أعاد مسرح سوق عكاظ الاعتبار لتوابع الشعراء من «الجن»، حين قدم شخصية مسحل بن أثاثة في مسرحية «الأعشى صناجة العرب». ومسحل هو شاعر الجن الذي ألهم الأعشى، وألقى في روعه بديعات قصائده كما تقول الأساطير، وكما يقول الأعشى نفسه في أبيات متناثرة من شعره. وظهر مسحل في المسرحية التي أخرجها فطيس بقنة، وكتب نصها الدكتور سامي الجمعان، وهو ينافح عن صاحبه الأعشى، ويروي قصة لقائهما، كما يعرض جوانب من مواقف الأعشى مع ممدوحيه ممن أعزهم بشعره، ورفع ذكرهم بعد أن كان خاملا. وكان الشعراء ينتحلون لأنفسهم شعراء من الجن توابع لهم، ووصلت أسماء كثير من هؤلاء التوابع إلينا عن طريق «رسالة التوابع والزوابع» الشهيرة لابن شهيد الأندلسي، والتوابع جمع تابع أو تابعة، وهو الجن أو الجنية، يكونان مع الإنسان يتبعانه حيث ذهب. وأما الزوابع فجمع زوبعة، وهي مأخوذة من زوبع أي رئيس، فالزوابع هم رؤساء التوابع. وفي هذه الرسالة تخيل المؤلف أنه قام برحلة إلى عالم الجن، وهناك التقى بشياطين الشعراء والكتاب ووقعت بينهم مناظرات أدبية تفوق فيها ابن شهيد على الجميع وأرضى غروره وذلك في إطار قصصي، وفي رسالته التقى ابن شهيد بتوابع عدد من الشعراء والأدباء منهم امرئ القيس، طرفة بن العبد، قيس بن الخطيم، أبي تمام، البحتري، أبي نواس، المتنبي، الجاحظ، أبي القاسم الإفليلي وغيرهم. يقول أستاذ اللغة العربية في جامعة أم القرى الدكتور محمد ردة عطية الله العمري «إن كلمة التوابع جاءت من فكرة عربية قديمة مفادها أن لكل شاعر تابعا من الجن يتبعه ويلهمه، فالعبقريات الشعرية القديمة، كان يظن أنها تأتي من التوابع، وهذا يذكرنا بقضية الإلهام في الشعر التي تحدث عنها الشعراء والنقاد قديما وحديثا». ويضيف العمري «والحق أن الشعر إلهام وعبقرية، وأما الأودية عبقر وغيرها، فهي ظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا».