كشف ل«عكاظ» الدكتور إسماعيل كتبخانة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز سابقا، رئيس تحرير مجلة كلية الآداب وأستاذ قسم الاجتماع، ملامح موسوعة «ثقافة المجتمع المكي خلال قرن وربع 1300 1428ه»، التي أنجزها في تسعة مجلدات، مبينا أن الموسوعة التي فازت بجائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات والبحوث، هي عبارة عن دراسة شاملة تصور جميع جوانب ثقافة مكةالمكرمة في الماضي والحاضر. وأضاف: أتمنى من الجهات العلمية نشر وطباعة هذا العمل ليستفيد منه الباحثون والمهتمون بتاريخ وثقافة مكةالمكرمة، مبينا أن الموسوعة تبرز احترام المجتمع المكي لتعدد الثقافات وتعاملهم مع الآخر بعيدا عن الاستعلاء والإقصاء، وأضاف أن الموسوعة تسلط الضوء على ثقافة مكةالمكرمة في بعديها المادي والمعنوي، تلك الثقافة التي تمثل أسلوب مجمل حياتها وتراثها الاجتماعي المتفرد والنابع أساسا من العقيدة الإسلامية الصحيحة، والفهم الصحيح لها، والبعد عن الظلم والغش، والأخذ بالأخلاق الحسنة الفاضلة، وحب الخير للجميع، ونصرة المظلوم ومساعدة المحتاج، وغيرها من المحاسن والفضائل التي يتصف بها سكان مكةالمكرمة التي لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا. وأوضح كتبخانة أن الموسوعة عبارة عن مسح ثقافي واجتماعي وثقافي واقتصادي لجميع جوانب مجتمع مكةالمكرمة، مبينا أن مكةالمكرمة تميزت بالتنوع والتعدد الاجتماعي والثقافي منذ زمن بعيد، وأن أهلها يسود بينهم الأخوة والمحبة الإسلامية والانصهار في بوتقة واحدة والشعور بالاعتزاز لوجودهم في هذه البقعة الطاهرة، كما أن لديهم خاصية حب الخير والانفتاح على الشعوب والأمم الإسلامية كافة، وتحقيق التواصل معها بأساليب متعددة ومتنوعة، فهم بذلك يؤثرون ويتأثرون بما هو مفيد ونافع لدى الشعوب الأخرى، مشيرا إلى أن هذه الثقافة تتقبل وتحترم التباين الثقافي، وخلوها من أحكام الاستعلاء والدونية، وقد عاش أهالي مكة من مختلف الأجناس سمات وخصائص ثقافة المثاقفة المؤمنة بأهمية القبول للآخر والانفتاح عليه بدرجة ملحوظة من التسامح والإيمان بحتمية التنوع وقدسية التعايش، لتنوع أطياف ساكنيها، فهم علاوة على الأصليين من العرب من أهلها وساكنيها، يتكونون من جاليات وأجناس وأطياف عديدة جاءت من كافة أصقاع العالم، تأثر بعضهم ببعض مشكلين نسيجا واحدا متماسكا، ضمن بوتقة واحدة وهوية واحدة، وقيم وعادات وتقاليد واحدة، يسود بينهم الاحترام المتبادل والمحبة الصادقة، ولقد كان من هؤلاء الساكنين في مكةالمكرمة شرفها الله من كانوا محور النهضة العلمية والأدبية والفكرية في مختلف العلوم والمعارف والفنون، ولقد تعلموا في داخل أروقة وساحات المسجد الحرام وعلى حصياته الطاهرة، وضمن المدارس المنتشرة في أرجاء حارات مكةالمكرمة، كالمدارس الصولتية، والفلاح، ودار الحديث، وتحضير البعثات، ودار العلوم.. وغيرها، وكذلك الكتاتيب، وجميعها قد تخرج فيها العلماء والأدباء والمفكرون ورجالات الدولة. وأضاف «أقدم تلك الموسوعة لأهالي مكةالمكرمة الكرام أولا، ولجميع أبناء الأمة الإسلامية جمعاء في أرجاء المعمورة، والتي تشتاق وتتلهف بشدة للمجيء إليها ورؤية الكعبة المشرفة والحرم الشريف ومعالمه». عناصر مادية وغير مادية وحول العناصر التي ركزت عليها الموسوعة، قال الدكتور كتبخانة إنها اهتمت بعنصرين هما:أولا. العناصر المادية للثقافة وأهم ما تم تناوله: الحارات، والمساكن، والأسواق، والمهن، والأطعمة، والألبسة، والأدوات، ووسائل النقل، والمواصلات، وغيرها من العناصر المادية، والتي أنتجها الإنسان ويمكن اختبارها بالحواس المعروفة، كما تشمل تلك العناصر المادية طرائق وأساليب التعامل معها، والتي يتحدد استعمالها واستخدامها بالأفكار والاتجاهات والقيم التي تتمثل في حياة الناس ومستواهم الفكري والاجتماعي والاقتصادي. ثانيا، العناصر غير المادية (المعنوية) للثقافة، وأهم ما تم طرحها في هذه الموسوعة عن مكةالمكرمة: الفنون، والأدب، والتعليم، والعادات والتقاليد، المرتبطة بالمناسبات الإسلامية كعيدي الأضحى والفطر، وكذلك العادات والتقاليد المرتبطة بمناسبات الزواج والختان وتسمية المولود، وختم القرآن الكريم والوفاة.. وغيرها. كما تم تناول نماذج من التراث الشعبي والفني، وكذلك الأمثال والكلمات العامية الدارجة لدى أهالي مكةالمكرمة وغيرها.واستطرد كتبخانة قائلا: الملاحظ أن الجوانب المادية والجوانب المعنوية من الثقافة ليس هناك فصل بينهما، لأن كلا منهما مكمل للآخر يؤثر ويتأثر. 55 فصلا وأضاف الدكتور إسماعيل «يتكون هذا العمل الموسوعي من تسعة مجلدات اشتملت على خمسة وخمسين فصلا احتوت ما يلي: المجلد الأول هو مدخل عن الثقافة وصفحات عن مكةالمكرمة والحرم الشريف، والمساجد التاريخية، والمعلم الأثرية، أما المجلد الثاني فيتناول حارات وبيوت مكةالمكرمة والتطور العمراني فيها، ويركز المجلد الثالث على الأسواق، والمهن التقليدية، والصناعات الحرفية والحديثة، فيما يرصد المجلد الرابع، مظاهر وعادات وتقاليد مكية مرتبطة ب(لملبس، والأطعمة، والألعاب، والاحتفالات، والمناسبات المتعددة، والأسرة)، ويركز المجلد الخامس على التعليم التقليدي والحديث، والمكتبات العامة والخاصة. كما يبرز المجلد السادس الأبعاد الثقافية والإعلامية والعلمية، ويوثق المجلد السابع حركة الأدب والأمثال والفنون الشعبية. وأضاف كتبخانة أن المجلد الثامن يهتم بالتنظيمات للقطاعات الحكومية، والأهلية، والخيرية وتطورها في مكةالمكرمة. ويبرز المجلد التاسع مفردات ومصطلحات مهمة ذكرت ضمن المجلدات السابقة، بالإضافة إلى كشاف شامل للإعلام والأماكن، والتنظيمات، والمهن، والتعليم، والعادات والتقاليد، يساعد القارئ للموسوعة للبحث عن أي موضوع ذكر فيها بيسر وسهولة. 10 سنوات من البحث وقد استغرق إنجاز هذا العمل الموسوعي كاملا ما يقارب عشر سنوات، تخللتها قراءات موسعة ومكثفة في الكثير من كتب التراث والثقافة المكية، والالتقاء بعدد كبير من أهالي مكةالمكرمة الفضلاء، ولا سيما كبار السن منهم؛ للاستفادة من خبراتهم ومعارفهم التي لم يكن عنها غنى في كتابة هذا العمل الموسوعي الكبير الحجم. ومن الجوانب التي ساعدت المؤلف في إعداد هذا العمل الموسوعي، أوضح الدكتور إسماعيل كتبخانة أن من أبرزها حرصه على حضور الكثير من الندوات والمحاضرات والتي عقدت ونظمت من جهات عديدة داخل مكةالمكرمة، كجامعة أم القرى، النادي الأدبي الثقافي، رابطة العالم الإسلامي، ووزارة الحج.. وغيرها من الجهات التي شارك فيها عدد كبير من رجالات الفكر والأدب والثقافة. كما أن لمشاركاته بالحضور في فعاليات أخرى علمية وثقافية دورا كبيرا في تلك الموسوعة، وقال: شاركت في العديد من الفعاليات التي نظمت خارج مدينة مكةالمكرمة؛ كجامعة الملك عبدالعزيز، والتي أشعر بالفخر والاعتزاز بانتمائي إليها وعملي بها منذ سنوات عديدة كأكاديمي وباحث، وجامعة الملك سعود بالرياض، ودارة الملك عبدالعزيز بالرياض، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض.. وغيرها من الجهات. مؤلف الموسوعة إسماعيل كتبخانة أوضح أنه اعتمد في كتابة هذه الموسوعة على عدد كبير من المخطوطات والمصادر والمراجع العلمية القديمة والحديثة التي تناولت تاريخ وثقافة مدينة مكةالمكرمة، وكذلك إجراء مقابلات عديدة مع رجالات مكةالمكرمة للحصول على معلومات مهمة منهم، وبخاصة فيما يتعلق بالمهن، والعادات والتقاليد والتراث، وكذلك معرفة انطباعاتهم عن التغيرات التي حصلت وتحصل في ثقافة مجتمع مكةالمكرمة. كما رجع الباحث أيضا لعدد كبير من كتب ومقالات الرحالة من شتى أقطار العالم، والذين دونوا مشاهداتهم وانطباعاتهم عن مكةالمكرمة والمسجد الحرام والمشاعر المقدسة، منهم: محمد السنوسي، كرستيان هورخرونيه، جرفيه كورتلمون، إبراهيم رفعت، محمد أسد، شكيب أرسلان، محمد رشيد رضا، ومراد هوفمان.. وغيرهم من الرحالة. الصحف القديمة وأضاف «رجعت إلى الكثير من الصحف والمجلات التي صدرت قبل العهد السعودي؛ مثل صحف: (القبلة)، (الحجاز)، (الفلاح)، و(بريد الحجاز)، وغيرها»، كما استعان بكثير من الصحف التي صدرت في العهد السعودي الزاهي أهمها: (أم القرى)، (صوت الحجاز)، (حراء)، و(الندوة). ومن المجلات التي صدرت وتصدر من مكةالمكرمة ومنها مجلات: (الإصلاح)، (النداء الإسلامي)، (الحج والعمرة)، (رابطة العالم الإسلامي)، و(التجارة والصناعة).. وغيرها. وأستطرد قائلا: «من الجوانب الأخرى التي ساعدتني في كتابة الموسوعة خبراتي الشخصية المتواضعة وتخصصي في مجال علم الاجتماع الذي قدم لي رؤية ومعرفة شمولية جيدة في معالجة موضوع الموسوعة (الثقافة)، كذلك ما قمت به من زيارات متعددة للكثير من المكتبات والمراكز البحثة التي تهتم بتراث وحضارة مكةالمكرمة، ومن أهمها: مكتبة الحرم المكي الشريف، مكتبة مكةالمكرمة، مكتبة جامعة أم القرى، مكتبة النادي الثقافي الأدبي، مكتبة رابطة العالم الإسلامي، مكتبة دارة الملك عبدالعزيز بالرياض، مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، المكتبة الوطنية بالرياض، المكتبة الوطنية بالرياض، ومكتبة جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.. وغيرها، وكذلك بعض المكتبات الثرية الخاصة لعلماء ورجالات مكةالمكرمة، والتي تم الحصول منها على العديد من المراجع والوثائق التاريخية والصور القديمة». وأضاف «يتضمن العمل الحالي عددا كبيرا من الصور القديمة عن مكةالمكرمة، والتي تم الحصول عليها من مراجع علمية متنوعة تمت الإشارة إليها في قائمة المراجع، من أشخاص أو جهات رسمية حكومية وأهلية، كما تتضمن هذه الموسوعة عددا كبيرا من الصور الفوتوغرافية، والتي قام المؤلف بالتقاطها شخصيا، وتشمل تراث مكةالمكرمة وعاداتها، ومظاهر العمران والحضارة الحديثة، وتم الحصول على إذن من إمارة مكةالمكرمة بالقيام بذلك التصوير». في نهاية الموسوعة، تم تثبيت المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف، على النحو التالي: ذكر الاسم الأخير للمؤلف أو الباحث أولا، ثم اسمه الأول وبعد ترتيب الأسماء ترتيبا أبجديا، يلي ذلك ذكر اسم المرجع، ومكان وتاريخ سنة النشر إذا كان متاحا. كما تم تثبيت أسماء المراجع والمصادر تلك في متن صفحات الموسوعة على النحو التالي: ذكر الاسم الأخير للمؤلف فقط، تبع ذلك ذكر سنة النشر والطبع للمرجع إذا كان متاحا، ثم ذكر رقم الصفحة أو الصفحات التي تم اقتباس المعلومة منها. وجرى إدراج البيانات السابقة ضمن قوسين صغيرين مباشرة، وبعد الاقتباس، وتم بعد ذلك ذكر تلك المراجع التي وردت في المتن في قائمة المصادر والمراجع مكتملة البيانات. جائزة الأمير سلمان واستطرد الدكتور إسماعيل كتبخانة «بحمد الله وتوفيقه، حصل هذا العمل الموسوعي (كمشروع دراسة وتأليف) على جائزة ومنحة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وذلك عن دراسات تاريخ الجزيرة العربية لعام 1427ه، تلك الجائزة والمنحة التي تسعى أساسا إلى تحفيز الباحثين على العمل الدؤوب الجاد لتقديم مشاريع بحثية ودراسات رائدة تثري العمل العلمي، على أن تعود حقوق ملكية المشروع المقدم للمنحة والجائزة كاملا للمؤلف، ولقد تم تقديم تلك الجائزة والمنحة في حفل كبير بهيج أقيم في مدينة الرياض بتاريخ 1428/3/1ه، وتحت رعاية صاحب الجائزة والمنحة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، مبينا اعتزازه الدائم بهذا الفوز. وحول الصعوبات التي واجهت العمل، قال كتبخانة إن الموسوعة قد أنجزت والحمد لله بعد هذه السنوات الطويلة من البحث والدراسة، لكنها واجهت بعض الصعوبات والعقبات والتي تم تذليلها بفضل من الله عز وجل وقوته، ومنها: قلة المصادر والمراجع التي تتناول بعض جوانب الثقافة المكية، وخاصة فيما يتصل بالعادات والتقاليد، والمهن، والحارات وغيرها، كما واجه المؤلف رفضا من بعض المؤسسات والجهات والأفراد في تقديم المعلومة المتكاملة المطلوبة. وقدم كتبخانة اعتذاره الشديد عن أي خطأ أو نسيان أو نقصان في أي معلومة قد وقعت في هذا العمل الموسوعي بشكل غير مقصود، وقال «هو جهد المقل الذي يرجو عفو الله ومغفرته، وأن يكون في ميزان حسناته يوم القيامة، لنا ولمن قدم لنا المساعدة أو من قام بالإطلاع عليه وقراءته». وطلب كتبخانة بإلحاح من الباحثين والمفكرين ورجالات مكةالمكرمة الأفاضل، وكل من له اهتمامات بتراث مكةالمكرمة شرفها الله، أن يتم الاتصال بالمؤلف مباشرة للاستفادة ولتلافي أي خطأ أو قصور أو نقصان وقعت في هذه الطبعة الحالية، ولتلافي ذلك كله في الطبعة الثانية إن شاء الله. وخلص الدكتور إسماعيل كتبخانة إلى تقديم الشكر الجزيل لكل من ساهم من المؤسسات والهيئات والأفراد، في تقديم أية معلومة أو فكرة نيرة تثري هذا العمل الموسوعي، وخص بالشكر: المؤسسات والهيئات والدوائر الحكومية جميعها بمكةالمكرمة، المؤسسات والهيئات والجمعيات الأهلية جميعها، المكتبات والقائمين عليها، أصحاب الفكر والثقافة والأدب ورجالات مكةالمكرمة، وداعمي هذه الموسوعة ماديا أو معنويا.