لا يصدق العقل أن مدينة المليون شخص يوجد بها سعودي واحد فقط متخصص في صناعة الأطراف الصناعية، ويخدم مئات المرضى شهريا «فني أطراف صناعية»، هذا الفني ما زال يساهم مع زملاء مهنته في الشؤون الصحية في محافظة الطائف لتقديم العون والمساعدة لكل معوق أو شخص تعرض لفقدان أحد الأعضاء أو للبحث عن مساعدات أو جبيرة. ومع ذلك النقص الذي تشهده تخصصات صناعة الأطراف في مناطق المملكة، وليس محافظة الطائف فقط، في فنيي زراعة الأطراف بسبب عدم تدريس هذه التخصصات في المعاهد والجامعات وإغلاق أحد المعاهد بعد تخريج ثلاث دفعات لا يتجاوزن 50 شخصا. إلا أن هناك شبانا وفتيات في قسم زراعة الأطراف في محافظة الطائف يعملون بصمت وبكل جهودهم دون مقابل مادي يمنح لهم، محتسبين ذلك الأجر وأنه من صميم أعمالهم ويتزودون بدعوات المرضى الذين يرسمون على شفاههم الابتسامات بعد خروجهم من القسم يسيرون على الأقدام رغم دخولهم على كرسي متحرك. الشاب صلاح الغامدي أنموذج للشباب السعودي الطموح والمخلص، حيث يعتبر الوحيد المتخصص في صحة الطائف في صناعة الأطراف يسانده زملاؤه في القسم، وذلك لتخفيف المعاناة عن عدد كبير من المرضى والمريضات الذين تعرضت أعضاؤهم للبتر بسبب الحوادث وبعض التشوهات الخلقية أو الأمراض التي تعرضوا لها في الأقدام أو الأطراف أو الظهر، حتى التشوهات الخلقية «قصر القدم» يقومون بتصحيح ذلك بعمل مساعدات لها بعد أن يستعينوا بقسم الأطراف الصناعية لمساعدتهم على إكمال الحياة كغيرهم من الأصحاء. ورغم التكلفة المالية التي يتطلبها هذا العمل، وهذه الأجزاء للمرضى، والتي لا تقل تكلفة كل عضو عن 20 ألف ريال، وتزيد حسب القطع والخامات المستخدمة، إلا أن هذه الأعضاء تقدم مجانا للمرضى ومحتاجيها على حساب وزارة الصحة دون مقابل للمواطنين، حيث تتراوح أسعارها في المستشفيات الخاصة ومحلات البيع بين 13 و75 ألف ريال تزيد وتنقص حسب النوع، حيث إن أجزاء ما فوق الركبة تكلف أكثر من 9 آلاف ريال، بينما ما تحت الركبة 6 آلاف، وهناك الحذاء بمبلغ 800 ريال، وهذه المبالغ لا يستطيع البعض توفيرها وتقدم للمراجعين دون مقابل. ويؤكد رئيس القسم حسام المالكي أن كل ما يقدم للمواطن في هذا القسم بعد تحويله من مستشفيات الصحة مجانا دون مقابل وهذا حق من حقوقه، حيث أن القسم يستقبل المرضى المحولين من المستشفيات في المحافظة، فيتم استقبال الحالات وتحديد المطلوب عمله للمريض بعد التشخيص والمعاينة، سواء أكان جبيرة، أو طرفا صناعيا، أو جهازا تعويضيا أو أحزمة ظهر أو حذاء، وكذلك يتم نفس الأجراء في القسم النسائي بعد ذلك يتم تحديد موعد للمريض حسب المطلوب يتراوح من 5 أيام وحتى عشرة أيام ليتم الانتهاء من تصميم الجزء المطلوب قبل الموعد للتركيب للمريض، ويشير عادل المالكي أحد العاملين إلى أن في القسم عددا من الغرف يمر بها العضو المطلوب تركيبه للمريض، ويكون ذلك في قسم تشكيل الجبس، والتي يبدأ منها تحديد مقاسات المريض بطريقة دقيقة جدا بعد أخذها من المريض يتم تصميمها على الجبس وبمواد معينة يدخل فيها الجبس وعدد من المواد الأخرى حتى الوقت يترتب عليه وزن المريض، حيث هناك أعضاء يتم تجفيفها عن طريق الفرن تستغرق ساعتين، والبعض 5 ساعات، وقد تزيد على ذلك، يتم بعدها تكوين العضو على الجبس وتصنيع الجزء المطلوب. ويشير الدكتور رائد المسرة إلى أن العملية تستغرق أقل من عشرة أيام حتى يتم التركيب على الشخص ويعطى شهر من تاريخ التركيب ليتم تعديلها أو تقصيرها قبل تثبيتها بشكل نهائي، وهذه خدمات تقدم للمرضى بجهود الزملاء في القسم، ويتطرق المسرة إلى أن هناك تعاونا مشتركا بين القسم والأقسام الأخرى في منطقة مكةالمكرمة، ويؤكد العاملون في قسم الأطراف في صحة الطائف أن هناك تقنيات جديدة للأعضاء، حتى وإن كانت غالية جدا لكنها مريحة وفعالة في خدمة المرضى. نورا الثبيتي، الفنية الوحيدة في القسم النسائي، تبذل جهودا كبيرة في هذا المجال، من خلال القيام بأخذ المقاسات والتصميم والرسم للأجزاء في بعض الأوقات، حيث أثبت تميز الفتاة السعودية في كافة المجالات. ويؤكد الدكتور أيمن شحوط أن هناك تقنيات جديدة متطورة في الكثير من الدول في صناعة الأطراف، وهذه لو توفرت ستساهم في تسهيل الكثير من المعاناة لبعض المرضى، حيث أنها إلكترونية وتعمل على الإحساس. ورصدت «عكاظ» من خلال الجولة التي قامت بها تفاني العاملين في القسم، كونهم الوحيدين في الطائف الذين يقومون باستقبال أعداد كبيرة تصل إلى 60 شخصا شهريا، ويتعبون من أجل رسم الابتسامة على شفاه المرضى، ويشير المتحدث الرسمي لصحة الطائف سراج الحميدان، في حديثه، إلى أن العاملين بالقسم لهم جهود بارزة ويعملون بصمت لا يعرفهم سوى المرضى، وهناك جهاز حديث سيكون نقلة للقسم في حالة وصوله لصحة الطائف، بينما أشار في سؤال حول قلة المتخصصين إلى أنه «إذا كان هناك حاجة لمتخصصين سيتم توفيرهم». رصد : رغم الجهود الكبيرة التي يقومون بها والحالات التي تجاوزت 1500 حالة خلال العام والنصف العمر الزمني للافتتاح، إلا أن هناك بعض الاحتياجات الهامة والتي رصدناها خلال الجولة، حيث ما زالت البدلات غائبة عن العاملين والعاملات في القسم ما عدا شخصا واحدا يمارس اختصاصه، وهؤلاء الآخرون يعملون تحت ظروف قد تؤثر على حياتهم منها غبار الجبس والمواد الكيماوية والآلات الحديدة التي يستخدمونها، والسؤال الذي يبحث عن إجابة لدى وزارة الصحة: لماذا لا يمنح هؤلاء بدلات تشجيعية أو مقطوعة نظير جهودهم، وتساهم في استقطاب زملائهم للعمل، وتتناسب مع الجهود التي يقومون بها وما يتعرضون له من مخاطر في القسم، كما أن هناك أسماء تشارك العاملين في القسم في بعض الحالات يأتي في مقدمتها مساعد العدواني وحسام الثقفي.