هي صدمة تفاجئك عندما تعلم أن أكثر مدينة بالسعودية وهي مدينة الفن والإبداع مدينة جدة، والتي تعج بإبداعات الفن التشكيلي، فمن صالات، وقاعات عروض، ومراسم، وتجمعات فنية، وتظاهرات تشكيلية، إلى تفريخ مجموعة عريضة من المبدعين والمبدعات، فالصدمة تفاجئك بافتتاح فرع للجمعية السعودية للفنون التشكيلية بهذه المدينة الرومانسية، ويتخذ لها مقر بغرفة حارس أحد المراكز الفنية! حينها تتوالى أنواع كثيرة من الأسئلة وعلامات الاستفهام. أهمها لماذا كل هذا الاستخفاف بالفن التشكيلي؟! وهو أهم وسيلة لتخليد حضارات الأمم، في حين الاهتمام بالنوادي الرياضية، والأندية الثقافية، والمسرح، وغير ذلك من الفنون والأنشطة تحظى باهتمام شامل ورعاية كاملة من الدعم المادي والمقرات المخصصة لممارسة كافة أنشطتها وتحقيق إنجازاتها. إلا فنوننا التشكيلية!! قد يردد البعض بأننا أنشأنا لكم الجمعية التشكيلية -الأم- ومقرها الرئيسي الرياض، ومعها أولادها -فروعها- في بقية المناطق، ألا يكفي هذا؟ والباقي قد تركناه عليكم -دبروا حالكم- أنتم وشطارة رئيس كل فرع لديكم.. فأقول من العيب جدا أن مثل بلدنا ولله الحمد مليئة بالخيرات، في حين مكتوب على جبين بقية فروع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية العيش في الشتات، وعلى الشحاتة، ورسوم العضويات. وأتساءل كيف يمكن لهم تأدية أنشطتهم، وتحقيق إنجازاتهم؟ إلى متى تظل الاجتهادات الفردية، واللهث، والدفع من الجيوب، ومد الأيادي للآخرين لتنفيذ أنشطتهم، ومقرراتهم؟ في كل البلدان يحظى الفن التشكيلي برعاية كاملة وأقربها الدول الخليجية، لاسيما ما تشهده مملكة البحرين التي تضم ثلاث إلى أربع جمعيات، وهي ذات المساحة المحدودة والنسبة القليلة من الفنانين والفنانات ومع ذلك تحظى بمقرات واهتمام متكامل. إنني أضع الأمر بين يدي معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، لدراسة مأساة غرفة الحارس التي تتنفس منها «جسفت»، وأمره بالحصول على مقر خاص ومتميز بدلا من هذه الغرفة البائسة، وبتحقيق مطالب الفروع من تخصيص ميزانيات ومقرات، والتي لا علم لدي بما هو حال بقية الفروع بكل من أبها وجازان ومكة والمدينة والأحساء والبقية الباقية.. أقول هذا وليس لي أي مطمع في أي شيء ولله الحمد، سوى أنني خجلت جدا من نفسي أن أحمل كلمة فنان تشكيلي، وأنا داخل للحصول على عضوية من خلال غرفة حارس، وحمدت الله أنه كان يوم خميس وكانت الغرفة مغلقة. أعلم بأن البعض لديه ردود جاهزة ومحفوظة بما ستضمنه من مبررات واهية، ومنها أن مقر الحارس مسألة وقتية، فلا تكترثوا، وأن الإنجازات والمشاريع هي التي تتحدث حتى لو كان صاحبها يعيش في جحر ضب. وأقول لهم لا حاجة لتوضيحاتكم الإعلامية، فما نريده من معاليه تحقيق مطلبين فقط، يتمثلان في تخصيص الميزانيات والمقرات لكل الفروع.