يعتبر بيت الرفيف مقرا يعيش فيه عدد من مجهولات الأبوين من الأيتام الإناث من سن الرضاعة الى سن الدراسة الجامعية، هذا المقر الذي يقع في شمال جدة شرق شارع الأمير سلطان يتكون من 21 فيلا فخمة تبرعت بها فاعلة خير زوجة رجل أعمال شهير، في هذا المقر تتوفر كل الاحتياجات للأيتام، ويعيشون حياة وصفوها بالخمس نجوم، لكن المشكلة الوحيدة التي تعانيها الفتيات هو تعامل المجتمع الخارجي معهن لدرجة أنهن يخجلن من زميلاتهن في المدارس باستضافتهن في مقرهن خشية سؤالهن عن أمهاتهن. وتتصدى كل من رئيسة مركز بيت الرفيف التابع للجمعية الفيصلية بجدة السيدة ندى القريشي، ونائبة رئيس المركز فاطمة الفارسي ومديرة المركز عبير السجان وعدد من الأخصائيات والمشرفات لمهمة تربية ومتابعة الفتيات والإشراف عليهن والتواصل مع من يتم احتضانهن، ويتعدى ذلك الى السؤال عن أي عريس يتقدم لهن. وتقول فاطمة الفارسي عن سبب تسمية المقر ببيت الرفيف انه عائد الى الفتيات اللاتي اخترن هذا الاسم، حيث إن الرفيف في اللغة: البساتين التي يرف نباتها وشجرها من الري والنضارة، ويقال عنه شجر رفيف وتعني الخصوبة ويقال أرض ذات رفيف، وانطلاقاً من يقيننا أن الأرض الطيبة هي أساس المنبت الحسن ومن أن البساتين هي دوحة الأشجار والأزهار الغناء، ولرغبتنا أن تكون هذه الدار هي الأرض الطيبة التي تنبت النبات الحسن والبستان الذي يضم أجمل الأزهار ويعنى بها وبنموها، جاء اختيار مسمى الرفيف ليطلق على الدار مع بداية عام 1429ه وهذه الدار تتبع للجمعية الفيصلية في جدة. وتضيف الفارسي: انطلاقاً من اهتمامنا بهذه الفئة العزيزة ومن حرصنا على دمجها في المجتمع وتنشئتها التنشئة السوية نهتم في بيت الرفيف بتوفير الرعاية الشاملة والمتكاملة، ونعمل على تأمين احتياجاتهم المختلفة من خلال برامج الرعاية المختلفة.وتتداخل خلود القثامي مديرة العلاقات العامة في الجمعية الفيصلية في جدة فتقول: رعاية الأيتام وذوي الظروف الخاصة كانت ولا تزال من أولى القضايا والمهام التي أولتها الجمعية الفيصلية اهتماماً كبيراً، كجزء أساسي من برامج عملها الخيري والاجتماعي وبدأت عام 1398ه عندما أنشئت دار أيتام الفيصلية بهدف تقديم الرعاية الشاملة والمتكاملة لهذه الفئة العزيزة وتوفير البيئة الأسرية التي تحتويهم وتعمل على تنشئتهم التنشئة الصالحة لدينهم ومجتمعهم ووطنهم.وتقول عبير السجان مديرة بيت الرفيف: الرسالة التي نتمسك بها في عملنا هي توفير الرعاية الشاملة والمتكاملة لجميع منسوبات بيت الرفيف التي تشمل الرعاية الاجتماعية، النفسية، التربوية، الصحية، التعليمية والتأهيلية.وأضافت: من أهداف بيت الرفيف توفير البيئة الأسرية السليمة التي تؤثر إيجابياً في تكوين شخصياتهن المستقبلية وتوفير مختلف أنواع الرعاية اللازمة لهن وغرس المبادئ والقيم الإسلامية وترسيخها في نفوسهن وصقل مواهبهن وتنمية قدراتهن الذاتية وتأهيلهن للقيام بدورهن في المجتمع والحرص على دمجهن في المجتمع وإشراكهن في العديد من الأنشطة والبرامج وإتاحة فرصة التكافل الاجتماعي لأفراد المجتمع من خلال البرامج والأنشطة المتعددة. مجمع سكني وتعرف مديرة الجمعية الفيصلية فوزية الطاسان بيت الرفيف لرعاية الأيتام بأنه أحد مشاريع الجمعية الفيصلية فهو عبارة عن مجمع سكني متكامل الخدمات والمرافق السكنية – التعليمية – الصحية – الترفيهية – الرياضية، مقدم من فاعل خير، وفي هذا المجمع السكني يتم تقديم الرعاية المتكاملة للفتيات اليتيمات من سن الولادة حتى الزواج، وتولي الجمعية الفيصلية برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود الإشراف العام على بيت الرفيف لليتيمات وتطوير العمل فيه من خلال الأخوات في مجلس الادارة، وتضيف الطاسان: إن التكلفة الفعلية للفتاة الواحدة لعام كامل تتراوح من 80 إلى 120 ألف ريال، وذلك بناء على الفئة العمرية ومتطلباتها من سكن ورعاية وإعاشة وكسوة ومتطلبات دراسة ودورات تدريبية وتوجيه سلوك. وتقول رئيسة مركز بيت الرفيف ندى القريشي: إن المركز يتولى الرعاية التربوية والاجتماعية والنفسية واعتماد برنامج الأمهات البديلات لكل مجموعة من الأطفال للعمل على تربيتهم وتنشئتهم التنشئة الإسلامية السوية، وتنمية قدراتهم ومهاراتهم من خلال إلحاقهم بالدورات التدريبية والتأهيلية المختلفة، وترسيخ العادات والقيم الإسلامية فيما تهدف الرعاية النفسية لإعداد برامج سلوكية وعلاجية مختلفة للوقاية من الاضطرابات السلوكية والنفسية وتعديل السلوك وتأسيس عيادة استشارية نفسية لمتابعة الإرشاد النفسي وحل المشكلات النفسية والاجتماعية للأطفال. وتنمية صلتهم بالمجتمع والعمل على دمجهم في البرامج والأنشطة الخارجية، فيما تهدف الرعاية الصحية الى التنسيق مع المستشفيات الحكومية والخاصة للقيام بالمتابعة الدورية للحالة الصحية للأطفال والعمل على نشر الوعي الصحي بينهم من خلال الدورات والندوات والاهتمام بوضع الأنظمة الغذائية الملائمة لهم حسب مراحلهم العمرية وإنشاء عيادة طبية مجهزة لتقديم الخدمات الصحية اللازمة. صقل مهارات المنتسبات وأوضحت القريشي أن الرعاية التعليمية والتأهيلية تهدف الى الحرص على إلحاق الأطفال بالمدارس التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم وإلحاق الأطفال ذوي صعوبات التعلم بمراكز تعليمية وتأهيلية متخصصة وإنشاء مكتبة تعليمية وثقافية تحتوي على الكتب العلمية والثقافية الهامة لإثراء حصيلتهم العلمية وإنشاء مركز الأنشطة الذي يحوي ورش عمل تدريبية وتأهيلية مختلفة (رسم - حاسب آلي – أشغال يدوية) لتنمية وصقل مهاراتهم وقدراتهم والقيام بالرحلات التعليمية والتثقيفية. والمتابعة الدورية لتحصيلهم الدراسي والعلمي من قبل المشرفات التعليميات. أنشطة رياضية واجتماعية وتقول عدد من الفتيات في دار الرفيف ومنهن ليلى، لجين، لولوة، زينة، البتول، عفاف، إلهام، زينب إن لديهن برامج رياضية أسبوعية في الدار ويمارسن رياضة السلة والسباحة ولديهن برامج للأعمال التطوعية ويشاركن عادة في المناسبات التي تقام من خلال الجمعية الفيصلية، كما يقمن بزيارات في الشأن الاجتماعي، مثل زيارة المرضى ومراكز الكلى والسرطان ودور النقاهة ودور المسنين، كما يتولين المساهمة في تقديم الأطعمة والغذاء للمستحقات المسجلات في الجمعية الفيصلية، وقلن في حديثهن ل(عكاظ) ان بعضهن يواصلن الدراسة الجامعية ويتخصصن في الترجمة والقانون وإدارة الأعمال والطب حسب ميول ورغبة كل واحدة منهن. وتقول فاطمة الفارسي: تم تسجيل ملاحظات محدودة وتم علاجها في حينه، حيث تعرضت إحدى اليتيمات في إحدى المرات الى عنف جسدي من قبل الأسرة الحاضنة وتم على الفور سحب الطفلة من الأسرة، إذ أن هناك شروطا محددة للاحتضان تراعي حال الأسرة وخلوها من الأمراض أو قضايا المخدرات مع تطابق البشرة، وأضافت: إن الفتيات يشاركن في الأعمال الخيرية وفق البرامج المحددة لهن، منها التطوع مع لجنة مساعدة متضرري سيول جدة التابع للجمعية الفيصلية الخيرية النسوية. والمساهمة بالتبرعات والتطوع مع المركز الصحي في حملة تطعيم ضد شلل الأطفال. وتوزيع الصدقات، إفطار صائم، زكاة الفطر، الأضحية. وزيارة الأربطة ودار المسنات وتوزيع الهدايا والمواد الغذائية. وزيارة المراكز التأهيلية ومركز غسيل الكلى وتوزيع الهدايا وتنظيم أنشطة يومية: ثقافية، مهارية ورياضية (سباحة، سكيت) وأسبوعية (مراكز ترفيهية، مطاعم) وتنظيم الرحلات الترفيهية والدينية (أبها، مكةالمكرمة، المدينةالمنورة، ينبع، الباحة، الطائف) وتأدية مناسك العمرة والحج لجميع الفتيات وبعض منسوبات مركز بيت الرفيف، فضلا عن إلحاق الفتيات بالعديد من الدورات التدريبية والتطويرية، مثل اللغتين الإنجليزية والفرنسية والحاسب الآلي. من جهة أخرى، يواصل عدد من الأيتام في جدة دراساتهم العليا بالتنسيق بين وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التعليم العالي عقب إلحاقهم في بعثات الدراسة في حين احتفل عدد منهم بحصولهم على درجة البكالوريوس عقب أن أنهوا دراستهم خارج المملكة في برنامج الابتعاث الخارجي، وحصل أربعة منهم على شهادة البكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز (إدارة أعمال)، (قانون)، وحصل آخرون على درجة البكالوريوس من جامعات ماليزيا (إدارة دولية)، (تسويق دولي)، و(إدارة مالية) و(الإخراج والمونتاج). وأعرب الخريجون الأيتام عن سعادتهم بإكمال مرحلة البكالوريوس بعد أن هزموا الصعاب وتسلحوا بقدراتهم وإيمانهم على ضرورة تخطي الحواجز، مؤكدين استمرارهم ومضيهم لنيل درجات الماجستير والدكتوراه في أمريكا وأستراليا وكندا للعودة إلى الوطن والعمل على رد الجميل. ويقول وليد باحمدان أمين عام جمعية البر: إن الجمعية تحرص على إلحاق أبنائها الأيتام بالمراحل التعليمية العليا للحصول على درجات علمية من الجامعات والكليات في تخصصات تناسب ميولهم وقدراتهم ويحتاجها سوق العمل. ويقول رجل الأعمال صالح التركي الذي يقيم حفلا سنويا في رمضان للأيتام، فضلا عن حفلات تخرجهم، إن عددا من الأيتام ممن حصلوا على درجات البكالوريوس والماجستير هم نماذج مضيئة للوطن.