تسابق الزمن قبل أن يعود الزوج للمنزل، تمسك بالهاتف وبيدها الأجندة، تسأل عن الطعام الأجهز والأسرع وصولا؛ كي لا يعود الزوج فيستشيط غضبا وتنقلب الدنيا رأسا على عقب بسبب لقمة غير جاهزة، ذلك حال المعتمدات على مطاعم «الدليفري». ويتميز هذا النوع من البحث بأن الفاصل بين إغلاق سماعة الهاتف ورنين جرس المنزل سرعة الوصول، حيث يبدأ العد التنازلي في انتظار سائق يرن جرس الباب، ويسلم كيسا بلاستيكيا يشمل وجبة متعددة الأصناف، ويبقى السؤال هل أصبحت المطاعم بديلا عن مطبخ المنزل؟! نقصان الطلب بداية، تقول (أم نوف) أطلب للأسرة وجبة غداء أو عشاء في بعض الأوقات للاستعاضة عن الطبخ في المنزل، والذي يستغرق وقتا طويلا رغم اقتناعي بأنها لا تعطي أبنائي المكونات الغذائية المطلوبة، ولكنهم يحبونها، التقطت نوف طرف الحديث «نطلب من المطاعم السريعة؛ لأنها أسرع في إيصال الوجبات وغير مكلفة، وإن كانت تصل في بعض الأحيان ناقصة أو تحوي طلبات زائدة عن عدد الأسرة بسبب خطأ في إعداد الطلبات من فرع المطعم، ولكنها تغنينا عن إلحاح والدتنا في تنظيف أدوات المطبخ بعد إعداد الغداء أو العشاء وهو أمر ممل بالنسبة لي ولأخواتي». وتجيب عبير بقولها: على الرغم من إقبال الناس على الطلب من هذه المطاعم إلا أنها لا تخلو من السلبيات عند الطلب المنزلي، وهو تأخر السائق لعدة ساعات في بعض الأحيان، ما جعلني أرفض الرد عليه حين وصل إلى المنزل بعد أربع ساعات من الطلب، وقد أعددت عشاء منزليا لي ولأبنائي. خطوبة «دليفري» وتحكي امرأة عن غرائب التوصيل بقولها: ذكرت لي صديقتي أن ابنتها اتصلت على رقم سائق لأحد المطاعم السريعة لطلب وجبات للأسرة، وبالفعل حضر بعد 45 دقيقة من الاتصال، وتكرر طلبها في فترات متقاربة لسرعة وصول الطلب ولحب أبنائها لذلك النوع من المطاعم، وبعد فترة تقدم شخص لخطبتها وتمت الموافقة وبعد إتمام مراسم الزفاف علمت أن زوجها هو ذاته سائق المطعم الذي لم يكن كذلك يوما، بل اتصلت هي منذ المرة الأولى بالخطأ على رقم هاتفه، وقاده حب التجربة إلى إحضار الوجبات التي طلبتها وتكرر الموقف حتى أعجب بها وقرر خطبتها. وتذكر ربة المنزل أمل غرباوي «أفضل الأكل داخل المطعم مع أبنائي أثناء تواجد زوجي لفترات طويلة في العمل أو سفره بعيدا عنا؛ لأني حقيقة لا أضع ضمن خطتي المنزلية الطبخ أثناء غيابه، واعتبرها فترة هدنة للاستمتاع بوجبة سريعة غير متعبة مع أبنائي خارج المنزل، فنتجه إلى أقرب مجمع تجاري لتوفر العديد من المطاعم واختيار كل فرد وجبته المفضلة. دجاج متعفن فيما تواصل الحديث أخرى «أثناء تواجدي في مطعم للوجبات السريعة، قدمت لنا وجبات تحوي دجاجا متعفنا اشمأزت منه نفسي، وعلى الفور طلبت محادثة مدير الفرع، وتقدمت بشكوى، ما جعله يسارع في تبديل الوجبات وتقديم أخرى أحسن حالا، ولكن ذلك الموقف دفعني إلى مقاطعة المطعم لعدم ثقتي في نظافة الوجبات وطرق تخزين اللحوم واخترت بديلا من بين البدائل العديدة المتوفرة اليوم». غضب الكاتشب ومن جهة سائقي المطاعم، أوضح أحدهم (فضل عدم ذكر اسمه) أن بعض النساء يقمن برفض استلام الوجبة أو الرد على المكالمات بعد التأخر عن الوقت المحدد بسبب الازدحام المروري وكثرة الطلبات حسب ما ذكر، وبين أن قيمة الوجبة يتحملها السائق نفسه الذي يقف مكتوف الأيدي أمام موقف محرج كهذا، وأكد أن الخطأ في نقصان أو زيادة الطلب لا يد له فيها؛ لأن مهمته تقتضي إيصال الطلب لا أكثر، وأن في فروع المطاعم موظفين مكلفين بإعداد وتجهيز الوجبات، ذاكرا أحد أقسى المواقف التي مر بها عندما قدم الطلب لربة منزل، ولكنها رفضت إعطاءه المبلغ إلى حين التأكد من توافر جميع الوجبات التي ترغب بها، ولكن عدم وضع أكياس صلصة الطماطم «الكاتشب» استثار غضبها وتعالى صراخها، ملقية بالمبلغ على الأرض، وهو عبارة عن ريالات متفرقة تناثرت أمام باب منزلها وأجبر على جمعها متأثرا بالموقف بعد أن أغلقت الباب بشدة. طبخة مسروقة الشيف أم أجوان تعمل على إنقاذ ربات المنازل بالوجبات المعدة منزليا، وتقول: تقبل النساء على الوجبات المعدة منزليا بحثا عن النكهة الجيدة والطعم اللذيذ، مع الاهتمام بعامل النظافة، وسمعة الطباخة، وأضيف خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل عن طريق سائق يحصل على أجره الخاص، وامتهنت الطبخ بسبب حبي للمطبخ ورغبتي في ابتكار الجديد من الوصفات، كما أنني أقدم وجبات جيدة لأسرتي. وعن نوعية الزبونات تقول: أغلبهن من المعلمات اللواتي يطلبن الفطائر في الصباح للمدرسات الأخريات أو وجبة غداء كاملة بعد انتهاء عملهن، ويتردد على ألسنتهن عدم توفر الوقت الكافي لطهي الغداء، كما أنهن يرغبن في الوجبات التي تحتاج إلى طهي جيد ونفس مميز كالجريش والمقلوبة وأنواع الأرز، وأحدد أوقات التوصيل في ثلاث فترات كل يوم في الساعة العاشرة صباحا والثالثة ظهرا وبعد المغرب، كما أن بعض ربات البيوت يلجأن إلي في العزائم لإعداد الوجبات كاملة وبعض العرائس اللواتي لا يعرفن الطهي، وقد علمت عروسين شارفتا على السفر للابتعاث العديد من الأكلات السعودية لطهيها خارج البلاد والاستمتاع بمذاقها، وفاجأتني معلمة في إحدى المرات بطلب توصيل وجبة غداء في أوقات الصباح المبكرة، واستنكرت ذلك الطلب مما دفعها إلى إخباري بأنها تخبئ عن زوجها مصدر وجبة الغداء، راغبة في أن تكون الطاهية الماهرة في نظره، ما جعلني أشعر بسرقة جهدي، ولكني كنت على يقين بأنه سيدرك ما فعلت عندما تقدم له وجبات من صنعها، ويتضح فرق النفس في الطبخ لكلينا قائلة: «الماء يكذب الغطاس»، مشيرة إلى أن ربات البيوت لا يتقن صنع عجين الفطائر لتطلبه فترة طويلة من العجن والتخمير ومراعاة مقادير كل نوع منها بدقة، ولا يستمتعن بلف ورق العنب الذي يحتاج إلى يد واحدة ماهرة تقوم بلف الحبات لتخرج في حجم واحد.