فاضت أعين مليوني مصل في المسجد الحرام من المعتمرين والمصلين بدموع الخشوع وسط أجواء إيمانية ومشاهد من التضرع والابتهال الى الله، وهم يشهدون ليلة ختم القرآن، وقد ارتفعت أكفهم بالضراعة وهم يؤمنون على دعاء إمام المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس خلال دعاء ختم القرآن الكريم عقب صلاة تراويح ليلة أمس ال«28» من شهر رمضان المبارك، سائلين الله أن يتقبل منهم الصيام والقيام وصالح الأعمال. وسيطرت الأجواء الروحانية والإيمانية بين صفوف المعتمرين والمصلين، وسط منظومة متكاملة من الخدمات المتكاملة التي أدتها بكفاءة عالية كافة القطاعات والجهات المعنية بخدمة المعتمرين والزوار. وقد تجلت وحدة الأمة الإسلامية وترابطها في صورة بهية فريدة في أروقة المسجد الحرام وساحاته البارحة، حيث تداخلت اللغات واختلطت اللهجات لتنصهر في كلمات «التأمين» لدعاء إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، الذي شخص فيه أوجاع الأمة الإسلامية قاطبة ورفع الدعاء بإصلاح أوضاعها وحفظ أمن البلدان الإسلامية وأن يعيد لها مجدها وهيبتها ومكانتها ووحدة صفوفها وأن تتجاوز ما تمر به بلدان عربية وإسلامية من محن وفتن. وتوحدت قلوب المصلين في المسجد الحرام البارحة الذي شهدوا ختم القرآن الكريم والدعاء الذي دام نحو 28 دقيقة حيث تعالت الأصوات في مقصد أسمى (رضاك يا ربنا) لذا جاءت دموع المصلين أمس وهم يرددون (آمين) خلف إمام المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن السديس دموعا طاهرة نقية لم يشبها شائب.. وليس ابلغ صورة للتلاحم من تلك الدعوة الصادقة لاستقرار الأوضاع والأمن في العراق الحبيبة وانتصار المقاومة الفلسطينية واللطف بأوضاع المسلمين المضطهدين في بورما. وتزايدت أصوات المسلمين في دعاء التضرع لله بأن يحقن دماء المسلمين في مصر ويوحد صفهم ويؤلف بين قلوبهم ويحفظ أمنهم ويعيدهم لجادة الحق فيما تعالت تلك الدعوات وتأمين الملايين من المصلين بنبرة واحدة بأن ينصر بلاد الشام ويخذل المرجفين فيها ويهلك الطغاة الذين تجبروا وسفكوا الدماء وأن يبهج أهالي الشام في سوريا بنصر مؤزر على أعداء الله. وخص الشيخ في دعائه بلاد الحرمين بأن تكون آمنة مطمئنة وأن يحفظ الله ولاة أمرها وأن يتغمد مؤسس كيانها الملك المغفور له بإذن الله بالرحمة في قبره وأبنائه الملوك من ورائه وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويسبل عليه ثوب الصحة والعافية وأن يجزيه الله خير الجزاء وولي عهده والنائب الثاني على ما يقومون به من خدمة للحرمين الشريفين ورعاية لمصالح الناس والمسلمين. وعمل اكثر من 31 ألف رجل أمن على تأمين سلامة مليوني مصل في رحاب المسجد الحرام، وأعلنت الجهات ذات العلاقة استنفار كافة الجهود لخدمة الأعداد الكبيرة من الزوار والمعتمرين مساء امس، مما ساهم في تسهيل حركة المصلين والمعتمرين في رحاب البيت الحرام الذين شهدوا ليلة ختم القرآن الكريم. وقال قائدة قوات أمن العمرة اللواء سعد الخليوي ل«عكاظ» إن ليلة البارحة نفذ فيها خطة أمنية دقيقة وخاصة لإدارة الحشود وتنظيم حركة الدخول من وإلى الحرم المكي الشريف وهي المرحلة الأخيرة من الخطط الأمنية المخصصة لشهر رمضان المبارك ومع ما شهده الحرم من اعداد كبيرة حرصوا على حضور ختم القرآن الكريم الا ان المصلين والمعتمرين أدوا نسكهم وصلواتهم بكل يسر وسهولة وهذا فضل من الله تعالى ثم بالدعم الذي وفرته الدولة رعاها الله لزوار وقاصدي البيت العتيق. من جهته أوضح قائد قوة أمن الحرم اللواء يحيى بن مساعد الزهراني ل«عكاظ» أن جميع رجال أمن الحرم المكي الشريف عملوا على تنفيذ الخطط الأمنية بكافة تفاصيلها وبنسبة كاملة لمواجهة الحشود التي شهدها المسجد الحرام البارحة، حيث تابعت اكثر من 1175 كاميرا رقمية موزعة داخل انحاء الحرم والساحات ومواقع تواجد المصلين تحركات المعتمرين متابعة الحركة وتوجيه الميدان بتحويل المصلين في المواقع التي شهدت كثافة عالية الى المواقع الاقل تجنبا للزحام والتدافع من خلال اكثر من 750 شاشة في غرفة العمليات. من جهة أخرى، أكد قائد قوة أمن الدعم العميد مسعود العدواني أن توسعة خادم الحرمين الشريفين ساهمت في استيعاب اكثر من ربع مليون مصل، مبينا أن الخطة الامنية مساء البارحة ركزت على تنظيم حركة المصلين في التوسعة والساحات. ومن ناحيته بين مدير عام المرور اللواء عبدالرحمن المقبل ان إدارته نشرت اكثر من 4 آلاف من رجال المرور، مشيرا إلى أنهم نفذوا الخطة المرورية بدقة، حيث تم توزيعهم على المنطقة المركزية والمراكز والأسواق التجارية والشوارع والميادين العامة لمتابعة الحركة المرورية، وأضاف «تم تفعيل نقاط الفرز على مداخل المنطقة المركزية بعد اكتظاظ طرق المنطقة المركزية وشوارعها بالمشاة والمصلين البارحة الذين شهدوا ختم القرآن الكريم. فيما أكد قائد دوريات الأمن في العاصمة المقدسة العقيد سعيد القرني انه تم نشر أكثر من 300 فرقة أمنية ميدانية وأكثر من 80 قيادة تابعت تحركات المعتمرين والمصلين في المنطقة المركزية والمناطق المجاورة لها، إضافة لتغطية كاملة لأحياء العاصمة المقدسة ومواقف النقل الجماعي لتوفير أقصى درجات الراحة والأمن للمعتمرين، مؤكدا أنه تم البارحة ليلة ختم القرآن الكريم تشغيل القوى الأمنية بكامل طاقتها البشرية والآلية لمواجهة الكثافة البشرية. من جهة ثانية، وبمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينهالمنورة أدى ما يزيد على مليون مصل مساء أمس صلاة التراويح وختم القرآن في المسجد النبوي الشريف، وقامت الجهات المعنية بتنفيذ خطة ناجحة لاستقبال المصلين الذين توافدوا للمسجد في وقت مبكر، وقامت وكالة المسجد بتهيئة الساحات، ووفرت 7000 عبوة ماء زمزم و1000 مدة وفرشة، و250 مروحة رذاذ، وقام نحو 4000 موظف وموظفة بخدمة المصلين، وتنظيم الدخول والخروج من 100 باب، كما قام مرور المدينة بتنظيم الحركة المرورية بقيادة العميد محمد الشنبري مدير مرور المدينة، وأشرف مدير شرطة المدينة اللواء سعود الأحمدي، على الخطة الأمنية التي نفذها كوادر الأمن بنجاح. مشاهدات * شهدت الطرق المؤدية للمسجد الحرام أمس، كثافة عالية من المصلين، ما دفع الجهات الأمنية لتحويلها لطرق مشاة فقط. *تواجدت القيادات الميدانية لكافة الجهات الأمنية والحكومية الأخرى المساندة في المنطقة المركزية، خاصة منطقة أجياد، حيث أشرفوا ميدانيا على خطة دخول وخروج المصلين في المسجد الحرام. * امتداد صفوف المصلين إلى أحياء مجاورة للحرم المكي والأبراج المحيطة بساحات الحرم، حيث تم تركيب مكبرات صوت في شوارع أجياد، المسفلة، الغزة وجبل الكعبة. * بدأ دخول المصلين الحرم منذ ساعات العصر الأخيرة. * ردد المصلون في الحرم المكي الشريف عبارة «آمين..آمين» وعيونهم تذرف بالدموع في دعاء ختم القرآن الكريم وكان مشهدا روحانيا مهيبا. * شهدت الشوارع المحيطة بالمسجد الحرام، انسيابية في الحركة بعد تفريغها من المركبات وتخصيصها للمشاة فيما لعبت عربات القولف المنتشرة في تلك الطرق دورا بارزا في نقل العجزة وكبار السن. *شهدت أسواق مجاورة للمسجد الحرام إقبالا كبيرا من المعتمرين والمصلين بعد أداء الصلاة لشراء هدايا قبل مغادرتهم مكةالمكرمة.