كانت تكبر زوجها بخمسة عشر عاما، وكان الحب بينهما أكبر لا يهتز، حتى لذلك الحدث الرهيب المفاجئ. «والله ما يخزيك الله أبدا» كلمات خالدة قالتها السيدة خديجة رضي الله عنها لحبيبها محمد عليه الصلاة والسلام، تطمئنه مما لاقاه يوم بدأ أعظم اتصال بين السماء والأرض. ما انطلق سيد ولد آدم إلا من بيت عامر بالمحبة. الحب يحلق بصاحبه فلا يرى ولا يحس بما دونه من تفاهات وصدامات. «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا». مجتمع لا يسوده الحب مجتمع أجوف متفكك. الحب يبث الروح في الأسرة والمجتمع بالتعاون والتفقد، ويلغي سوء الظن ونتائجه الوخيمة، ويبث الطمأنينة والثقة. ما اجتمع المسلمون الأوائل من بعد شرك وجهل وعصبية إلا به، وما وصلوا بعلومهم إلى أقاصي الأرض إلا لحبهم لمن آمنوا معهم ولما آمنوا به وهو الإسلام الذي أزال الأحقاد وقشور التفاضل. أي بقعة على الأرض يتحرك أفرادها بالحب في كل حياتهم تحترمهم وتخاف أن تشذ عن قاعدتهم. والطفولة إذا افتقدت الحب بمعانيه تكبر بصرخات مكتومة وتمتد معاناتها حتى تستعر في كيان الرشد مرضا خطيرا يجعل صاحبه عبدا لذاته ولرغباته ولحواسه بأشكال الخصام والغيبة والنميمة والحسد والنفور. هلا بدأنا من جديد في بيوتنا وخارجها وجعلنا أيامنا المباركة هذه حبا كلها وبعدها؟ هلا استطعنا أن نعود أنفسنا أن نلفظ كلمة «أحبك» للوالدين وللزوج والزوجة وللإخوة ولكل من نحب ونحسها ونعمل بها؟ هلا جربنا قبل أن نعترض؟ قال إيليا أبو ماضي: إن نفسا لم يشرق الحب فيها هي نفس لم تدرِ ما معناها أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي وبالحب قد عرفت الله