أوضح أستاذ الأدب الإنجليزي المقارن الدكتور عدنان بن محمد بن عبدالعزيز الوزان، في ورقته التي ألقاها في الجلسة الأولى لمؤتمر مكةالمكرمة 14 الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، أن خصائص حقوق الإنسان وصونها في الشريعة الإسلامية وضماناتها تنبع من كون الإسلام دين الشمول الذي لم يقتصر على العقائد والعبادات، بل شمل جميع جوانب الحياة والمعاملات بشتى جوانبها عندما وضع قواعد عامة لحياة الناس ومتطلباتها لتدور على أصلين أساسين هما: جلب المنافع ودرء المفاسد، فما من مفسدة إلا ونهى عنها، وما من منفعة إلا ودعا إليها وشرح ما يتممها ويصونها ضمانا لها؛ كتوثيق العقود والحث على الوفاء بها والصدق والتحذير من الغش والكذب، وهذا ما يجلب المنافع. وحول تشريع الحق الإسلامي وموجب ضمانة الحق القانوني، بين الوزان أن قواعد الحقوق واضحة في كتاب الله الكريم وسنة رسوله الرؤوف الرحيم، وضماناتها متحققة في الثواب والعقاب المادي أو الروحي، الدنيوي أو الأخروي، أو كليهما، واستشهد بقول المستشرق الفرنسي مارسيل بوازار: «لا تمييز في العقيدة الإسلامية بين الموجب القانوني والواجب الخلقي، وهذا الجمع المحكم بين القانون والخلق يؤكد قوة النظام منذ البداية». وعن المرتكز الأساس لمرجعية حقوق الإنسان وضماناتها في الشرعي السماوي والوضعي البشري، أشار إلى أن المادة الثلاثين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م عن هيئة الأممالمتحدة نصت على ما يلي: «ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة أو فرد؛ أي حق في القيام بأي نشاط أو فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه»، وهذه عبارة عامة مبهمة لا توضح جهة المرجعية الحقوقية سوى أنها هيئة الأممالمتحدة، وهي مجموعة من الدول يمثلها مجموعة من الناس يضمهم سبيل الاختلاف والخلاف البشري فضلا عن الاختلاف العقائدي والتشريعي، والفروقات الحضارية والثقافية التي جعلها الله في الإسلام لكي لا يكون محل خلاف أو اختلاف، بينما نصت المادة الخامسة والعشرون من إعلان القاهرة لحقوق الإنسان الصادر عام 1990م عن منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي) وهو ما بني على قواعد الإسلام على أن: «الشريعة الإسلامية هي المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أي مادة من مواد هذه الوثيقة»، إذن فضمانة الحق الأول في الإسلام مرجعيتها إلى الشريعة الإسلامية التي جاءت من الله الحكم العدل، وليس إلى بني البشر الذين تخالطهم الأهواء وتتجاذبهم الشبهات والشهوات، وهذا مثال ظاهر واضح لحقيقة الضمانة الإسلامية للحقوق وما يقابلها في قانون البشر الوضعي.