فتح الصيف أبوابه وبدأ المواطنون يشدون الرحال إلى الخارج، وفي سياق حراك السفر إلى الخارج دعا عدة مواطنين إلى ضرورة تفعيل السياحة الأثرية في العلا والتي تعتبر من المواقع التاريخية الهامة. يشار إلى أن العلا سميت عاصمة التاريخ والآثار وعروس الجبال ولؤلؤة الشمال ومدينة الحب والجمال وقد اكتسبت شهرة عالمية لكونها تعد من أغنى وأقدم المواقع التاريخية والأثرية على مستوى العالم لوجود مدائن صالح كأحد أبرز الآثار على مستوى العالم، وفي عمق التاريخ تبوأت العلا موقعا تجاريا مهما على طريق القوافل القديم، فكانت العلا «ديدان» مركزا تجاريا بارزا تتجمع فيه التجارة القادمة من جنوب شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا وجنوب شبه الجزيرة العربية والتي تحمل التوابل والعطور والبخور. كما أن العلا خضعت لسيطرة أربع دول هي: ديدان ولحيان ومعين والأنباط، في تاريخ يمتد إلى القرن السادس قبل الميلاد، وتقع العلا في الجزء الشمالي الغربي من المدينةالمنورة وتابعة لها وتبعد مسافة 370 كيلومترا ويسكنها قرابة 60 ألف نسمة. انضمت مدائن صالح عام 2009 إلى قائمة التراث العالمي (اليونسكو) والتي تعد أحد أبرز الآثار العالمية وهي في الأساس المنطقة التي كان يسكنها قوم ثمود في القرن الثالث قبل الميلاد بحسب علماء آثار مختصين وقد أعطاهم الله قوة عجيبة تجعلهم ينحتون الجبال التي تضم أكبر عدد من القصور (المقابر) وقد جمع النحت النبطي بين التأثير الآشوري المتمثل في الشرفة التي تزين أعلى المقابر والكورنيش المصري المرتكز على هذه الشرفة والفن الإغريقي في باقي الواجهة، ومن أشهرها قصر الصانع، قصر الفريد وقصر البنت، وأغلب المقابر تميزت بوجود كتابة أعلى المدخل توضح اسم صاحب المقبرة، ومن يحق لهم الدفن فيها، وتاريخ نحتها، واسم النحات.. ومعلومات أخرى ومدائن صالح يمكن أن يطلق عليها المتحف المفتوح حيث يبلغ مساحة المنطقة الأثرية 13.39 كيلومتر مربع. وقد ذكرت في القرآن الكريم بأنها المنطقة التي شهدت هلاك قوم ثمود ونزلت سورة الحجر دلالة على مدائن صالح. إلا أنه ومع كل هذه الشهرة التي اكتسبتها العلا، إلا أن كثيرا من المواطنين لا يرون أنها تلقى اهتماما ودعما من قبل الجهات المعنية، يأتي ذلك مع قدوم الإجازة الصيفية وتوجه الكثير من المواطنين إلى السفر خارج المملكة بحثا عن السياحة الغائبة التي لم يجدوها في العلا. يقول أحمد الحربي «أنا أسميها المحافظة الذهبية لكن ذهبها لازال مدفونا وذلك بسبب عدم وجود اهتمام ورعاية حقيقة فيها، وإنما ما نجده هو كذبة إعلامية بالاهتمام فيها والاعتناء بها ولكن لو زرت المحافظة ستجد الإهمال الواضح بها، ماذا لو كانت العلا بجانب أهرامات الجيزة في مصر لوجدت اهتماما ورعاية واستثمارا حقيقيا بكل ما تعنيه الكلمة، حيث إنه لا يوجد إلى الآن تأشيرات خاصة بالسياح الأجانب، ولذلك ستجد عدد السياح للمحافظة قليل مقارنة بالأهرامات كونها تعد من أهم الآثار التاريخية على مدى تاريخ البشرية»، وأضاف: «ليس هذا فحسب.. بل وتتميز العلا بوجود العديد من الآثار التاريخية على مدى العصور حيث توجد البلدة القديمة كنموذج مميز للمدن الإسلامية في القرون الماضية حيث يعود تاريخ بنائها إلى القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، وقد شيدت بيوتها من أنقاض المباني الأثرية التي جلبت من منطقة الخريبة حيث تم استخدام الحجارة الجاهزة للبناء في تشييد معظم منازلها وهو ما يفسر وجود العديد من النقوش والكتابات والزخارف على العديد من حجارتها». والقرية عبارة عن مدينة سكنية متكاملة تتكون من كتلة عمرانية واحدة متراصة ومترابطة، وتضم القرية حوالي 870 منزلا، كما وبسبب موقع محافظة العلا، حيث إنها تقع على واد خصب التربة.. لذلك فهي تشتهر بزراعة النخيل والفواكه مثل البرتقال والرمان والمانجو كما تكثر العيون والمياه الجوفية فيها ولذلك فإنها تنتج سلة غذاء متميزة بكميات كبيرة إلا أنها بحاجة للاستثمار فيها للإنتاج بكميات تجارية. وقال المواطن خالد العنزي «إن مما يعانيه السياح هو كيفية الوصول للمحافظة حيث إنها تبعد عن المدينةالمنورة وعن تبوك بطرق مزدوجة خطيرة تكثر فيها الحوادث بشكل رهيب وبالرغم من افتتاح مطار الأمير عبدالمجيد قبل ما يقارب سنتين فيها إلا أنه لايزال دون المستوى حيث إنه لا يوجد إلا رحلتين أسبوعيا من الرياض فقط رغم المطالبات المتكررة من قبل الأهالي بزيادة الرحلات وتعدد الوجهات مثل جدةالمدينة وغيرها إلا أن رد الخطوط يأتيهم بشكل جاف بأنها قد تتكبد خسائر في حالة تشغيل رحلات إضافية فيما طالب آخرون بتخفيض سعر الرحلة كونها تصل إلى 1000 ريال». فيما يطالب المواطنون بفتح المطار للخطوط الأجنبية لتشغيل رحلات دولية للترويج بشكل كبير للسياحة الأثرية والتاريخية للمحافظة مما يخلق سوق عمل لتوظيف عدد كبير من الشباب السعودي. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار كشف في عدة مؤتمرات سابقة عن إطلاق برامج للاهتمام والرعاية بشكل كبير بمحافظة العلا كونها تعتبر إحدى أهم موارد الاقتصاد السعودي والتي يعول عليها بشكل كبير مستقبلا في قطاع السياحة الأثرية بالسعودية، مشيرا إلى أن هدف الهيئة الرئيس الآن هو التركيز على تطوير منطقة العلا حيث إن الهيئة افتتحت مكاتب لها في المحافظة وأنه وبالتعاون مع الجهات المعنية ستكون العلا هي وجهة المفضلة لكل السياح حيث ستقوم بتقديم تسهيلات كبيرة لهم. أعمال الترميم الدكتور يوسف المزيني الرئيس التنفيذي للسياحة والآثار بالمدينةالمنورة أوضح أن الهيئة تشرف على أعمال ترميم مباني التراث العمراني بالمحافظة وإعادة تأهيلها وتوظيفها لتتم الاستفادة منها حيث إنها لاتزال مستمرة فيها، فيما تقوم الهيئة بالكشف عن الآثار الموجودة فيها من خلال التنقيب بأسلوب احترافي يضمن عدم تلفها ويأتي ذلك بهدف الحفاظ على الهوية التاريخية والأثرية للعلا مما يجعلها جاهزة للاستثمار السياحي.