محطة سياسية للوصول إلى تسوية سورية بقدر ما هو محطة للدخول بتسوية شاملة في منطقة الشرق الأوسط قد تبدأ بالملف النووي الإيراني لتنتهي عند حدود دمشق. من هنا فإن ما شهده العالم العربي منذ عدة سنوات وحتى الآن مازال مستمرا بتداعياته وتطوراته هو حراك باتجاه إنهاء حقبة للانتقال إلى حقبة أخرى، نهاية حقبة ما يسمى بالممانعة للدخول بحقبة أنسنة القضايا العامة وبمعنى آخر الانتقال إلى خيار «أولا» أي «سوريا أولا» و«اليمن أولا» و«مصر أولا»، ومزيدا من التوضيح إنهاء الأدوار الإقليمية للدول بحيث تتفرغ كل دولة لحل مشكلاتها الخاصة سياسيا واقتصاديا. محلل لبناني