كشف باحث من خلال دراسة ميدانية لواقع مهمات العمد في جدة عن ضرورة إعادة هيكلة نظام العمد الحالي وبناء نظام إلكتروني جديد يفي بمتطلبات هذه المرحلة، مؤكدا في الوقت نفسه أن نظام شموس الأمني غير كاف لتطوير دور العمد. وقال صالح عسيري، في دراسته تحت عنوان «دور عمد الأحياء دراسة تطبيقية لإعادة هيكلة وميكنة نظام عمد الأحياء» إن الدراسة كشفت عن قصور في الواقع الفعلي للمهام الوظيفية لعمدة الأحياء في جدة، كما وقفت على بعض معوقات أداء العمد وأبرزها غياب التوظيف العملي لتقنيات نظم المعلومات. وفي نفس الوقت أفصح عدد من عمد الأحياء في جدة أن نظام شموس غير مطبق لديهم على الإطلاق، وأن هذا يعرقل مهماتهم والأعمال المنوطة بهم. وأوصى الباحث عسيري بضرورة وجود مقر رسمي دائم للعمد مع إعطائهم مساحة إضافية من الصلاحيات بالقدر الذي يتيح لهم أداء دورهم في مساعدة سكان الحي مع توفير نظام تقني لحفظ السجلات وإدارة المعلومات. وشدد على أهمية الربط الآلي بين مكتب العمدة والجهات الحكومية والخاصة وتأهيل وتدريب عمد الأحياء ومساعديهم للتعامل مع النظم التقنية والتكنولوجية المعاصرة. وفي سؤال عن سبب إطلاقه هذه الدراسة قال: اطلعت قبل عدة سنوات على نتائج دراسة جامعية سلطت الضوء على نوعية الأبحاث التي قدمها باحثون كثر للحصول على درجات علمية وترقيات وظيفية، وخرجت الدراسة بأن أغلب ما قدم كان مصيره الأرفف دون أن يستفيد منها الوطن رغم ما أنفق عليها من جهد بدني ومالي ومعنوي، ومن هذا المنطلق أردت أن يكون لهذه الدراسة دور فاعل في خدمة المجتمع، كما لمست من واقع متابعة قريبة بأن هناك تراجعا في دور عمد الأحياء في الآونة الأخيرة على الرغم من أهمية ذلك في ضوء المتغيرات التي يشهدها المجتمع على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي. وفيما يتعلق بمشكلة الدراسة وأبرز ما ارتكزت عليه قال: عمد الأحياء لهم دور كبير لا يقتصر على الجانب الأمني فقط بل يتعدى ذلك إلى جوانب عدة منها، الاجتماعي والثقافي وغيرها، وكان يساعده في أداء هذه الأدوار جميعها وعلى أكمل وجه محدودية سكان الحي، ورغم اعتماد نظام شموس الأمني، تبين أنه غير كاف لتطوير دور العمد، وبالتالي برزت الحاجة إلى إعادة هيكلة نظام العمد الحالي، وبناء نظام إلكتروني جديد يفي بأغراض العمد والأدوار المطلوبة منهم، بما يوفر الوقت والجهد والمال والكوادر والمباني اللازمة لذلك. وألقى في بحثه الضوء على معوقات استخدام نظم المعلومات ومن ثم اقتراح آلية لتوظيف تقنياتها في تفعيل وتطوير دور العمد، ولهذا كانت مشكلة الدراسة كيف يمكن إعادة هيكلة وميكنة نظام عمد الأحياء بما يسهم في تفعيل وتطوير دورهم وتفرعت من ذلك عدة اسئلة جوهرية منها ما هو ما الواقع الفعلي للمهام الوظيفية لعمدة الحي وما هي معوقات الأداء الإدارية والأمنية والمجتمعية، وإلى أي مدى يمكن أن تسهم تقنيات نظم المعلومات الإدارية في تطوير دورهم و ما أهم متطلبات ذلك، فضلا عن الآلية المقترحة لتفعيل هذا الدور على ضوء نظام شموس الأمني. وعن أبرز معوقات أداء عمد الأحياء من وجهة نظره قال: من خلال الزيارات الميدانية لاحظت عدم وجود مقار لائقة ببعض العمد، وأن بعضهم قد يدفع من جيبه قيمة الأجرة الشهرية والتأثيث وشراء التجهيزات التقنية وغير ذلك من الاحتياجات الخاصة التي تعينه على أداء أعماله ومهامه اليومية. كما لاحظت غياب النظام التقني الخاص بحفظ السجلات وإدارة المعلومات، وأن وجد جهاز كمبيوتر فإنه يكون عديم الفائدة لعدم احتوائه على برنامج متخصص لإدارة معلومات السكان، ويقتصر بعض العمد على السجلات الورقية، كما لا يتوفر الربط الآلي بين مكتب العمدة والجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بمسؤوليات عمد الأحياء. وعن رؤيته للعلاقة بين العمد والجهات الأمنية من واقع الرصد الميداني قال: وجدت أن الإشراف المباشر يتم من جانب مديري مراكز الشرط التابعة لمحافظة جدة «مكان الدراسة» ولاحظت أن العمدة يشرف عليه مدير شؤون الموظفين بالشرطة، ويتلقى بعض التوجيهات والملاحظات من مسؤولين آخرين من الشرطة وإمارة منطقة مكةالمكرمة. وعن تقييمه الدور الذي تقوم به مراكز الأحياء في تفعيل دور العمد قال: هناك دور كبير يقوم به المسؤولون في مراكز الأحياء وعلى رأسهم المهندس حسن الزهراني الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء، وذلك بتنظيم المنتديات وورش العمل التي توصي في مجمل مخرجاتها بدعم كل مايساعد في تفعيل وتطوير دور العمد. وحول استجابة العمد والجهات الحكومية عند تنفيذ الجزء الميداني للدراسة قال : في بداية الأمر واجهت بعض الصعوبات وخاصة إحجام بعض العمد ومديري مراكز الشرط عن إرسال إجاباتهم عن الاستبانة المعدة للدراسة الميدانية، وهذا أمر طبيعي قد يواجهه أي باحث، ولكن لم يدم الأمر طويلا حيث قمت بزيارات متكرر للجهات ذات العلاقة بموضوع الدراسة، وشاركت بالحضور والمداخلات في ملتقى العمدة من منظور عصري، الذي وجه به ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وساعدني ذلك في التواصل مع المسؤولين عن شؤون العمد مباشرة والتعرف على بعض العمد وإقناعهم بأهداف الدراسة، ومن هنا كان التجاوب السريع من الجميع. وعن أبرز جوانب القصور التي كشفت عنها الدراسة قال: كشفت الدراسة عن قصور في الواقع الفعلي للمهام الوظيفية لعمدة الحي من خلال التصديق على الوثائق الرسمية، والمشاركة في تفتيش المنازل والإبلاغ عن المطلوبين أمنيًا، والمخالفين لأنظمة اقتناء السلاح، كما وقفت على بعض معوقات أداء عمد الأحياء لأدوارهم وجاء من أهمها غياب التوظيف العملي لتقنيات نظم المعلومات. وحول أهم التوصيات التي تمخضت عن الدراسة قال: أوصت الدراسة بضرورة وجود مقر رسمي دائم للعمد مع إعطاء مساحة من الصلاحيات بالقدر الذي يتيح لهم أداء دورهم في مساعدة سكان الحي مع توفير نظام تقني لحفظ السجلات وإدارة المعلومات وكذلك الربط الآلي بين مكتب العمدة والجهات الحكومية والخاصة وتأهيل وتدريب عمد الأحياء ومساعديهم للتعامل مع النظم التقنية والتكنولوجية المعاصرة مع ربط العمد بالمحافظة. «عكاظ» واجهت عددا من عمداء محافظة جدة، الذين رفضوا ذكر أسمائهم، مؤكدين أن الربط الإلكتروني مع الجهات الحكومية، يساعد بشكل كبير في عمل العمد خصوصاً في ملفات المطلوبين في قضايا جنائية. وقالوا إن في جدة 96 عمدة، لايوجد سوى ثلاثة مبان جديدة لهم، وبقية المباني مستأجرة. نظام شموس أكد عمد جدة أن نظام شموس غير مطبق لديهم في المحافظة، ولم يعملوا عليه، موضحين أن صلاحيتهم محدودة مقارنة بنظام العُمد المُقر من الجهات الرسمية وأن البروقراطية ساعدت على الحد من صلاحيتهم.