نجحت الأجهزة الأمنية بمحافظة جدة في القبض على سارق المركبة التي كانت بداخلها الطفلة ذات الثماني سنوات (وجدان) وهي بحالة صحية جيدة، غير أن الشرود والجوع لازماها بسبب احتجازها من قبل الجاني لعدة ساعات عاشت خلالها أسرتها موقفا عصيبا وأضناها البحث عن فلذة كبدها. جاء القبض على سارق المركبة بعد ما يقارب 11 ساعة على اختفائها، حيث نجحت دورية سرية في رصد سيارة تطابقت أوصافها مع سيارة شقيق الطفلة وجدان، وتمت متابعتها والتأكد من أنها السيارة ذاتها المبلغ والمعمم عنها (بيضاء اللون) وجرى تمرير المعلومات إلى غرفة عمليات دوريات الأمن، لتوفد بدورها عددا من الدوريات السرية والرسمية إلى الموقع في حين كان الجاني يدور في حلقة مفرغة بعد أن أحكم رجال الأمن إغلاق كافة مخارج حي الحرازات وهو ما جعله يحاول إيجاد منفذ له وهو يجوب كل الطرق في سبيل الخلاص دون أن يحقق مقصده، خاصة أن البحث عنه داخل الحي كان بشكل دائري مع التنبيه بضرورة أخذ الحيطة والحذر منه باعتبار أن الطفلة لا تزال معه داخل المركبة. محاولات حذرة لم يشأ أفراد دوريات الأمن تعريض حياة الطفلة وجدان للخطر لحظة مطاردتهم لخاطفها، حيث سلكوا طريق اللين في التعامل معه لإيقافه إلا أنه رفض التوقف وحاول تعطيل السيارات الأمنية بهدف الهرب واصطدم بمركبتين منها، غير أن هذه الحيلة أيضا لم تثن الجهات الأمنية عن عزمها القبض عليه، وزاد تضييق الخناق عليه بشكل أكبر بقفل كل المساحات أمامه حتى أجبر على الوقوف وكانت المفاجأة هي قيام الجاني بإغلاق أبواب المركبة والتهديد بخنق الفتاة، ما جعل رجال الأمن يتحركون سريعا لتحطيم زجاج السيارة وتخليص الفتاة دون تعرضها لأذى. سيطرة على الغضب عقب إلقاء القبض على الجاني شكلت دوريات الأمن فريقا لمنع الوصول إلى سارق المركبة من قبل أسرة الطفلة التي كانت في حالة غضب كبيرة بعد علمها بأمر ضبطه، وشدد مدير إدارة دوريات الأمن العميد سعد الغامدي على ضرورة مرافقة عدد من دوريات الأمن للمركبة التي تقل الشاب حتى لحظه تسليمه إلى مركز شرطة المنتزهات لضمان سلامته. نية السرقة أكد الجاني خلال التحقيقات الأولية معه أنه لم يكن ينوي اختطاف الفتاة، بل كان ينوي سرقة المركبة فقط ولكنه فوجئ بوجود الطفلة بداخلها ولم يستطع التفكير في ما سيقوم به بعد ذلك، ما دفعه للدوران في حي الحرازات حتى يجد الطريقة التي يعيد بها الطفلة إلى ذويها دون أن يسلمهم المركبة، مضيفا أنه فضل البقاء بعيدا عن الأعين حتى لا يقبض عليه وظل على تلك الحال لعدة ساعات، بيد أنه لم يتعرض للطفلة بأذى باعتبارها ليست هدفه. الطفلة سليمة أوضح الناطق الإعلامي لشرطة جدة الملازم أول نواف بن ناصر البوق أن الطفلة خرجت سليمة ولا تعاني من أي شيء، مؤكدا أنهم تمكنوا من القبض على الجاني بعد أن وصلت لغرفة العمليات بدوريات الأمن، معلومات من أحد المواطنين تؤكد العثور على السيارة المعمم عنها من قبل الشرطة التي سرقت من حي الحرازات وبداخلها طفلة تبلغ من العمر (8) سنوات. وأضاف ناطق الشرطة «الجاني سعودي الجنسية ويبلغ من العمر 27 عاما وكان في نيته سرقة السيارة ولم يلاحظ الطفلة بداخلها -حسب ما جاء في أقواله- وبعد ورود المعلومة عن تواجده بشارع الأربعين بحي الحرازات مقابل محطة الوطن يتجول بالعربة المسروقة تمت محاولة إيقافه ولكنه لاذ بالهرب واستطاعت الدوريات توقيفه بالقوة، ما نتج عنه تلف بالسيارات الرسمية مع الأخذ في الحسبان كامل الحرص بالحفاظ على الأرواح التي كانت داخل السيارة المقصودة». رهن التحقيق وبين نواف البوق أن المتهم موقوف على ذمة القضية وهو رهن التحقيق وبحث الشخصية، مشيرا إلى أنه وبمجرد تلقي البلاغ قام مدير شرطة جدة اللواء عبدالله بن محمد القحطاني بتكوين فريق أمني متخصص وعلى رأس الفريق مدير دوريات الأمن ومدير شعبة التحريات والبحث الجنائي ومدير مركز شرطة المنتزهات لإجراء عمليات البحث والتحري عن الفتاة والعربة والتي تكللت بالنجاح. دور إعلامي مشرف أشاد البوق بالدور المشرف الذي اضطلع به الإعلام في هذه القضية من نشر سليم مساند وداعم للجهات الأمنية في عمليات البحث من منظور اجتماعي، وتفعيلاً لمفاهيم الشرطة المجتمعية، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي استخدمت في عمل رائع للبحث عن الفتاة، مضيفا «هذه هي مروءة وشهامة أبناء الوطن تمثلت في عمل يستحق الإشادة، والشكر منا كجهة أمنية أولا، ثم من ذوي الفتاة ثانيا، وتحية فخر لك يا وطني بأهلك». مشكلة مع شقيق الطفلة ألمحت مصادر ل«عكاظ» إلى أن الشاب سارق السيارة وقع في مشكلة سابقة مع شقيق الطفلة وجدان، بعد أن شاهده الأخير يتوقف بجوار إحدى المدارس المتوسطة وهو ما جعل الجاني يقدم على سرقة المركبة ويفر من الموقع، وما إن عاد شقيق الفتاة حتى شاهد اختفاء سيارته وبداخلها شقيقته وبالبحث في الموقع لاحظ سيارة الشاب موجودة وعلم على الفور أن له ضلعا في السرقة، لذا قدم المعلومات عنه لجهات التحقيق.