الحياة مراحل، تسير بنا كالأمواج وتقذف بنا من شاطئ إلى شاطئ، وليس كل شاطئ هو بر للأمان .. فهناك شاطئ مليء بالوحل والعقبات، وهناك شاطئ يرسو بك إلى النور وهداية الرحمن، وأنت وحدك من يتجه نحو ذلك التيار أو يمشي عكس تلك الرياح لينشل نفسه من التوغل في أحد بحور الضياع، فالحياة لها مداخل وأبواب كثيرة منها الشائك والمهلك، ومنها المنجي إلى طريق الحق والصواب، ونحن نقرر أين نضع أقدامنا. وأولى خطواتنا فكل مرحلة تمضي محسوبة من عمر الإنسان، فتوقف لحظات وأحسب كم مضى من العمر وأنت لازلت لاهيا في ملذات الحياة ورغبة النفس وطاعة هواها، ولم تعلم كم ضاع منك من السنين والأعوام وأنت كالمركب التائه دون شراع أو قارب بلا مجداف تتلاعب به الأمواج وتعصف به الرياح من مكان إلى مكان، لن تنجو منه أبدا إلا بطاعة الله وتقواه واجتناب كل المحرمات التي نهانا الله عنها من كل كبيرة أو صغيرة فلن تدوم الحياه بك إلى الأبد ستقف يوما وتتخلى عنك وسيبتعد عنك الأحباب والأصحاب، ويلبسونك رداء الكفن، ليس به أكمام، ويحملك الأهل والأقارب على الأكتاف، وأنت تسمع وتشاهد ولكن دون حراك، وهم يذهبون بك إلى دارك ومثواك، فلا تحاصر نفسك بالذنوب والعصيان.. فكم تبقى لك من العمر ستدركه الآن.. فسارع بالتوبة قبل فوات الأوان، فلا تأمل من الحياة رجاء للبقاء فاحذر من الغفلة فهي شر وباب للمعاصي وتراكم الذنوب والأسقام، فلا خير لمسلم ملأ قلبه بالآثام وجعل لعينيه وأذنيه ولسانه حرية مطلقة ومتسعا لكل ما هو حرام.. فلا تغتر أيها الإنسان مهما حظيت وعمرت في هذا الزمان، ستموت غدا بلا موعد أو إذن، وكما خلقت يا ابن آدم من التراب ستعود إلى التراب، وهذه نهاية مراحل الحياة. ميما العيسى (جدة)