بدأ أهالي دحلة حرب في العاصمة المقدسة في مغادرة مراتع الطفولة والصبا، بعد أن بدأت آليات التطوير في هذا الموقع، ورغم تشوق أهالي دحلة حرب إلى رؤية قاطرة التطوير وهي تعبر في تضاريس الحي إلا أنهم يؤكدون أنهم ما يزالون يحنون إلى الأزقة والشوارع المسكونة برائحة العفوية والنبض القديم. و«الدحلة» في العرف المكي مكان صغير لا يتجاوز مساحة كيلومترين فقط، والذي يكون في الغالب داخلا تحت الجبال أو في أحد الشعاب وهي مورد للماء الذي يصب في الأودية ويسكنه عدد كبير من السكان. ومن هذه الدحلات الموجودة في مكةالمكرمة «دحلة حرب» وهو أحد أحياء جرول، قد سكنه في أول نشأته بعض أهل القبائل الذين كانوا يسكنون أطراف مكة وتخرج من هذا الحي كثير من العلماء والأدباء والوزراء وأصحاب الحل والعقد، وقد أخفت حاليا مشاريع التطوير دحلة حرب وأصبحت مواقف للسيارات بعد أن هدمت جميع المنازل التي كانت متراصة في هذه الدحلة وقيل إن سبب تسميتها يعود إلى أن هناك شخصا يسمى «حرب» هو أول من سكن فيها ثم تجمع فيها عدد كبير من القبائل من أطراف مكةالمكرمة. وتقع دحلة حرب في الناحية الشمالية الغربية من المسجد الحرام يحدها شرقا جبل المدافع الشهير، وغربا حي جرول من جهة مستشفى الولادة سابقا، وشمالا امتداد لجبل المدافع من جهة دحلة المغاربة، وجنوبا امتداد لجبل العبادي وجبل قرن. وفي مدخل الحي من الناحية الغربية بئر طوى الأثري الذي ورد اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم منه عند دخوله مكةالمكرمة، كما سكن الحي الأديب والكاتب المعروف الدكتور منصور الحازمي، والشيخ عبدالغفار الدروبي شيخ المقرئين رحمه الله تعالى وغيرهما من الشخصيات والأسر المعروفة. وقد كان في مدخل الحي مدرسة أم القرى المتوسطة والتي كانت من المدارس التي يشار لها بالبنان، فقد تفوق كثير من خريجها في مجالات عدة. وتعتبر دحلة حرب من الأحياء العشوائية القديمة التي تحيط بالمنطقة المركزية حيث لا تبعد عن المسجد الحرام أكثر من ألف متر، وقد تمت إزالتها مؤخرا بالكامل حيث شملها التطوير بالكامل وستكون الملكية لصالح التوسعة سواء للساحات أو الخدمات الملحقة. وقد بدأت المشاريع تنفذ فيها حاليا، حيث يتم تنفيذ نفق للمشاة لنقل الحجاج والمعتمرين مباشرة إلى ساحات المسجد الحرام الشمالية كما ستنفذ شركة البلد الأمين وحسب ما ذكر أمين العاصمة المقدسة مؤخرا محطة قطار في حي جرول على مدخل الدحلة، وقد غادر سكان الدحلة بكاملهم حاليا دحلتهم بعد أن سكنوها مدة تجاوزت قرنا من الزمان.