اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    سفارة السعودية بواشنطن تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    ثمار الاستدامة المالية    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    النصر يُعلن عن تفاصيل إصابة عبدالله الخيبري    موعد مباراة السعودية والبحرين.. والقنوات الناقلة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    ضبط (20159) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    لمحات من حروب الإسلام    الإستثمار في الفرد والمجتمع والوطن    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    طريقة عمل شوربة البصل الفرنسية    حرس الحدود بعسير ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهم البحرية في في عرض البحر    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    القبض على شخص في الرياض لترويجه المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    تأجيل اختبارات منتصف الفصل الثاني للأسبوع القادم    محمد آل فلان في ذمة الله    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    أمطار خفيفة على جازان وعسير والباحة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرداسة بؤرة إرهابية والتهديد يمنع الأهالي من مسيرة لرفض الإرهاب
نشر في عكاظ يوم 24 - 08 - 2013

مخطط حرق الإخوان لمصر لم يشمل حرق أقسام الشرطة والكنائس، والعمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة بالعريش وسيناء فقط، بل شمل خططا للذبح والتمثيل في جثث ضباط الشرطة، فلم يمر أسبوع على ذكرى المذبحة الأولى التي شهدها قسم شرطة كرداسة في المخطط، حتى وقعت المذبحة الثانية في محافظة الأقصر، معلنة عن الخطة المدبرة الثانية منذ إعلان التفويض للقضاء على الإرهاب، مقابل فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة.
«عكاظ» اخترقت حصار ميليشيات الإخوان والجهاز في كرادسة لتنشر تفاصيل التخطيط للمذبحة الأولى في مركز شرطة كرداسة، وفقا لشهود عيان رفضوا ذكر أسمائهم خوفا من بطش الميليشيات المسيطرة على المدينة. بدأ المخطط بتحديد ساعة الصفر، بالتزامن مع لحظة فض اعتصام ميليشيات الإخوان في «رابعة» و«النهضة»، ووزعت الأدوار على كل مسلح إخوانى وجهادي ورسمت الخطة لاقتحام قسم كرداسة وذبح الضباط والعساكر ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه ويفكر في أن يقضي على الإرهاب، ويلاحق ميليشيات الإخوان أمنيا. وسبق تنفيذ المذبحة المدبرة، بعض المناوشات بإلقاء الطوب والطلقات النارية على مركز شرطة كرداسة، ليلة عزل محمد مرسي، ولكن سرعان ما تم إرسال قوات الجيش وتعزيزات من الشرطة وبمساعدة الأهالي نجحت في فض تلك المناوشات، ولكن مرت الأيام واختفى الجيش وقوات الأمن من أمام القسم، وفوض الشعب السيسي للقضاء على الإرهاب، ومن هنا اقتربت ساعة الصفر، حيث جلس الشيخ محمد نصر الغزلاني، مع مجموعة من الجهاديين والإخوان الذين شملهم العفو الرئاسي وأفرج عنهم الرئيس المعزول من السجون منذ أن تولى الحكم، داخل مزرعة الجِمال التى يمتلكها الشيخ محمد نصر، والمقابلة لمسجد الشاعر المجاور لقسم كرداسة، ليخططوا ماذا بعد فض الاعتصام.
الساعة السادسة صباح يوم الأربعاء، حيث بدأت قوات الأمن والجيش في فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية، في الوقت الذي دقت ساعة تنفيذ المخطط الإرهابي، بتحريض الأهالي، حيث اعتلى الشيخ عبد الرحمن الشامي مئذنة مسجد الشامي، ووجه نداء إلى أهالي كرداسة بالدموع والبكاء والندب «اخرجوا من بيوتكوا دافعوا عن إخوتكم اللي بيتقتلوا في رابعة والنهضة»، في الوقت الذي تزامن مع إعلان عن أعداد القتلى بكرداسة والقرى المجاورة لها، حيث تم الإعلان عن مقتل إبراهيم عطية زيتون، ومصطفى عبد الفتاح عمار من قرية بني مجدول، وثلاثة من ناهيا وقتل اثنان آخران من كرداسة وثلاثة من أبورواش.
ووسط الصراخ على فراق ذويهم ذهب الأهالي ليتجمهروا أمام قسم كرداسة في حدود الساعة العاشرة صباحا بالطوب والحجارة في بادئ الأمر، إلى أن تجمع أهالي كرداسة وبني مجدول وأبورواش ليفجروا غضبهم أمام مركز كرداسة. استغاثات الشيخ تتزايد من مئذنة المسجد للثأر من قوات الأمن أعداء الله، بينما قوات الأمن تطلق الغازات المسيلة للدموع لتفريق الأهالي من أمام القسم لمنع اقتحامه.
الساعة الواحدة ظهرا انقسم الأهالي أمام القسم، مجموعة من الملتحين استمرت فى إلقاء الطوب والحجارة على القسم غير مبالية بأذان الظهر، وأخرى ذهبت لغلق مداخل ومخارج كرداسة لمنع وصول أي تعزيزات أمنية، وثالثة دخلت مسجد «الشاعر» لأداء صلاة الظهر التي انتهت بالدعاء على الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ووزارة الداخلية، وعلى المعارضين لشرع الله، حيث ردد المصلون: «اللهم أهلك الكفرة.. اللهم انصرنا على أعداء الدين»، وكانت كلمة السر حين تعالت أصوات مرددة «حي على الجهاد»، وبدأ الإخوان يطلبون من أهالي قتلى رابعة العدوية، وميدان النهضة الابتعاد من أمام القسم لأن هناك قوة مسلحة سوف تقتحمه.
كلمة السر
أغلقت المزرعة أبوابها بعد السماح بدخول من ينتمي إليهم فقط لتوزيع السلاح، لتدق الساعة الواحدة والنصف ظهرا ويخرج العشرات من المزرعة متجهين من شارع «باتا» في كرداسة إلى أمام الوحدة الصحية، والمجلس المحلي المقابل لمركز كرداسة، وبدأ كل منهم يأخذ موضعه، ويتزايد التحذير للأهالي من الابتعاد عن مقر القسم ليبدأ التعامل معه بالأسلحة المتطورة، في الوقت الذي استمر إطلاق وابل من الغازات المسيلة للدموع من قبل العساكر الذين يقفون خارج القسم محتمين بسور إلى أن أطلقت العناصر المسلحة «آر بي جي» من أعلى الوحدة الصحية على القسم ولكن التصويب فى المرة الأولى جاء بعيدا عن القسم وفي المرة الثانية أصاب المدرعتين الموجودتين أمام القسم، مما تسبب فى إحراقهما واشتعال النيران فيهما، وهنا تراجع العساكر من أمام القسم إلى داخله وانتهى ضرب الغازات المسيلة للدموع، لتبدأ ساحة القتال بتصويب النيران على القسم من كل ناحية، مجموعة تمركزت بال«آر بي جي» والأسلحة أمام الوحدة الصحية والمجلس المحلي والمدرسة الابتدائىة المقابلة لمركز الشرطة، ومجموعه أخرى تمركزت داخل منفذ بيع الخبز القريب من الشرطة ومسجد الشاعر، وثالثة أمام مسجد الشاعر وشارع باتا المقابل له، بينما الأهالي يحرقون إطارات السيارات ويدفعونها نحو المركز لتستقر أمامه لتتصاعد منها الأدخنة لخداع الضباط، وحجب الرؤية عنهم وسط طلقات النيران المصوبة عليهم من كل اتجاه، علاوة على وصول سيارتين إحداهما «جيب» والثانية «نيسان» ونزل منها ستة ملثمين مختبئين خلف صناديق الزبالة المواجهة للمركز وأطلقوا النيران عليه، إلى أن توقفت أيضا الطلقات النارية من قبل ضباط قسم كرداسة،
القتل الجماعي للضباط والجنود
وبدأت تتردد أنباء عن انتهاء الذخائر بداخل القسم والدعوة لاقتحامه إلى أن عادت الطلقات من داخل القسم مرة أخرى وفي الساعة الثالثة والنصف دخلت العناصر المسلحة مركز الشرطة معلنين عن قتل الضباط والعساكر، وفي خارج القسم هتافات «الله أكبر الله أكبر.. أمسكنا بالمأمور»، ليبدأ حمل مأمور القسم إلى داخل مسجد الشاعر، وانهالوا عليه بالضرب حتى الموت، وسط ترديد بمكبرات صوت المسجد: «الله أكبر الله أكبر»، والشيوخ خارج المسجد يطلبون من السيدات إطلاق الزغاريد بعد قتل الضباط، وإلقاء جثثهم أمام مسجد الشاعر، مرددين:«خلي السيسي ينفعكو».
«يا أهالي كرداسة كل واحد له ثأر يتجمع أمام المسجد ليأخذه»، رددت هذه العبارة من قبل بعض الشيوخ، حيث أمام مسجد الشاعر ملقاة جثث الضباط والعساكر، فمنهم من أخذ جثة أمين شرطة ما زال ينبض بالروح إلى قرية مجاورة لكرادسة وقتلوه أمام منزل أحد قتلى ميدان النهضة، وآخرون سحلوا نائب المأمور عامر عبد المقصود بعد وضع جثته على بطانية وشدها لتجوب أنحاء كرداسة ناحية مستشفى الغزلاني الذي يمتلكه د. محمد السيد الغزلاني، وعودته مرة أخرى أمام مسجد الشاعر، حيث يتجمع أهالي كرداسة حول جثث الضباط والعساكر، يتشاورون عن مصير الجثث، أحدهم اقترح إلقاءها في ترعة المنصورية، وآخرون اقترحوا تعليقها على مدخل كرداسة ليكونوا عبرة لمن يعتبر، وفجأة اختفت العناصر المسلحة في كرداسة والعناصر التي تطلق صواريخ «آر بي جي» تاركين الأهالى يحتفلون بالنصر العظيم لقتل وذبح والتمثيل بجثث بعض ضباط القسم، حيث التمثيل بجثة نائب المأمور، وأمين شرطة، وسرقة الأسلحة القليلة الموجودة داخل القسم! وبدأ رجال ملتحون بإجراء اتصالات يزفون نصرهم العظيم قائلين: «إحنا خلصنا وقتلنا الضباط عملتو إيه فى قسم العمرانية وفي صفط اللبن»!
الأهالي يحددون القتلة
داخل مملكة ميليشيات الإخوان والجهاديين ترتكب الجرائم والمذابح لتطبيق شرع الله علنا على مرأى ومسمع من الجميع، بادعاء تطبيق كل من يرونه مخالفا لهم، أو يثير استياءهم داخل كرداسة والقرى المجاورة لها، والكل يعلم من هم القتلة، ولكنهم لا يجرؤون على أن يتكلموا خوفا من بطش قادة الميليشيات بهم، ومن ثم تطبيق حدود الله عليهم.
ابتداء من قرية المجادلة، ومرورا بقريتى ناهيا وأبورواش. لم ينس أهالي كرداسة سحل أحد الضحايا وتكبيل يديه وقدميه، في حين تقمص المسلحون دور مقيمي حدود الله، لينهالوا على شاب ضربا، مما أدى إلى كسر يده بحجة ضبطه بسرقة «توك توك».
«من النهارده مافيش حكومة» هو شعار معتقل المليشيات في كرداسة التي بدأ إعلانها عقب قيام الثورة مباشرة وتحديدا عند خروج الشيخ محمد الغزلاني العضو البارز في جماعة الجهاد، الذي ظل محبوسا لأكثر من 15 سنة، حيث كون الغزلاني مع أحد أقربائه وهو الشيخ مهدي مجموعة مسلحة من الملتحين، وبعض مسجلي الخطر تحت مسمى اللجان الشعبية، و رفض فتح مركز الشرطة الذي تم إغلاقه خلال ثورة يناير، علاوة على تهديده لوزارة الداخلية بتصفية الضباط إذا فكروا في فتح مركز شرطة كرداسة، ولكن بعد مفاوضات اشترطت ميليشيات الجهاد والإخوان فتح مركز شرطة كرداسة بعد تغيير الضباط، و خططت الميليشيات لمذبحة الضباط انتقاما لتفويض الشعب للجيش والشرطة للقضاء على إرهابهم، بل هددوا باقتحام القسم وتصفية ضباطه خلال شهر رمضان الماضي ولكن الأهالي هم من تصدوا لهم وباءت محاولتهم بالفشل.
المذبحة ارتكبت ليلة فض الاعتصام وأسماء مرتكبي المذبحة معروفة لأهالي كرداسة. فالغالبية منهم إخوان وجهاديون بالتعاون مع مسجلين خطرا وعرب أبورواش، والأسماء التي تتردد بقوة في أنحاء مملكة الميليشيات التي ارتكبت المذبحة وفقا لشهادة أهالي كرداسة، هم: الممول الرئيسي للمذبحة «م. غ» الذي أفرج عنه الرئيس المعزول محمد مرسي. فالأهالي أكدوا أنه استأجر عددا من المنتمين إلى عرب أبورواش، إضافة إلى عائلة الزمر والمهدي والغزلاني، و«م. ع» وشقيقه المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، و«م. ز» وشقيقه «ك. ز» القاطن في قرية أبورواش وهما لا ينتميان إلى أي تيار إسلامي وقد قاما بمهمة جلب إطارات من المخزن المجاور لمستشفى الغزلاني وحرقها وإلقائها أمام قسم شرطة كرداسة، ومعهما «أ. م»، و«أ. ع»، و«ه. ر»، و«ف. ا» من قرية المجادلة. ووفقا لشهود عيان فإن قائمة مرتكبي المذبحة تشمل اسم «ع. ب» عضو مجلس الشعب المنحل، وشقيقه «م. ب»، والمحرض على قتل الضباط واقتحام القسم الشيخ «ع. أ» صاحب مسجد «الشامي» الذي سيطر على مئذنة المسجد.
رعب وذعر في كرداسة
الرعب والذعر، هما الحالة الدقيقة التي يعيشها أهالي كرداسة الآن، ومنذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث سيطرت ميليشيات الجهاد والسلفيين والإخوان على المركز والقرى المحيطة، واستطاعت التحكم في المداخل والمخارج، مما أشعر الأهالي بالخوف من بطش أنصار الميليشيات حتى لا تطبق عليهم «حدود الله» على أيدي مسجلين خطر مأجورين من الجهاديين والإخوان.
«حسبي الله ونعم الوكيل» هذه هي العبارة التي تتردد على ألسنة الأهالي، المارين من أمام قسم الشرطة التي وقعت فيه أبشع مذبحة فردية لفرد شرطة. العبارة تتكرر كلما نظروا إلى الرماد والحريق والمدرعات وسيارات الأمن المركزي المحترقة، وكلما تذكروا المذبحة الدموية غير الآدمية التي طالت ضباط وعساكر القسم، بينما يؤكد الأهالي أن ضحايا المذبحة أفضل الضباط الذين خدموا في منطقة كرداسة، حيث دماثة الخلق والبشاشة، وبخاصة اللواء محمد جبر مأمور القسم.
الأهالي ليسوا سلبيين تماما فقد حاولوا تنظيم مسيرة تجوب أنحاء كرداسة منددة بالمذبحة التي ارتكبت حقنا للدماء ولتوجيه الدعم لقوات الجيش والشرطة في حالة اقتحامهم المركز، ولكنها سرعان ما فشلت بعد تلقي بعضهم التهديدات، مما دفعهم إلى التراجع مع قلة عددهم، وضعف إمكانياتهم.
«أنا خايف أخرج من كرداسة لاحسن يعتقلوني عشان ساكن هنا» بهذه الكلمات قال «ف.ع» البالغ من العمر 65 عاما، مشيرا إلى الإساءة لسكان كرادسة بعد إطلاق ال«آر بي جي» وارتكاب مذبحة قسم الشرطة، مؤكدا أن المسيطر عائلات الجهاديين والإخوان والسلفيين، ولكن الأهالي ليست لهم علاقة بأي جرائم أو مذابح.
وقالت «و.م»: انتشر خبر التخطيط لتصفية ضباط كرداسة خلال شهر رمضان، وحاولنا تحذير مأمور القسم، لكنه أكد أن «من حق أي أحد التظاهر سلميا خارج القسم ولكننا لن نترك المقر لهم ليقتحموه»، مؤكدة أن الذي لا تستطيع نسيانه كلمات قالها لها اللواء محمد جبر مأمور قسم كرداسة، حينما طلبت منه قتل وحرق كل المعتصمين في رابعة والنهضة حتى تستريح آلام مصر، فكان رده «حرام عليكي ادعي لهم بالهداية لأنهم مغيبون ولا تدعي عليهم بالحرق والقتل»، مشيرة إلى أنها تتمنى أن تهجر كرداسة لنسيان المذبحة البشعة لضباط كانت تتعامل معم وتعرفهم جيدا، قائلة: «الشهيد مأمور القسم كان يتعامل باحترام مع الصغير قبل الكبير».
الأهالي أكدوا أن الضباط التزموا بتعليمات وزارة الداخلية، حيث عدم التعامل بالطلقات النارية في حالة محاصرة ومحاولات اقتحام الأقسام والتعامل بالغازات المسيلة للدموع فقط، علاوة على تكليفهم بحماية مقر القسم من أي اقتحام، ووفقا لشهادات بعض الأهالي: ليلة المذبحة في حدود الساعة الثامنة صباحا بعد بدء فض اعتصام رابعة والنهضة اتصلنا بالمأمور لنحذره ببداية تجمع الجهاديين والإخوان تمهيدا لاقتحام القسم وقتل الضباط بعد انتشار خبر الاستعانة بالأعراب ليتعاملوا مع القسم، فكان رده: لا توجد لدي تعليمات من الداخيلة بترك مقر القسم. مؤكدين أنه بعد محاصرة ميليشيات الإخوان والجهاديين القسم وبدء إطلاق ال«آر بي جي» عليه حاولنا الاستغاثة بالشرطة أكثر من مرة ولكن دون مجيب، وآخر اتصال بالنجدة وجدناهم يعلمون قتل المأمور والضباط، ولكن تمكن بعض الأهالي من مساعدة مجندين على الهرب، وإخفاء جثة النقيب هشام شتا خوفا من التمثيل بها، كما أضاف الأهالي: «بعض الملتحين سمعناهم يقولون هنحرق الأقسام التي يسهل اقتحامها وذكروا قسم الحوامدية والطالبية وبولاق».
شهود عيان للمذبحة أكدوا أن من قام بالقتل والذبح والتمثيل بالجثث هم الجهاديون والإخوان، وأن من أطلق دانات ال«آر بي جي» هم عرب أبورواش، كما أشاروا إلى احتفال أهالي قتلى رابعة والنهضة بحرق القسم وقتل الضباط، كما أضافوا أن بعض ميليشيات الجهاد حاولوا كسر أبواب العمارات لاعتلاء الأسطح لإطلاق ال«آر بي جي» من أعلى في اتجاه القسم ولكن الأهالي تصدوا لهم بقوة مما دفعهم إلى احتلال المجلس المحلي والسنترال والوحدة الصحية المقابلة للقسم وأطلقوا من نوافذها ومن فوق الأسطح ال«آر بي جي» الذي تسبب فى إحراق المدرعتين ثم التهمت النيران قسم الشرطة .
وعلمت «عكاظ» أن الأقباط القاطنين في كرداسة والقرى المجاورة لها تركوا منازلهم بعد اقتحام الكنيسة ليلة المذبحة.
مافيا السحل تحكم كرداسة
مع سقوط الحلم في دولة الخلافة، ظهرت أحلام أخرى مشتقة منه: إمارة إسلامية تحكمها قوانين مافيا السحل والإرهاب والتطرف والإجرام التي لا ترحم الصديق قبل العدو، وتطبق على من يخالف شريعتهم، وشريعة القتل، ومن يعترض أو يسلك دربا آدميا، فيستباح باسم الشريعة، ويذبح ويقتل ويمثل بجثته، تلك الإمارة التي أقامتها ميليشيات الإخوان والجهاديين والسلفيين داخل مركز كرداسة في محافظة الجيزة.
إمارة الميليشيات حدودها تبدأ حيث تنتشر اللجان المسلحة بالآلي والأسلحة البيضاء والشوم وأسلحة أخرى متطورة، والمسلحون يرتدون الجلباب واللحية.. لجان منوطة بقطع الطريق لتفتيش العابر من مداخل أو مخارج مملكتهم، ولجان تظهر ليلا، وتنظم صفوفا متسلسلة بعضها خلف بعض، بينما ينتشر آخرون فى الشوارع الجانبية، حيث الشوارع المتفرعة ، في حالة تأهب لأي هجوم من قوات الجيش والأمن للقضاء على مملكتهم الفاشية.
حدود مملكة الميليشيات تحد بجذوع النخل الذي يستخدمونه لقطع الطريق، وكذلك المتاريس والطوب والسواتر الرملية، كما لجأوا إلى حفر الحفر العميقة بالطريق المؤدي إلى كرداسة ، ومن ناحية الطريق الأبيض السريع الشهير ب«طريق الموت» تنتشر على الجانبين الأراضي الزراعية التي تعتبر مخبأ لأنصار الجهاديين والإخوان، وهو الطريق المؤدي إلى كرداسة من ناحية بولاق الدكرور ثم يتجه إلى القرى المجاورة لها حيث ينتشر أنصار الميليشيات ولا تبعد عن كرداسة إلا بنحو 600 متر، منها قرية المجادلة، وعلى شمالها قرية أبورواش، والتي يتنشر بها العرب المسلحون، وعلى يمينها قرية ناهيا والمسيطر عليها عائلة عبود الزمر والشهير بصرف 500 جنيه لأنصاره من أجل الانضمام إلى اعتصامي رابعة والنهضة، بينما عائلة الغزلاني تنتشر في دولة الميليشيات ابتداء من مركز كرداسة ومرورا بالقرى المجاورة لها.
اللجان الشعبية المسلحة تتأهب ليلا لأي هجوم من قوات الجيش أو قوات الشرطة، فتسمع ليلا: «علينا أن نستعد لمواجهة احتلال الجيش لكرداسة»، وكأنها بلدة خارج مصر وسكانها غير مصريين والجيش بالنسبة لهم عدو، يستباح فيه تطبيق قوانين الإجرام والإرهاب لكونه عدو الله من وجهة نظر الدولة الجهادية الإخوانية ، ووجب عليهم الدخول إلى ساحة القتال لحماية دولتهم من الزوال، فتجد ترديد الشائعات يوميا: «الجيش قادم». «قادمون»، وفي هذه اللحظة يأخذ كل مسلح وضعه متأهبا لصد الهجوم.
داخل دولة الميليشيات تتردد أنباء عن العزم على إنشاء منصة بجوار مسجد الشاعر المجاور لقسم كرداسة والذي ألقيت أمامه جثث ضحايا مذبحة قسم شرطة كرداسة، ولا يعلم أحد السبب من نصبها، ولكن اختيار مكانها لأنها مقابلة لمزرعة الجِمال التي يمتلكها الشيخ محمد نصر والتى ما زالت تحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة دخلت ليلة مذبحة كرداسة، ولم تخرج تلك الكمية لسيطرة الجيش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.