في جنوب غرب المملكة تحديدا في الأسواق الشعبية التي تختص ببيع كل ماهو من التراث والمأكولات الشعبية، يوجد نساء لا يعترفن باليأس بعضهن في منتصف العمر وأخريات طاعنات في السن يرفضن الاستسلام لظروف الحياة، ويتمثلن بالمثل الشعبي عند سؤالهن عن سبب ممارستهن العمل رغم كل المتاعب «صبري على نفسي ولا صبر الناس عليه»، حيث يستيقظن قبل أذان الفجر ليجمعن ما يردن بيعه رغم بساطته وقلة المردود المادي من بيعه، ويتحملن لهب النار المتصاعد من التنور ولا يبالين بحرارة الشمس وصعوبة نقل ما يردن بيعه لعدم وجود مركبات خاصة يملكنها. «عكاظ» جالت في أروقة الأسواق الشعبية والتقت عددا من النساء. بداية أوضحت «م: ع» أنها تمارس بيع الأكلات الشعبية كالشدخ (السبانخ) واللحم الحنيذ والخمير والدخن والحلبة والباذنجان بالتنور منذ 10 سنوات، لافتة إلى أنها تلقى روجا من الشباب الذي يتطلع لتغيير نمطه الغذائي المضر في الكثير من الأحيان والكبار بالسن الذين عايشوا الفترة الزمنية لانتشار هذه المأكولات في الماضي ومازالوا يبحثون عنها في هذه الأسواق الشعبية من فترة لأخرى. أما «أم محمد» التي تجاوزت الخامسة والستين عاما قالت: أفضل العمل على البقاء في المنزل فأنا أعشق هذه المهنة منذ نعومة أظافري عندما كنت أمارسها مع والدتي «رحمها الله» وتمسكت بها رغم قلة المردود المادي والتعب الشديد في التنقل من سوق لآخر، بالأغراض الخاصة بأدوات الطهي ومكوناتها. وعن أهم المأكولات التي تبيعها قالت: أبيع الخمير والسمك وإيدام الباذنجان والطماطم والثوم والكوسة والشدخ أو ما يعرف حديثا بالسبانخ وهي مفيدة ومغذية وجميعها تطبخ في التنور أو «الميفا» دون استخدام زيوت قلي أوالصبغات، ويتم فقط إضافة زيت السمسم، أما البعض يبعن النباتات ذات الروائح الجميلة والتي يفضلها النساء والرجال على حد سواء كالكاذي والريحان والشذاب والبرك وكل هذه المسميات معروفة بالمنطقة الجنوبية، وبعضنا الآخر يبيع الأواني الفخارية كالمغشات التي تستخدم لطهي الإيدامات قديما وفناجيل القهوة وجميعها مصنوعة من الفخار، والبعض آخر يبيع الماء والعسل والسمن وزيت السمسم وقبعات مصنوعة من السعف.