حث سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ عموم المسلمين على اغتنام عشر ذي الحجة والاشتغال بالأعمال الصالحة والتقرب إلى الله بما يرضيه والسعي فيما يقرب إليه. وشدد سماحته على ضرورة أن يبادر المسلمون من الجنسين إلى أداء فريضة الحج وعدم التسويف في ذلك أبدا م ادام توفرت الأسباب، لافتا إلى أن المرأة إذا كانت قادرة على الحج بنفسها ببدنها ومالها وجب أن تحج، وإذا لم تجد محرما وجب عليها أن تصحب محرما وتنفق عليه وأن تؤدي عنه نفقة الحج، موضحا أنه لا يجوز التأخر عن الحج والتسويف في ذلك، وأن المطلوب في هذا الصدد المبادرة إليه، وأن من أخر الحج مع التمكن من أدائه ثم عجز كان آثما بتعمده تأخير الحج بغير عذر شرعي.. فإلى التفاصيل: ? بم توصون المسلمين جميعا وهم في هذه العشر، ما فضائلها، وما الأعمال الواردة فيها؟ أشهر الحج هي الأشهر المعلومات، قال الله جل وعلا: (الحج أشهر معلومات)، شوال، وذو القعدة وتسع من ذي الحجة، لا شك أن لها فضلا، فإن ذي القعدة وذي الحجة شهران من الأشهر الحرم، أما شوال فشهر من أشهر الحج وليس من الأشهر الحرم، إنما على المسلم في هذه الأيام المباركة الاشتغال بالأعمال الصالحة، والتقرب إلى الله بما يرضيه، والسعي فيما يقرب إليه زلفى، ولعل الله أن يوفقه لدعوة صالحة تستجاب له تنفعه في دنياه وآخرته. ولي المرأة ? هل ولي المرأة زوجة أوبنتا ملزم بأن يقوم بتحجيجها، أم أنها تقوم بالحج متى توافرت فيها شروط الحج؟ المرأة إذا كانت قادرة على الحج بنفسها ببدنها ومالها وجب أن تحج، وإذا لم تجد محرما وجب عليها أن تصحب محرما وتنفق عليه وأن تؤدي عنه نفقة الحج، ووليها إن كان أبوها فإنه ينبغي في حقه أن يبادر بالحج بها وأن يعينها على هذه الفريضة، وإن كان غير أبيها من إخوانها ونحو ذلك فعليهم تقوى الله وأن يحرصوا على أن تؤدي أختهم هذه الفريضة، فإن امتنعوا عن ذلك وعندها قدرة مالية تستطيع أن تعطي أحد المحارم أن يحج معها لكان ذلك متعينا عليها، فالمهم أن الأب من إحسانه إلى فتياته وأبنائه أن يحملهم على الحج إلى بيت الله الحرام وأن يؤدوا هذا الركن متى ما صاروا مؤهلين لذلك، ولا ينبغي التهاون لا من قبل الزوج ولا من قبل أب الفتاة ولا من إخوانها وأولياء أمرها، ينبغي المبادرة بالحج متى توفرت الأسباب. متطلبات الحج ? إذا ملك الإنسان كل مقومات ومتطلبات الحج، فهل يلزمه الحج على الفور، وهل يأثم إذا تأخر، وما نصيحتكم لمن يتأخر عن أداء الحج حتى يتقدم به العمر؟ أولا من المعلوم أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام»، والله يقول في كتابه العزيز: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، إذن فالحج فريضة على من استطاعها، فمتى توفرت عنده الأسباب صحيحا معافى يملك من النفقة ما يمكنه الوصول إلى بيت الله ثم الرجوع إلى وطنه فعليه أن يبادر بالحج، ولا يجوز أن يتأخر عن الحج، ولا يقول لا أحج حتى أبلغ سنا معينة أكون في العقد الرابع أو الخامس من عمري أو السابع ... إلخ، نقول لا، بادر ولو كنت في العقد الثاني، بادر بالحج ما دامت الأسباب متوفرة، في الحديث: «تعجلوا الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له»، فعلينا إخواني من كان منا قادرا متمكنا أن يبادر، وإذا أخر عن الحج مع التمكن من أدائه ثم عجز كان آثما بتعمده تأخير الحج بغير عذر شرعي. ثمن الهدي ? معي ابن أخي وينوي الحج والعمرة متمتعا بهما، لكنه لا يملك ثمن الهدي، هل من الممكن أن أدفع عنه ثمن هديه ؟ أم لا يصح ذلك؟ لا مانع إن كان محتاجا إما هبة أو قرضا. رد السلفة ? استلفت مبلغا يسيرا من أختي منذ فترة وهي تنوي الحج هذا العام إن شاء الله، فهل يجب علي إرجاع المبلغ لها قبل ذهابها مع أنها والحمد لله ليست بحاجته ولم تطلبه مني؟ الأصل أن الحق يرد لصاحبه، وما دمت قادرة على الوفاء فاحمدي لله وأعطيها حقها تبرأ ذمتك من ذلك. الحج والختان ? أبلغ 28 عاما ولم أختتن بعد هل يؤثر هذا على أدائي للشعائر من صلاة وصيام وحج؟ أوجب العلماء الختان على الذكر، وأنه يجب أن يختتن إلا أن يخشى ضرره، وهذا أمر واجب فيذهب للمستشفى ويختتن إلا أن تخشى ضررا على نفسك الهلاك فذاك شيء ثانٍ، وإلا ما دام ممكنا أن تختتن بلا ضرر يلحقك، فالواجب الاختتان؛ لأن في الاختتان نظافة لك وعدم التقاء النجاسة، هذه سنة يقول صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: «الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط». فيجب أن تسرع مبادرا للختن، وأظن في المستشفيات ما يعينك على ذلك، وأرجو أن تبادر في ذلك ما لم تخش على نفسك من الهلاك، ما مضى مضى، عليه في المستقبل إن شاء الله، لكن لا يجوز له أن يؤخر بعد العلم يجب أن يبادر. الحلق بالموس ? هل من الهدي النبوي حلاقة الرأس بالموس في غير الحج والعمرة؟ الذي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق في الحج والعمرة، وقال في الحج: «رحم الله المحلقين، رحم الله المحلقين، رحم الله المحلقين» وقال في الرابعة: «والمقصرين»، إذن فالحلق في الحج أو التقصير واجب، أحدهما الحلق أو التقصير، قال جل وعلا: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين)، ففي العمرة التحلل بالطواف والسعي والحلق أو التقصير، وفي الحج التحلل برمي الجمار والحلق أو التقصير مع الطواف والسعي التحلل الكامل، إذن فالحلق في الحج عبادة، أو التقصير، لكن في غير الحج من باب المباح إن رأى المصلحة في حلقه حلق، وإن رأى إبقاءه أبقاه وقدر عليه كما كان عهد العرب عليه في أول أمرهم يبقون الشعور، ولهذا يقول الإمام أحمد: لولا المشقة لأبقيت شعر رأسي. الانصراف من منى ? إن بعض الحملات ينصرف من منى يوم ثمانية الساعة الحادية عشرة ليلا، ولا يبيتون بها، ولا يصلون الفجر في منى، ما حكم ذلك؟ المبيت بمنى تلك الليلة سنة لمن تمكن من ذلك ومن لم يبت هذه الليلة بمنى فلا شيء عليه، لكن الحرص على تطبيق السنة قدر الاستطاعة هو الأولى. تأخير الإفاضة ? هل في تأخير طواف الإفاضة مع الوداع بأس، وأيهما أفضل؟ لا بأس به، الأفضل الطوافان، طواف الإفاضة في يوم النحر أو ما بعده من أيام وليالي التشريق، وطواف الوداع مستقلا هذا أفضل وأكمل؛ لموافقته للسنة، لكن من اكتفى بطواف الإفاضة في آخر أعمال وأيام حجه كفاه عن طواف الوداع إذا خرج من مكة بعد الطواف، لأنه قد تحقق فيه جعل آخر عهده بالبيت الطواف. غلبه النوم ? أنا في هذه السنة حاج عن ابن أخي وهو متوفى في هذه السنة، وذلك ابتغاء وجه الله تعالى وقد أحرمت مفردا، ولكن حصل أمر هو أني وأنا أطوف طواف القدوم غلبني النوم حتى إني لا أدرك من أمامي من شدة التعب، هل على شيء وفقكم الله وسدد خطاكم وهل السعي للقدوم يكفي عن سعي الإفاضة يوم العيد لقد نويت ذلك وأنا حاج بالإفراد؟ أنت الآن مفرد وطواف القدوم هذا هو سنة لا يؤثر عليك، والواجب عليك هو طواف الحج وسعي الحج، وهذا الطواف الذي ذكرت أنك نعست فيه وأنك أحيانا لا تشعر بمن حولك؛ فأخشى أن يكون نوما مستغرقا؛ فإن كان الأمر كذلك فالنصيحة لك أن تسعى يوم النحر بعد طواف الحج، ولا تعتد بالسعي الأول. العادة الشهرية ? امرأة لبت بحج التمتع وعند الوصول إلى مكة جاءتها العادة الشهرية، ماذا تفعل وهي مرتبطة بحملة من الرياض؟ لا بد من إكمال النسك، ولا يحل لها الطواف إلا بطهر والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: «اصنعي كل شيء غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، فعليها أن تصنع ما يصنعه الحاج فإن لم تطهر إلا بعد الوقوف بعرفة تكون قارنة وتدخل الحج على العمرة وتطوف طواف الإفاضة إذا طهرت وتسعى سعي الحج. أعمال يوم التروية ? أرجو الإفادة عن أعمال يوم التروية، وما يجب أن يفعله الحاج في هذا اليوم؟ يشرع في هذا اليوم الإحرام بالحج لمن كان محلا من المتمتعين، أما القارن والمفرد فهو على إحرامه، ويشرع للجميع إتيان هذا المكان في هذا اليوم، والمبيت فيه هذه الليلة، وصلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر فيه، يقصر الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين، هذه أعماله. صلاة الظهر ? من صلى الظهر بمنى يوم التروية وهو غير محرم وينوي الحج هل يقصر أم يتم؟ يقصر مع الحجاج؛ لأنه في حكمهم. الذهاب إلى عرفة ? أفتونا عن بعض الحجاج الذين يذهبون من منى إلى عرفة من منتصف الليل، هل هذا جائز أم لا بد أن يكون الذهاب بعد شروق الشمس؟ السنة والكمال أن يكون الذهاب إلى عرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع، ولكن من تقدم لأمر ما فلا حرج عليه. إزالة الشعر ? ما حكم إزالة الشعر ناسيا؟ الأصل أن حلق شعر الرأس للمحرم حرام لأن الله تعالى قال: (ولا تحلقوا رءوسكم) وقال: (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)، فإن اضطر فليحلق وليفد، وإن وقع منه إزالة شعره نسيانا فالأولى له إخراج الفدية؛ لأن من العلماء من يرى أن الحلق يساوى فيه بين العمد والنسيان في وجوب الفدية، يقول إن هذا إتلاف؛ فالأحوط أن يفدي خروجا من الخلاف. الاغتسال بالمعطرات ? هل يجوز للمحرم أن يغتسل بالصابون المعطر أو الشامبو؟ الصابون المعطر من العلماء من يكرهه ويقول إنه طيب فتركه أولى ومكث هذه المدة القليلة (يومين) مع ترك هذا الأمر المشتبه والذي تردد الأمر فيه بين مانع له ومحل له، فكون الإنسان يتركه يترك ما فيه عطورات وإن خفت اتقاء للشبهات لا شك أن هذا أسلم لدين الإنسان.