رغم أن لوائح وأنظمة وزارة العمل واضحة وصريحة وتمنع تشغيل العمال تحت أشعة الشمس في نهارات الصيف الحارقة، إلا أن بعض الشركات في المدينةالمنورة تجبر العاملين على أداء المهمات الموكلة لهم خلال ساعات النهار خاصة في مثل هذه الأيام، حيث ترتفع درجات الحرارة، وفي الوقت الذي أوضح فيه عدد من عمال النظافة في المدينةالمنورة أنهم لا يدرون أن هناك قوانين تمنع تشغيل العمال تحت أشعة الشمس فإن مصدرا مسؤولا في مكتب العمل بالمدينةالمنورة توعد الشركات المخالفة لقانون تشغيل العمال تحت أشعة الشمس. وفي هذا السياق أوضح عدد من عمال النظافة أنهم يبذلون مجهودا كبيرا لتنظيف الشوارع في المدينةالمنورة، ويعملون في بعض الأحيان تحت أشعة الشمس الحارقة، ورغم قسوة الطقس فهم لا يبالون، ويعملون بجد واجتهاد لتأمين لقمة عيشهم وتحمل عناء السفر والغربة. وأجمع عدد من أهالي المدينةالمنورة أن الضرورة تقتضي تغيير موعد عمل هؤلاء العمال إلى ما بعد العصر حتى تبرد حرارة الطقس، مؤكدين أن عمال النظافة لا يستطيعون العمل في نهار رمضان، وأن الضرورة تقتضي من أمانة المدينةالمنورة أن تجبر شركات النظافة على تغيير مواعيد عملها في مثل هذه الأيام، حيث ترتفع درجات الحرارة بصورة كبيرة، لافتين إلى أن مكتب العمل في المنطقة يمنع تشغيل العمال من قبل الشركات في حرارة الصيف اللاهب، غير أن الشركات يهمها الربح فقط ما يجعلها تجبر عمال النظافة على العمل تحت أشعة الشمس الحارقة. «عكاظ» التقت عددا من عمال النظافة والبناء وغيرهم من العاملين تحت الشمس في المدينةالمنورة، والذين أكدوا على ضرورة أن تكون مواعيد عملهم بعد العصر في نهارات الصيف الحارقة. وفي هذا السياق أوضح عابد أمجد من جنسية آسيوية والذي يعمل مع إحدى شركات النظافة في أحد أحياء المدينةالمنورة أنه يعمل في هذه المهنة لمدة ثماني ساعات في اليوم، أي منذ الصباح الباكر وحتى العصر دون إجازة، موضحا أن حرارة الشمس غيرت لون بشرته وأصابته بالضنك والإرهاق، موضحا أن شركة النظافة لا تراعي ظروف العمال وتجبرهم على العمل تحت الشمس الحارقة. وأضاف أنه وغيره من العمال لا يستطيعون الاعتراض لأن هذا مرتبط بلقمة عيشهم، وأنه لا يعرف شيئا عن قوانين مكتب العمل التي تمنع عمل العمال تحت أشعة الشمس الحارقة. وأضاف بقوله: «نحن نعاني في الصيف من الحرارة الشديدة ونعاني في الشتاء من البرد القارس ولابد أن تقوم شركات النظافة بالتقيد بقوانين مكتب العمل ولا تجبر العمال على العمل تحت أشعة الشمس الحارقة جدا في نهارات الصيف». وفي نفس السياق أوضح نور خان سائق شاحنة لنقل النفايات، أنه يعمل لمدة ثماني ساعات في اليوم الواحد، لافتا إلى أن شركة النظافة لا تراعي ظروف العمال وعملهم تحت أشعة الشمس. وأضاف: «أهم شيء عند الشركة أن تجني الأرباح، ولكنها لا تراعي ظروفنا وتجبرنا على العمل تحت اشعة الشمس». وأضاف أن بعض العمال يحاولون إبلاغ الشركة بعدم تشغليهم تحت أشعة الشمس ولكن لا حياة لمن تنادي فالوضع كما هو عليه، وأضاف: «الكثير من زملائي أصيبوا بضربات شمس نتيجة تعرضهم للحرارة الشمس الحارقة». ولا بد التحرك لمنع حدوث تلك المأساة الإنسانية والضرب بيد من حديد للشركات التي لا تراعي أنظمة العمل من جانبه أوضح عامل النظافة محمد علي أنه يعمل لمدة ثماني ساعات في اليوم الواحد ولا تراعي الشركة ظروف تشغيلهم تحت أشعة الشمس، داعيا إلى تشديد الأنظمة العمل، مضيفا: «أصبح لا يوجد لدي سواء راتب الشهري الذي لا يكفي لشراء الماء يوميا لأروي عطشي بسبب العمل المجهد». ومن جانبه أوضح أبو الكلام محمد، عامل النظافة عند إحد الإشارات المرورية، أن العمل تحت أشعة الشمس متعب للغاية، موضحا أنه يشعر بالسعادة عند عند تحويل عمله إلى فترة الليل وذلك بسبب الهروب من أشعة الشمس وكذلك بسبب ازدحام الإشارة المرورية. وفي موازاة ذلك أوضح مصدر مسؤول في مكتب العمل في المدينةالمنورة أن قرار منع تشغيل العمال تحت أشعة الشمس خصوصا وقت الذروة وحرارة الشمس قرار ساري المفعول، وعلى الشركات اتباع الأنظمة والقوانين الخاصة بهذا الصدد، وتوعد المسؤول الشركات التي تخالف الأنظمة وتجبر العمال على مواصلة العمل تحت أشعة الشمس. وتابع أن الشركات المخالفة سيتم إيقاع العقوبات بحقها، لافتا إلى أن مكتب العمل يقوم بجولات ميدانية للتحقق من تنفيذ الشركات اللوائح والقوانين. ومن جانبها أوضحت مشرفة مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمدينةالمنورة شرف القرافي أن مكتب الجمعية بالمدينةالمنورة يرصد ويراقب أي انتهاكات يمكن أن تحدث بتشغيل العمالة ما بين الساعة 12 ظهرا وحتى الثالثة عصرا بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ومتابعة قرار وزارة العمل بمنع الشركات والمؤسسات من تشغيل العمالة خلال تلك الفترة. وبينت القرافي أنه في حال تسجيل مخالفات سيتم التحرك بشكل عاجل لاتخاذ الإجراءات المناسبة ومخاطبة الجهات المعنية، مؤكدة أن نظام العمل السعودي يتضمن مواد تلزم أصحاب العمل بعدم تشغيل العمالة إلا في بيئة عمل مناسبة، ومنها المادة (122) من نظام العمل والتي يشير منطوقها إلى أن على كل صاحب عمل أن يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال من الأخطار والأمراض الناجمة عن العمل والآلات المستعملة ووقاية العامل وسلامته، وعليه أن يعلن في مكان ظاهر في المنشأة التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال وذلك باللغة العربية وبأية لغة أخرى يفهمها العمال عند الاقتضاء ولا يجوز لصاحب العمل أن يحمل العمال أو يقتطع من أجورهم أي مبلغ لقاء توفير هذه الحماية، كما أن قرار وزارة العمل الذي يقضي بتنظيم أوقات العمل تحت أشعة الشمس خلال الفترة الحالية من كل عام والتي تتوافق مع معايير العمل الدولية هذا القرار يؤكد حرص المملكة على منح العاملين حقوقهم والتعامل معهم بطريقة إنسانية. وأشارت إلى أن المسؤولية عن العمال هي مسؤولية مشتركة بين مختلف المؤسسات الرسمية وأصحاب العمل، أما مساءلة الشركات المخالفة قانونيا فهي من مسؤوليات الجهة المختصة والمتمثلة في وزارة العمل. وأضافت أنه ومن منطلق حرص مكتب الجمعية بالمدينةالمنورة على رفع مستوى الوعي بحقوق العمال فقد وزع عددا من إصدارات الجمعية بهذا الشأن، منها حقوق العاملين غير السعوديين في ظل نظام العمل السعودي، وتصحيح العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد وجميعهما باللغتين العربية والإنجليزية. إجراءات الحماية شرف القرافي أعربت عن أملها في أن يبادر أصحاب العمل من منطلق مسؤوليتهم الدينية والأدبية والنظامية تجاه العاملين لديهم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من أضرار أشعة الشمس وغيرها من الحالات التي تضر بالصحة والسلامة المهنية. وكانت وزارة العمل سبق وأن أكدت على الشركات والمؤسسات أن أنظمتها تمنع تشغيل العمال خلال فترة الظهيرة التي تكون فيها أشعة الشمس في أوج عنفوانها.