هز انفجار سيارتين مفخختين مدينة طرابلس بشمالي لبنان أمس في أشد التفجيرات دموية منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، ما أدى إلى مقتل 42 شخصا واصابة نحو 500 آخرين حسب مصادر أمنية وطبية. واستهدف الانفجاران اللذان وقعا بفارق دقائق معدودة، المصلين في صلاة الجمعة بمسجدي التقوى والسلام. وقال الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ان هذه المجزرة تندرج في إطار مسلسل تفجيري يستهدف الوطن ككل، مستنكرا لجوء المجرمين والارهابيين الى قتل المدنيين لأهداف وغايات اجرامية لا تمت الى القيم والاهداف الانسانية بصلة، وتصب في خانة احداث الفتن والاضطرابات. وطلب من الاجهزة العسكرية والامنية والقضائية بذل أقصى الجهود لكشف المجرمين والمحرضين. بينما قطع رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية تمام سلام زيارة خاصة لليونان وعاد الى بيروت لمتابعة التحقيقات في التفجيرين اللذين اعتبرهما استكمالا لمخطط جهنمي يرمي الى زرع بذور الفتنة والاقتتال بين اللبنانيين. وقال ان يد الارهاب تضرب مرة جديدة لبنان وابناءه مستهدفة مدينة طرابلس بعد اسبوع من انفجار في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأضاف أن استهداف بيوت الله، الذي يشكل سابقة لم تسجل حتى في أحلك أيام الحرب الاهلية سوادا، يدل على إصرار القتلة على استثارة المشاعر والعصبيات واستجرار ردود الفعل خدمة لمخططهم المشؤوم. وأضاف هذا الأمر يستدعي من أهل طرابلس الصبر على المحنة والعض على الجراح لقطع الطريق على المتربصين بهم وعدم الوقوع في الفخ الذي ينصبه لهم اعداء لبنان. وتابع إن جريمة طرابلس دليل إضافي على أن الاوضاع في لبنان بلغت مرحلة شديدة الخطورة وتتطلب استنفارا وطنيا سياسيا وأمنيا لقطع دابر الفتنة، والتعامل مع الاستحقاقات السياسية بأعلى قدر من المسؤولية الوطنية. ومن جهته قال رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري معلقا على الحادثتين ان أيدي الفتنة لا تريد للبنانيين ان يشعروا بلحظة واحدة من الاستقرار، وتريد لآلة التفجير والقتل ان تحصد الابرياء في كل مكان من لبنان. بينما أصدر رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي مذكرة إدارية قضت بإعلان الحداد العام اليوم على أرواح ضحايا تفجيري طرابلس اللذين اعتبرهما رسالة واضحة هدفها زرع الفتنة. ووقع الانفجار الاول بعيد الواحدة والنصف بعد الظهر قرب مسجد التقوى في وسط طرابلس خلال صلاة الجمعة. وبعد دقائق، دوى انفجار ثان قرب مسجد السلام في منطقة الميناء على بعد اكثر من كيلو مترين من الموقع الاول. وبثت محطات التلفزة لقطات التقطتها كاميرات مثبتة داخل المسجدين يظهر فيها مصلون وهم يستمعون الى الخطبة قبل ان يدوي انفجار ويتصاعد دخان وغبار كثيف. ويشاهد المصلون وهم يهرعون، نحو باب مسجد التقوى للخروج منه بعد الانفجار الذي أدى الى دمار كبير واضرار بالغة بعشرات من السيارات والدراجات النارية المتوقفة أمام الموقع. وردد مئات من المدنيين الذين تجمعوا في المكان هتافات ضد حزب الله اللبناني والنظام السوري الذي أشارت أصابع الاتهام الى احتمال تورطه في التفجيرين بهدف خلط الأوراق في لبنان. كما انتشر مسلحون في بعض شوارع طرابلس، وقاموا بتفتيش السيارات والتدقيق في الهويات. ويقع منزل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قرب مسجد التقوى، الا ان مكتبه الاعلامي سارع الى الايضاح بأنه خارج البلاد. ووقع الانفجار الثاني في حي راق في منطقة الميناء على بعد حوالى كيلومترين من موقع الانفجار الاول واسفر عن دمار كبير في الابنية والمحال التجارية. وطوقت القوى الامنية وفرق الادلة الجنائية المكان وبدأت التحقيقات. وبين المنازل المتضررة بشكل كبير منزل مدير عام قوى الامن الداخلي سابقا اللواء اشرف ريفي الذي لم يصب بأذى. وقال ريفي في تصريح صحفي ما اراه هو الفتنة، مضيفا اهلنا في الضاحية الجنوبية دفعوا الثمن، واليوم اهلنا في طرابلس. والآتي اعظم. وأشار الى أنه قبل انتهاء مهمته على رأس قوى الامن الداخلي قبل سبعة اشهر، حذر من امتداد الحريق من سوريا الى لبنان، مجددا الدعوة الى اغلاق الحدود حتى لا يمتد اللهيب إلى الداخل اللبناني.