قالوا إذا اردت ان تكون سعيدا فجالس مسنا او لاعب طفلا ، فالأول لم يعد لديه شيء يخسره، والثاني مقبل بشغف البراءة نحو الحياة. اجدني دائما اشد رحالي نحو العجائز ، فعندما تجالس عجوزا ترى على وجنتيه حكاية التاريخ، وتلمس في قدميه الكثير من الركض القديم في مناكب الارض، وتسمع من فيه روايات الماضي التي يهمس بها اليك ويرنو للمدى حتى تود ان تقفز امامه لتعرف إلى ماذا يبصر. وأنت جالس معه لا ترى سوى البساطة، بعيدا عن زخرفة الدنيا وحضورها الممل، لا تسمع منه سوى القصص الرزينة التي تخرجك من واقعك المزدحم، حقا تشعر بأنك في محطة حياة، تتزود بها للغد المشرق، او انك امام شهم يختصر لك الحياة ويقدم لك خلاصة تجربته، ويتوارى عنك نحو محرابه لترفرف انت كطير في فضاء. ولكن يؤلمني جدا سماع انين العجزة، فعندما تجالس عجوزا ويقول لك تركني الناس فأعلم انه مل الوحدة، وداوم على زيارته خصوصا لو كان قريبا لك. مؤلم جدا ان تجالس كبار السن وترى التنكر في عيون ابنائهم، ترى التجاهل، ترى العبث بالمشاعر، من اجل دنيا فانية، وأنا عندما اشاهد ذلك المنظر اخشى حتى من أن اكون ابا. أيها القارئ من المهم ان تعي هنا ان كبير السن هو في حقيقته طفل يحتاج العناية، يحتاج التقويم والتوجيه، ويحتاج الى من يبوح له ويحتاجك اكثر من ذي قبل، فكافئه عن تلك الايام التي سهرها من أجلك. وأنت ايها المسن تحرر من سجن الماضي، واقبل على حياتك بشغف، فكما يقال (الكبر نمو حقيقي ، وليس كما يعتقد البعض بأنه انحدار) أقبل على الحياة تقبل عليك، وعشها كما لو لم تعشها من قبل، وكن أنت النور المضيء، وصاحب الرسالة المنتظر. حمد الكنتي