أعرب عدد من الأكاديميين والإعلاميين عن تأييدهم لمطالبة مجلس الشورى لوزارة الثقافة والإعلام بإعادة النظر في المحتوى الثقافي للإذاعات الخاصة التي تبث على موجات FM، وانتقدوا ما وصفوه بالمستوى الهابط للعديد من البرامج التي تقدم عبر أثير هذه الإذاعات، واعتبروا أن المطالبة تصب في مصلحة تنمية الوعي الاجتماعي، مستبعدين أن يكون هدفها فرض خطوط حمراء على عمل وسائل الإعلام.. «عكاظ الأسبوعية» طرحت عليهم أبعاد مطالبة مجلس الشورى لوزارة الثقافة في الاستطلاع التالي: بداية، أوضح رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أنمار مطاوع أن مطالبة مجلس الشورى وزارة الثقافة والإعلام بإعادة النظر في محتوى إذاعات FM الخاصة يسهم في الارتقاء بها ويواكب التطوير المأمول، وقال: «إن عبارة (أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي أبدا) ليست عبارة صحيحة دائما.. ولكنها صحيحة فيما يتعلق بمطالبة مجلس الشورى الموقر لوزارة الثقافة والإعلام بمراجعة المواد التي تقدم على إذاعات FM الخاصة، فقد آن الأوان للارتقاء بهذه الإذاعات لتواكب المرجو والمأمول منها». وأضاف: «يبدو أن المجتمع قد وصل حد الانزعاج من قلة المهنية في بعض تلك الإذاعات؛ سواء في الإعداد أو التقديم.. تلك القلة التي أوصلت بعضها إلى مستويات متدنية لا تبتعد كثيرا عن العشوائية. ومن المفترض كما طالب مجلس الشورى أن تأتي خطة عمل واضحة مصاحبة للرسالة والرؤية والأهداف الاستراتيجية لكل إذاعة». وأوضح أنه ليس المطلوب أن تتحول إلى عمل روتيني ممل، ولكن من المهم أن ترتقي بالذائقة العامة، فالهدف الأسمى للإعلام يندرج تحت مظلة (المسؤولية الاجتماعية)، ومطالبة مجلس الشورى لوزارة الثقافة والإعلام هي في حقيقتها مطالبة للاتفاق على مصطلح (المسؤولية الاجتماعية)، وحول المطالبة الثانية للمجلس الموقر المتعلقة باعتبار المسرح أحد الوجوه الثقافية للدولة، اعتبر أنها تصب في مصلحة تنمية الوعي الاجتماعي وتعددية وسائل التعبير والرأي، فالمسرح هو أحد أهم المؤشرات الحضارية لأي مجتمع، والكفاءات موجودة فقط يحتاج بعضها إلى صقل، وهذا يتطلب إنشاء معهد متخصص للمسرح، ربما أفضل مكان له هو أروقة الجامعات لصناعة مسرح محلي مكتمل الأطراف. من جانبه، أشار عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صالح البكيري إلى أنه لا يتابع الإذاعات الخاصة على FM ليحكم على مستواها، إلا أنه رأى أن طلب مجلس الشورى في هذا الوقت بالذات له مبررات كثيرة، منها تنامي قوة وتأثير وسائل الاعلام على الوعي الاجتماعي وتكون الرأي العام، وإذا عرف أن الغالبية الساحقة من سكان المملكة هم من فئة الشباب، فإن أهمية المحتوى الثقافي لوسائل الإعلام تزداد قوة. فالشباب هم أكثر شرائح المجتمع استهلاكا وتأثرا بالأفكار والأيدولوجيات في أي مجتمع، وقال: «بالنظر إلى ما يجري في العالم العربي اليوم من تجاذب فكري واستقطاب أيديولوجي كأحد إفرازات الربيع العربي أعتقد أن تحصين الشباب السعودي فكريا وثقافيا أصبح ضرورة ملحة، فنحن بطبعنا لسنا شعبا مؤدلجا ولا نحب الخوض كثيرا في أمور السياسة، وبالتالي، قد يصبح شبابنا فريسة سهلة لحرب الاستقطاب الفكرية التي تدور رحاها في الإعلام العربي». من جانبه، قال عضو الشورى السابق الإعلامي حمد القاضي: «اغتبطنا بإذاعات الإف أم في البداية آملين أن تكون أحد المنابر الإعلامية لنشر الثقافة وبث الوعي وخدمة وطننا ولكن خاب الظن في أكثريتها»، واعتبر أن عددا من هذه الإذاعات ترسخ لثقافة الهامش، وذكر أنه يتفق مع رأي الزملاء في مجلس الشورى في مراجعة ما تبثه هذه الإذاعات، سواء على مستوى الترفيهي الثقافي أو الاجتماعي، وردا على من يرى أن المطالبة ستضع خطوطا حمراء تعرقل التطور قال: «لا يوجد إعلام في الدنيا إلا لديه خطوط حمراء، فالحرية غير المنضبطة في الإعلام تعني الفوضى والإساءة للأوطان والأشخاص، ونحن في المملكة أدعى أن تكون لنا ضوابط؛ لأننا بلاد إسلامي، والخطوط الحمراء لدينا تعني ترشيد الحرية، وجعل الإعلام سلطة تخدم المتلقين ولا تضر بهم وتجعل الحرية مسؤولة». بدورها، أوضحت المذيعة السابقة في محطة ال«يو إف أم» شذى محمد أن الإذاعات بشكل عام تحافظ على تقاليد المملكة، والإعلامي سواء كان خريج قسم إعلام أو غير ذلك يستوعب الخطوط الحمراء، مشيرة إلى أن الإذاعة رسالة سامية في حاجة لتوسيع مجالها. من جهتها، أعربت مذيعة «إم بي سي إف أم» غادة العلي عن ترحيبها بمطالبة الشورى، معتبرة أن بعض الإذاعات أصبحت تجنح إلى الإسفاف ولا تستوعب خطوط سقف الحرية، وقالت: «إن المطالبة بمراقبة المحتوى الإعلامي للإذاعات لن يضر بها ما دامت تمتلك الخبرة وتلتزم بالمزج بين الترفيه والمحتوى الجاد».