أطل موسم العطلة الصيفية، وبدأت ترتسم في الأفق ملامح الأعراس والزيجات التي تعد من سمات فصل الصيف، لكن شباب المدينةالمنورة الذين يحلمون بدخول القفص الذهبي لهم رأي آخر في الزواج، حيث يرى بعضهم أن هناك الكثير من المعوقات تكسر أجنحتهم وتمنعهم من التحليق في القفص الذهبي. ورأى الشباب أن قلة الوظائف وضعف الرواتب في بعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص لا تمكنهم من تحقيق طموحاتهم بالارتباط ببنت الحلال والانطلاق في آلية الاستقرار الأسري، ودعا الشباب إلى تفعيل دور الجمعية الخيرية للزواج في المنطقة حتى تتولى مساعدة أكبر عدد من الشباب، لأن الكثير من الشباب يريدون الزواج ولكن تمنعهم الحالة المادية من ارتياد هذا العالم. وفي هذا السياق، قال محمد فلاتة إنه يفكر في الارتباط بزوجة تعيد له الاستقرار النفسي والذهني، ولكن حينما ينظر إلى حالته المادية يتحسر على نفسه وعلى ظروف الشباب الذين يماثلونه في العمر . وأضاف أنه عمل موظفا في شركة للأدوات الصحية ولكنه بمرور السنوات اكتشف أن الراتب الذي يتقاضاه لا يكفي مأكله وملبسه، لذا قرر مقاطعة الزواج حتى يجد الوظيفة التي تسمح له بأن يرتبط ويتزوج ويعيش في خيمة الاستقرار الأسري. ومن جانبه، أوضح ساهر مجيد أنه تخرج من كلية علمية وبحث عن وظيفة ولكن اكتشف أن تخصصه غير مطلوب في سوق العمل المحلي ما جعله يدخل في دورات في الحاسوب من أجل أن يدعم نفسه بهذا التخصص حتى يجد الوظيفة المناسبة وفقا لقوله. وقال محمد المحمدي إن عزوف عدد من الشباب عن الزواج يأتي بسبب أوضاعهم المالية وظروفهم المعيشية وحالتهم الاقتصادية، مؤكدا أن اليأس بدأ يتسلل إليهم بسبب ما يجدونه في حياتهم التي أثقلتها الهموم الاقتصادية. ومن جهته، أوضح يحيى جبلاوي من شباب المدينة ويقيم بمحافظة الوجه بسبب ظروف عمله: أحمل شهادة جامعية وتم توظيفي في محافظة الوجه على المرتبة السادسة رغم أنني أستحق السابعة واضطررت للذهاب والعيش هناك من أجل الوظيفة، والراتب الذي أتقاضاه يذهب ما بين أقساط السيارة وإيجار الشقة التي أسكن بها ومصاريف السفر ومخالفات ساهر ومصاريف المعيشة، حيث يأتي آخر الشهر ولم يتبقى لي شيء من الراتب، حاولت أن أنتقل إلى المدينةالمنورة حتى أستطيع أن أوفر جزءا كبيرا من هذه المصاريف ولكن النقل إلى الآن لم يأتي لأنهم اشترطوا توفير البديل مع العلم أن هناك من كانت لديه واسطة واستطاع أن ينقل بسهولة. وأضاف جبلاوي: قاربت أن أصل لعمر الثلاثين ولم أستطع إلى الآن أن أتزوج بسبب عدم تمكني من جمع مبلغ مالي يعينني على فتح منزل ودفع مهر وغيره من مستلزمات الزواج، ولا يمكن أن أبدأ حياتي بالزواج بالتقسيط أو الديون حتى لا تبدأ مأساة جديدة في حياتي تنحصر في التفكير في كيفية تسديد الديون، فأنا الآن وحيد ولا أصرف إلا على نفسي ولم أستطيع التجميع فكيف لو أني تزوجت وأنجبت أطفالا سوف يكون حجم المسؤولية المادية أكبر من الآن، وهذا ليس حالي فقط بل حال غالبية الشباب الموظفين بقطاع حكومي أو خاص. وقال أحمد عبدالله: تجاوزت الأربعين من العمر والآن استطعت أن أتزوج ولكني لم أتمكن من فتح منزل بسبب ظروفي المادية ومخالفات ساهر التي قاربت على الخمسين ألفا، كما أني لم أوفق في أية وظيفة لأنني تركت عملي الحكومي الذي كنت أعمل به بسبب حادث أصابني وأقعدني، وبعد أن شفيت منه لم أستطع العودة بسبب أن نفسيتي تدهورت وقاموا بفصلي من العمل. وأضاف بقوله: حاولت أن أجد وظيفة مرموقة ولكني لم أستمر بها بسبب قلة رواتبها وطول الدوام الذي لا أقوى عليه بسبب صحتي، والآن أعيش في منزل أهلي وزوجتي تعيش في منزل أهلها بسبب أوضاعي المادية. ويشاركه الرأي أيمن الجهني فيقول: تخرجت من الجامعة قسم لغة إنجليزية قبل حوالي خمس سنوات، قدمت أوراقي في وزارة الخدمة المدنية ولم أوفق في الحصول على وظيفة، كما أنني بحثت عن وظيفة في القطاع الخاص ولم أجد إلا في إحدى البنوك براتب ستة آلاف ريال، ولأني أقوم بالصرف على أمي وإخوتي بسبب وفاة الوالد فإن الراتب لا يكاد يكفي إلى نهاية الشهر، وأكيد أني لن أفكر في الزواج بسبب عدم تمكني من دفع مصاريف الزواج من شقة وفرش وإيجار ومهر وتكاليف فرح، هذا غير مخالفات ساهر التي تجاوزت العشرة آلاف ريال والتي لم أتمكن من دفعها وفي المقابل فإن رخصتي انتهت صلاحيتها ولم أتمكن من تجديدها.وأضاف: حاولت أن أجد مصدر رزق آخر يعينني إلا أن وقت الدوام في البنك لا يسمح لي حتى بالجلوس مع أهلي. ويقول سمير الشاوي: هناك الكثير من الشباب العازفين عن الزواج بسبب أوضاعهم المادية والتي لا تسمح لهم ببناء عش الزوجية، خاصة لمن لديهم أسرة يقومون بإعالتها، ونتمنى من الجهات المسؤولة النظر في أوضاع هؤلاء الشباب وفتح مجال آخر لمساعدتهم على الزواج غير بنك التسليف. ويشاركه الرأي زميله ماجد الشريف الذي يطالب بوضع خطة وحلول لمساعدة الشباب على إيجاد العمل الملائم والمناسب للوضع الاقتصادي الذي يشهد تضخما اقتصاديا يؤثر على ميزانية الكثير من الأسر التي ينحصر دخلها المادي بين المتوسط والمتدني. وفي موازاة ذلك، أوضح محمد آل رضي نائب مدير جمعية أسرتي أن الجمعية بادرت بتأسيس الصندوق الوقفي للزواج برأس مال 40 مليون ريال يتم جمعها كصدقة في حساب الجمعية من المتبرعين والمؤسسات المانحة ورجال الأعمال، حيث سيقدم الصندوق إعانات نقدية وعينية تعطى للمستفيد بعد دراسة حالته.