هي من أبرز المعالم وأشمخ الصروح العلمية في مكةالمكرمة، وتعتبر من أهم المكتبات في العالم الإسلامي، شكلت الإرهاصات الأولى للأساس العلمي للثقافة الإسلامية، حتى أصبحت مهوى أفئدة العلماء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي من مشرقه ومغربه، حيث يأتون للمجاورة والإقامة وسماع العلم ويبقون فيها لسنوات.. إنها مكتبة الحرم المكي الشريف التي ساهمت في جعل هذا البلد شعاعا للعلم والفكر والمعرفة، باجتماع أساطين العلم والنابهين من كل أنحاء المعمورة فيها، في مختلف الحقب التاريخية، تطورت هذه المنارة العلمية وتوسعت عبر التاريخ. وفي العهد السعودي الزاهر اهتم الملك عبدالعزيز رحمه الله بهذه المكتبة وكون لجنة من العلماء لدراسة أحوالها وأطلق عليها العام 1357ه مكتبة الحرم المكي الشريف، وقد أهدى إليها رحمه الله مجموعة من الكتب وأصبحت منذ ذلك الوقت محل عناية ورعاية الدولة، واستمرت ذلك في عهود الملوك أبناء المؤسس، إلى أن وصلت الرعاية إلى أوجها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث افتتح صاحب السمو الملكى الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة في 22/7/1434ه، مكتبة المسجد الحرام في الدور الثاني من الحرم المكي الشريف التابعة لمكتبة الحرم المكي على مساحة تقدر ب540 مترا مربعا، وتضم حوالى 30 ألف كتاب وأكثر من 200 قرص مدمج لدروس وخطب أئمة الحرمين الشريفين، وبعض الدروس المترجمة لغير الناطقين باللغة العربية، إضافة إلى عدد من الصوتيات وقسم للتصوير والتوثيق. ويعود إنشاء مكتبة الحرم المكي الشريف إلى القرن الثاني الهجري في عهد الخليفة العباسي الخليفة المهدي العام 160ه، وترجع تسميتها بمكتبة الحرم المكي الشريف إلى الملك عبدالعزيز رحمه الله، الذي أمر بتشكل لجنة من علماء مكةالمكرمة لدراسة أوضاعها وتنظيمها بما يتفق مع مكانتها وأهميتها، وأسست في عهد الملك عبدالعزيز العام 1357ه. وعن تاريخ نشأتها، قال مدير مكتبة الحرم المكي الشريف الدكتور محمد بن عبدالله باجودة إن من الصعوبة بمكان معرفة البداية الحقيقية لتأسيسها، وإنما هناك بعض الدلائل التي يمكننا من خلالها معرفة تاريخ نشأتها على وجه التقريب. وأضاف أن المكتبة ارتبطت بوجود المصاحف والكتب الشرعية وإن لم يكن وجود تلك المصاحف والكتب يعني بالضرورة وجود مكتبة بالمعنى المتعارف عليه اليوم، ويمكن القول إن تأسيس المكتبة ارتبط بصفة عامة بمجالس الفتيا والذكر التي كان الصحابة والتابعون يعقدونها في المسجد الحرام، ومع أن كتب التاريخ لم تذكر بالنص وجود مكتبة داخل الحرم، إلا انه يستنتج وجودها فقدسية المكان كان حافزا للخلفاء المسلمين وحكمائهم وموسريهم ومؤلفيهم وقف مصاحف وكتب تحفظ في دواليب داخل الحرم. وتابع: نجد أن غالبية المؤرخين تتفق على أن نواة المكتبة كانت موجودة في بداية الخلافة العباسية زمن المهدي العباسي العام (161ه) وانه كانت توجد قبتان إحداهما للسقاية والأخرى للمحفوظات سميت قبة بيت المحفوظات، كانت تحفظ بها المصاحف وبعض الكتب الدينية التي ترد إلى الحرم المكي، وبمرور الأيام نمت مجموعاتها حتى انتقلت إلى خارج الحرم، وتعد المرة الأولى التي تنقل فيها إلى خارج الحرم العام1357ه، بعدها انضمت إلى الرئاسة العامة للإشراف الديني في المسجد الحرام وبقيت حتى تغير اسمها إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأصبحت مكتبة عامة تقدم خدماتها لطلاب وطالبات العلم. وتضم المكتبة أكثر من نصف مليون كتاب، وأكثر من 3 آلاف مجلة، كما يبلغ عدد المخطوطات أكثر من 8 آلاف مخطوط أصلي ومصور، في حين يضم قسم الميكروفيلم أكثر من 4 آلاف فيلم لأهم المخطوطات، فيما يضم قسم المكتبة الصوتية أكثر من 40 ألف شريط لخطب ودروس المسجد الحرام. وتضم المكتبة أيضا قسما للمخطوطات النادرة تعود إلى فترات زمنية مختلفة، تصل إلى 5 آلاف مخطوطة أصلية منها ألفا مخطوطة مصورة على الورق، وتضم المكتبة عدة أقسام قسم بدءا من الخدمة المكتبية التي تشرف على قاعة الاطلاع وتستقبل المطالعين على اختلاف مستوياتهم حيث تتم خدمتهم ومساعدتهم في تلبية حاجاتهم بالوصول لمبتغاهم من الكتب وبخدمة الباحثين والمحققين، بمساعدتهم في الوصول إلى المخطوطات، ويضم القسم حوالى 6847 مخطوطا أصليا، و358 مخطوطا غير عربي، و2314 مخطوطا مصورا، ومجموعة من الرسائل العلمية، وفهارس لبعض مخطوطات المكتبات العالمية والعربية، وقسم الدوريات لعرض الصحف والمجلات المحلية والعربية الحديثة للمطالعين والزوار، وتوفير مجموعات الدوريات العربية والعلمية الحديثة والقديمة، ويقوم قسم المكتبة الصوتية بتسجيل الأشرطة للزوار والمطالعين من المواعظ والخطب والدروس العلمية التي تلقى في الحرم المكي، والتي تزيد على 80 ألف شريط. ويتولى قسم الميكروفيلم تمكين الزوار والمطالعين من مشاهدة الأفلام الخاصة بالمخطوطات والصحف القديمة على أجهزة القراءة الموجودة بالقسم، ويضم أكثر من 5671 فيلما. ويمكن للباحثين وطلاب من تصوير المخطوطات الأصلية على أفلام، ومن ثم تحويل تلك الأفلام إلى نسخ ورقية العلم في قسم التصوير الميكروفيلمي وقد تم لاحقا تصوير جميع مخطوطات المكتبة تصويرا فوتوغرافيا، وحفظها كومبيوتريا. ويعرض جناح الحرمين الشريفين كل ما له علاقة بالحرمين الشريفين من صور قديمة وحديثة أو خرائط أو كتب أو مخطوطات للمطالعين والزوار، فيما يقوم القسم النسائي بخدمة المطالعات والزائرات وطالبات العلم على فترتين صباحية ومسائية. أما قسم التزويد فيتولى مسؤولية ومهام بناء وتنمية المجموعات وفقا للسياسة التي وضعتها الإدارة وقسم الفهرسة والتصنيف الذي يقوم بعمليات التحليل والوصف الببليوجرافي للكتب وهناك قسم الإهداء والتبادل، وقسم التجليد وقسم العلاقات العامة.